Saturday 29/10/2011/2011 Issue 14275

 14275 السبت 02 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

زوايا

فقيد الوطن

نايف أمن وأمانة

متابعة

الرياضية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

نايف.. أمنٌ وأمانة

      

تعيين سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وليّاً للعهد، خلفاً لسمو الأمير سلطان رحمه الله، يثبت أمرين: أولهما أن هناك سلاسة في إيجاد البديل دون أيّ مصاعب أو أزمات؛ فما إن انتهت مراسم التعزية في فقيد الوطن الأمير سلطان، حتى صدر الأمر الملكي بتعيين سموه.. الثاني: أن ولاية العهد اختار لها خادم الحرمين الأكفأ، والأقدر على الاضطلاع بمسؤوليات هذا المنصب، سواء في الحاضر أو المستقبل.

سمو الأمير نايف يملك تاريخاً من الخبرة والكفاءة يجعل منه الرجل المناسب في المكان المناسب فعلياً. فلم يكتنف المملكة منذ تأسيها تحدياً خطيراً مثل تحدي الإرهاب، الذي عانينا منه أشد المعاناة، ومع ذلك أدار سموه دفة المعركة بكل اقتدار وتمكن، حتى تجاوزنا هذه الأزمة الدقيقة، وزادت جذور المملكة قوة، والاستقرار رسوخاً.

قضية الإرهاب التي مرت على المملكة كانت قضية معقدة وشائكة ومتشابكة، اختلطت فيها الثقافة المحلية بالثقافة الوافدة، والفكر بالجريمة المنظمة، والخارج بالداخل؛ حتى أصبح التعامل معها غاية في الصعوبة والتشابك والتعقيد، والحساسية أيضاً نظراً لطبيعتها الثقافية، وارتباطها بقضايا الدين، أو هكذا يُقدمون أنفسهم أربابها، ويبررون تجاوزاتهم، وانتهاكاتهم للأمن والاستقرار في البلاد. ومن المعروف في التاريخ السياسي أن الأزمة التي يستطيع القائد أن يمرَّ بها، ويتجاوزها، تنعكس انعكاساً إيجابياً على مكانته فتزيدها قوة، وعلى خبراته وتجربته فتزيدها ثراء؛ وهذا ما حصل مع سموه.

وعندما ننظر إلى القضية من زاوية أخرى تثبت أن هذه البلاد دائماً ما تتجاوز الأزمات، وتؤكد المرة تلو الأخرى أنها قامت لتبقى، وأن بقاءها واستمرارها كان مبرراً، قوامه أنَّ الرجل الأكفأ والأقدر على القيادة هو الذي سيتقدم الركب، ويقود المسيرة؛ ولا مجال في ذلك للمجاملات؛ فالعبرة دائماً بمصلحة البلاد التي لا مساومة عليها؛ فهي بمثابة شرط الضرورة الذي لا يمكن التنازل عنه، أو تخطيه، مهما كانت المبررات.

ولم يكن تعيين الأمير نايف خلفاً للأمير سلطان مفاجئاً، بل كانت كل التوقعات تكاد تجمع على أنه سيكون الخلف؛ ومثل هذا الإجماع يُقرأ على أنه شبه (توافق) على أهليته لهذا المنصب، وأن أحقيته به شبه قطعية.

ومن استمع إلى كلمة التعزية في الأمير سلطان التي قالها الأمير نايف بُعيد وفاته، ونشرتها وسائل الإعلام، يستطيع أن يستشف منها حضوره الذهني، وحكمته، وانتقائه للكلمات بعناية، وقدرته على التعامل مع الأزمات تعامل الخبير المجرب؛ فبقدر ما أشاد بالفقيد رحمه الله، فقد شرح ثوابت العلاقة بين الملك وولي عهده، التي جسدها خير تجسيد الأمير سلطان طوال فترة شغله لهذا المنصب؛ وبلغة متمكنة، ومنضبطة، أكد أن هذه العلاقة هي أحد (التقاليد المرعية) في التعامل بين الملك وولي عهده؛ فالرأي يُطرح أولاً بمنتهى الصدق والأمانة أمام الملك في مرحلة التداول قبل اتخاذ القرار، ولكن بمجرد أن يتخذ الملك القرار يصبح ملزماً للجميع، وتتحول أي وجهة نظر أخرى مخالفة إلى الماضي، وكأنها لم تكن. ورغم أن كلمة التأبين كانت قصيرة، إلا أنها كانت بليغة، واضحة، ولا تحتمل إلا احتمالاً واحداً، مؤداها أن ولي العهد في (تقاليد) البيت السعودي الحاكم ليس فقط وريثاً للحكم بعد الملك فحسب، وإنما هو أيضاً العضيد، والمستشار الأمين للرجل الأول في قمة الهرم.

رحم الله الأمير سلطان رحمة واسعة، وحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسدد خطى الأمير نايف؛ فقد كان بالفعل خير خلف لخير سلف.

إلى اللقاء،،،

 

شيء من
وتستمر المسيرة
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة