Friday 28/10/2011/2011 Issue 14274

 14274 الجمعة 01 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

فقيد الوطن

 

الأطفال والنساء يرسمون لوحة وفاء في الوداع الأخير

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

متابعة - بنان المويلحي- هبة اليوسف - فاطمة الرومي

المكان: جوامع الرياض، والزمان: بعد صلاة العصر، والمشاركون: أطفال وسيدات من مختلف الأعمار سارعن للمشاركة بالصلاة على فقيد الوطن الغالي ولي العهد سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز.

مشهد جمع الكبير بالصغير والغني بالفقير لتأدية صلاة الميت والدعاء لفقيد الإنسانية سلطان بن عبدالعزيز، في جامع الراجحي الذي يتسع لأكثر من 2500 مصلية. احتشدت النسوة والأطفال ولم تمنع الشيخوخة والعجز المصليات من المبادرة بالقدوم وتأدية صلاة الغائب على الفقيد، حيث غلب حضور المسنات وشارك الأطفال بقلوبهم الطاهرة في الدعاء والصلاة.

وهناك كانت منار الطفلة ذات السنوات الأربع التي أبت إلا أن تشارك والدتها في أداء صلاة الميت والدعاء لولي العهد الراحل، براءتها وحضورها كانا خير شاهد على مشاعر الحب للفقيد الغالي.

في جامع الراجحي عرف الحزن طريقه لوجوه السيدات اللاتي سبقت دموعهن ألسنتهن للتعبير عن فقدهن لسلطان الخير، مستذكرات الأعمال الإنسانية الجليلة التي سيخلدها التاريخ بمداد من ذهبٍ، وبما عُرف عنه من حبه للخير والعطاء الذي شمل كل محتاج من اليتامى والأرامل والفقراء، وذوي الاحتياجات الخاصة، ليس في داخل المملكة فحسب، بل في كل أقطار العالمين العربي والإسلامي وودعت المملكة فقيدها الغالي الذي مثل رحيله «رحمة الله عليه» خسارة كبيرة للأمة العربية والإسلامية.

كثافة في الحضور

وفي جامع العويضة المشهد لا يختلف كثيراً عن الجوامع الأخرى فالحزن ولوعة الفقد كانت حاضرة بقوة في قسم النساء وكثافة الحضور والمشاركة أعادت إلى الأذهان مشهد صلاة التراويح، في جامع العويضة، لم تتأخر النساء عن المجيء للصلاة على فقيد الأمة، فقد حضرت المصليات من جميع الأعمار يشاركهن أطفال لم تتجاوز أعمارهم العشر السنوات.

أم فيصل استرجعت ذاكرتها وحدثتنا بدموع الفقد: أتذكر ذلك اليوم الذي ذهبت به إلى البنك أسألهم أن يراعوني في القرض البنكي، عندما قال لي الموظف: اذهبي إلى الأمير سلطان ليسدده عنك فلم يرد أحداً يوماً، وأضافت: بالفعل الأمير سلطان -رحمه الله- كان كذلك، وبالرغم أنني لم أقابله إلا أن الصغير يشهد على ذلك قبل الكبير. ولم تتوقف -أم عبدالرحمن- عن البكاء منذ أن أنزلها ابنها العشريني بمقعدها المتحرك بمفردها، متكبدة عناء المرض لتصلي على فقيد الأمة وتدعو له بقلب صادق يملؤه الحزن على رحيله.

أما أم لمى فتؤكد: رغم أننا لا نعرفه عن قرب إلا أننا تأثرنا كثيراً برحيله، كيف لا ونحن شاهدنا بأنفسنا عطاءه اللامحدود لليتامى والفقراء فقد كان أبا حنوناً لهم، يساعدهم بكل ما أعطاه الله، وأضافت: لا أحد يستطيع نسيان تلك الابتسامة الدائمة على شفتيه - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

قصص لم تُحكَ

في زاوية من زوايا المسجد، كانت تقرأ القرآن وصوتها يرتفع بالبكاء، أم فهد لم تستطع أن تحكي لنا قصتها، ولكنها رددت: اللهم ارحمه ووسع له في قبره كما رحمنا وعطف علينا، تقول أم فهد: لا أستطيع أن أحكي لكم ما الذي فعله من أجلنا ولكن ما أقول إلا «الله يصبرنا في مصيبتنا».

أم عبدالمجيد حضرت للصلاة بسيارة الأجرة، تقول: بالرغم من أنني لم أجد من يوصلني إلى المسجد إلا أنني لم أشأ أن أتأخر عن حضور الصلاة والدعاء له، وما فعلته ليس إلا نقطة في بحر عطائه - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-.

خيره مستمر

وفي مسجد إمام الدعوة رأينا مسنة من الجنسية الباكستانية جاءت للصلاة تقول: هذه أول مرة أصلي على الأموات في غير الحرمين الشريفين، وتكمل وهي تمسح دموعها: «رحمه الله لم يكن خيره مقتصراً على السعودية فقط فمن يطلبه لا يرده خائباً مهما كانت جنسيته».

وأضافت: أنتم في نعمة يجب أن تحمدوا الله عليها فأكبر نعمة هي نعمة الأمن والأمان التي يفتقدها كثير من الشعوب حولكم فأنا أعيش بخير في المملكة منذ أكثر من ثلاثين سنة وأولادي درسوا في المدارس الحكومية ويتكلمون اللهجة السعودية ولا أحد يعرف أنهم باكستانيون فهم لا يعرفون باكستان إلا اسما فقط ونسأل الله العزيز أن يحفظ على المملكة أمنها ويحفظ ملوكها الكرام.

أم عبدالمحسن إحدى مغسلات الأموات بادرتنا بالتعزية في سلطان الخير كما تحب أن تسميه وهي تدعو له بالرحمة وتثني عليه ثناء العارف مبينة أن ثلاثة من إخوتها من الضباط المرافقين للأمير سلطان وإنهم جميعا يكنون بأبي سلطان، وتقول: إن إخوتي دائما يرددون لو لم يأخذ أبناؤهم من صفات سلطان الخير سوى ابتسامته المعهودة لكان ذلك كافيا، وتشير إلى أن سلطان الخير لم يرد سائلاً قط حتى لو علم أنه ميسور الحال فنسأل الله أن يقبله قبولاً حسنا فهو أكرم الأكرمين.

وعند بوابة جامع الإمام تركي بن عبدالله مشهد آخر لعدد من المتسولات اللاتي حرصن على الحضور والبقاء بقرب البوابة منذ وقت مبكر لعلمهن أن خيره لن ينقطع حتى بعد وفاته. رحم الله صاحب الابتسامة الصادقة والقلب الكبير الذي ضم البعيد قبل القريب واحتضن كل محتاج، بدموع صادقة وألسنة تلهج بالدعاء لرجل غيبه الموت وطواه الثرى لن نقول سوى رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة