Tuesday 01/11/2011/2011 Issue 14278

 14278 الثلاثاء 05 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الإعلانات

زوايا

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وحدة وطن

 

نايف بن عبدالعزيز طاب المنبت..فنبت الطيب

 

 

 

 

 

 

 

 

رجوع

 

الكتابة عن شخصية متفردة في جوانبها الإنسانية والقيادية مثل شخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز تدعو للتوقف والتأمل والحيرة، فمن أي الجوانب يمكن أن يتناول الكاتب سيرة من أمضى حياته في الحكم والإدارة، وكان قريباً من أسد الجزيرة، ومتلقياً البيعة لولي عهده وهو في ميعة الصبا، وأميراً لنجد في بدايات الحكم الزاهر، ومازالت أبجديات التنمية الإدارية لم تتضح بعد.

ولأن المملكة العربية السعودية تسير بخطى واثقة نحو التقدم والنهضة، منذ عهد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل آل سعود - طيب الله ثراه - والذي أقام عرى هذه الدولة على أسس فتية تحكِّم الشريعة وقواعد الإيمان النقي الخالي من كل محدثات الأمور، ونجح في تأسيس مدرسة تعتمد على الروية، والتأني، والحكمة، والمشورة، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.

فقد تخرَّج الأبناء في مدرسة الوالد المعلم، فالتزموا بحكمته وتجربته، ونظرته الثاقبة، وتعلموا كيفية اختيار الرجل المناسب للمهمة المناسبة وفي الوقت المناسب، وهذا يتسق مع منهجية ومرتكزات المملكة في تحكيم الشرع الحنيف، مع التحري والتأني والتدقيق في اختيار الرجال.

من هذا المنطلق كانت النظرة المتفحصة الواعية حاضرة عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين أمره السامي الكريم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - يحفظه الله - وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء واحتفاظه بحقيبة وزارة الداخلية.

وهذا الاختيار صادف أهله مرتين، فمرة لأن الأمير نايف يمتلك من الخصائص الشخصية ما يؤهله لتبوأ هذا المنصب الرفيع، ومرة لأن من أهم ما تعانيه الأمم والشعوب والدول في عصرنا الحاضر هو الهاجس الأمني.. الذي بدونه تتعثر كل خطط التنمية التي يتمناها القادة لشعوبهم في كل المجالات تعليمياً، وصحياً، واقتصادياً، وسياسياً، وبلا شك فإن المنوط به تنفيذ هذا على أرض الواقع هو المسؤول الأمني الأول، وذلك لإدراكه أن الأمن هو الأساس الأهم لأي فعاليات حضارية مهما كانت صغيرة، فبدون الأمن تختلط الأمور، ويضرب الحابل في النابل، ويصيب الناس الهلع والفزع، وكل هذا ينتج عنه اهتزاز الأمن وزعزعة الاستقرار، وانتشار الفوضى، وهو ما تعيشه بلدان كثيرة - مع الأسف الشديد - نتيجة غياب كل المرتكزات الأساسية لاستتباب الأمن.

إن الأمير نايف بن عبدالعزيز هو المصمم الأول للمنظومة الأمنية الحديثة في المملكة، يهتم بها ويطورها، ما ينعكس على المجتمع أمناً واستقراراً، يشهد على ذلك مطاردة بقايا الفئة الضالة من فلول الإرهاب، والتي تتهاوى وتتساقط يوماً بعد يوم، وانحسار موجات التطرف ومنظمات الجريمة التي تستهدف فلذات أكباد هذا الوطن.. الشباب.. من خلال تهريب المخدرات بأنواعها، وبالتالي فقد أصبحت المملكة واجهة للأمن والأمان، ومضرب المثل في الأمن والاستقرار.

ولا شك أن الأمير نايف يحظى باحترام جميع أفراد الشعب السعودي، نتيجة أسباب ذاتية في شخصيته، بالإضافة إلى الكم الكبير من الخبرات العملية والعلمية التي تراكمت مع مرور الأحداث، والتجارب والممارسات المقرونة بالعقل الذكي المنفتح على كل تجارب الدول الأخرى، فأخذ منها ما يتواءم ويتلاءم مع خصوصية المجتمع السعودي.

والأمير نايف له باع طويل في المعرفة بخصائص وطبائع الشخصية السعودية.. يتتبع الأحداث والمتغيرات.. ومواطن التأثير والتأثر فيها.. على علم تام بالتركيبة القبلية، وخصائصها، وخصائص أنسابها.. يحسن صياغة الحديث، وانتقاء الأنسب.. وإذا تحدث فهو قوي الحجة.. سريع البديهة.. حاضر الذهن، متقد المشاعر.. فياض العواطف.. نبيل الإحساس.. تناخ المطايا في حضرة مكارم أخلاقه، وطيب شمائله.. يوم تلوذ بالمحتاج الأحلام والآلام، وحين يطمع المتوثبون للمعالي في التواصل مع سموه الكريم فذلك لأنهم في حاجة ماسة إلى قطف ثمار الحنكة المحروسة بالحكمة من شجرة تجاربه.. فهم في يقيني استمداد، وسموه عطاء إذا استرسل في الحديث، يستشهد بما رسخ في عقله، وما اختلج في خاطره، واستقر في قلبه من معرفة تامة بالشريعة السمحة، وثبوت عقيدته السليمة، ولرهافة حسه، ودقة ذكائه، نجده يستشهد بما ورد في القرآن الكريم من معان، وتصوير، وتمثيل، له فراسة موروثة من روح والده رحمه الله ما تزال وستظل تشتعل في عالم الأحلام واليقظة، وهو الذي يصدق فيه قول سقراط الحكيم (علامة الملك الذي يدوم ملكه أن يكون الدين والعقل حبيبين في قلبه، ليكون في رعيته محبوباً، وأن يكون فضله غزيراً، وبيته كبيراً، ليعظم عند الفضلاء، ويربي الأدباء ليتفرغوا للأدب).

وفراسة نايف بن عبدالعزيز في معرفة عالم الرجال من خلال الإلماحة الأولى ونظرته الثاقبة تجعله يتحسس حرارة الدم من فوق الورق، إنه مملكة من الحلم والحياء، والأمل، والقوة، ودولة من الخلق الفسيح الواسع، طاب عيشه كما طابت أخلاقه.

لقد تقاربت شخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز من شخصية والده الذي يقدر الرجال وينزلهم المكانة التي يستحقونها من الذين لهم دور على مسرح الأحداث، فكان أبوه - يرحمه الله - يهتم بمن يجد فيه الإخلاص والقوة والشجاعة، فيكرمه ويبذل كل ما في وسعه إما بمنصب يسنده إليه إن كان يصلح لإدارة الأعمال السياسية، أو الإدارية، وإما بمال وإكرام إذا كان ممن لا يصلح للمنصب، أو يرى أنه أكبر من المنصب، أما الرجل الذي من خلقه التمرد واللؤم كما هو الحال من بعض الناس، فإن هذا النوع يعامله عبدالعزيز بطريقة تتناسب معه، أما الرجل الثالث الذي لا يجد فيه خيراً ولا شراً فهذا يعامله عبدالعزيز إما بالرحمة والعطف إن كان من ذوي قرابة أو ذوي العبادة، وإما بالإهمال وعدم الاكتراث به. وقد روي عنه طيب الله ثراه إعجابه وترديده لقصيدة الأفوه الأودي:

لا يصلُحُ الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم

ولاسراة إذا جُهالهم سادوا

تهدى الأمورُ بأهل الرشد ما صَلَحت

فإن تولَّوا فبالأشرار تنقاد

إذا تَولّى سَراةُ القوم أَمرَهمُ

نما على ذاك أمر القوم فازدادوا

والبيتُ لا يُبْتنى إلا له عَمَدٌ

ولا عِمادَ إذا لم تُرْسَ أوتادُ

فإنْ تَجمَّعَ أوتَادٌ وأعمَدة

وَسَاكنُ بلغوا الأمر الذي كادوا

وإِن تجمَّعَ أقوامٌ ذوو حَسَبٍ

اصطادَ أَمرهم بالرشُّد مُصطادُ

أَمارةُ الغيّ ان تلقى الجمع لدى الـ

إبرام للأمر والاذناب أَكْتادُ

كيف الرَشادُ إذا ما كنْتَ في نفر

لهم عن الرُّشدِ أغلال وأقيَادُ

أعطُوا غُوَاتُهم جَهْلاً فَقَادتَهم

فكلُّهم في حِبَالِ الغَيِّ مُنقادُ

فينا معاشرُ لمَ يَبْنُوا لِقَومِهِمُ

وإنْ بنى قومُهُمُ ما أفسَدُوا عادُوا

لا يَرشُدُون، ولنْ يرعَوا لِمُرشِدِهِمْ

فالغَيُّ منهم معاً والجهل مِيعادُ

كانوا كمِثْل لُقيمٍ في عشيرته

إِذْ أُهلكتْ بالذي قد قدّمت عادُ

أو بَعْدَه كقُدارٍ حين تابعه

على الغَواية أقوامٌ فقد بادُوا

وعلى المستوى الشخصي، فإنني مدين أباً عن جد لبر نايف بن عبدالعزيز، إذ كان لآبائنا مكانة لدى سموه لم نعرف نحن الجيل الثاني ملامح هذه العلاقة وأطرها، وحدودها ومسبباتها، ولكننا نقرأ في عين سموه الكريم، وكلماته الحانية مؤشرات الود، وملامح الرضا، وهو الذي يكرمنا في كل مرة نتشرف بالسلام عليه بالسؤال عن الأحوال، أعز الله سموه الكريم وجزاه عنا خير الجزاء.. لقد رضعنا - وأبناء جيلنا المحظوظ - من حليب هذه البلاد ولبسنا من محاسن ديباجها، ونلنا من خيراتها تربية وعلماً وترفيهاً ودلالا، وندرك أن مدار كل الأمور على العقل، وثمرة العقل فهم الخطاب، وإثبات الدليل، واستيعاب المقصود، ملتزمين أن لا نخضع مشاعرنا وعواطفنا وعقولنا لغير عقيدتنا الموحدة لله سبحانه وتعالى فهي الأساس، وهي الهداية، وهي الجناح الذي لا يهيضه رماة ولا قطاع طرق، قادرين بإذن الله على صون الميراث، فخصال الأباء يرثها الأبناء، مدركين أن هنا وطناً كبيراً، هو وطن النبوات والمعجزات، ينتظر قدراتنا ورجولتنا وسمونا الخلقي، فننضبط مع مثلنا وقيمنا، نقاتل من أجله كل السلبيات وكل النزعات، لا نسمح أن تظمأ أرواحنا، وتجوع مشاعرنا، وتتثاقل جماجمنا، ولا نلتفت إلى البائسين سجناء الشعارات ومذاهب الغلو، مدركين أنه قد يكون في ذات الإنسان لصوص ترقد في زوايا مظلمة من أعماق النفس، وإن طال بنا الطريق، نعزم ونجزم على شائلة الأحمال من الهموم للحفاظ على وطننا خاصة إذا كانت الحياة هي السؤال والجواب هو الغموض.

إن سمو النبيل الأمير نايف بن عبدالعزيز مضرب المثل في الوفاء وهي خصلة من أعز القيم لديه ومن أنبل شيمه وفيه يصدق قول علي بن الجهم:

حلبنا الدهر أشطره ومرت

بنا عقب الشدائد والرخاء

وجربنا كما جرب أولونا

فلا شيء أعز من الوفاء

والعفو عند الأمير نايف جعله يملك رقاب الأحرار بإحسانه إليهم مستلهما قول المتنبي:

وما قتل الأحرار كالعفو عنهم

ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا

وهو في صبره وشجاعته على الملمات يتمثل قول الشعر:

تنكر لي دهري ولم يدر أنني

شجاع وأحداث الزمان تهون

وبات يرني الدهر كيف اعتداؤه

وبت أريه الصبر كيف يكون

وسموه الكريم محافظ على شباب ونضارة الدولة حتى لا تذوي فتذوي معه الوحدة والتوحيد فتحل الخلافات والفتن.

أورد كتاب (أمن وطن في أمير) القول: إن أصحاب المصالح الاقتصادية ينعمون بالأمن في بلد الإسلام والإيمان وهذا ما يؤكده كلام المستشار البريطاني جراهام توميم Graham Tomim الذي نشرته صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في عددها الصادر يوم 1-10-1997م إذ يقول: "لماذا وأنا فيما أزعم أنني أعيش في دولة متمدنة (بريطانيا) أتعرض إلى التهديد والقتل مرات ومرات. ودوماً أسير خائفاً على نفسي وحياتي ومالي، في الوقت الذي عشت في بلد يقال إنها غير متمدنة (المملكة العربية السعودية) عشت بها ستة أعوام. أمشي في جنح الظلام وربما في الشوارع الجانبية والخلفية لمدينة الرياض لا أشعر بالخوف والقلق".

إن اهتمامات ونشاطات الأمير نايف الكثيرة تؤكد حجم الخبرات المكتسبة عبر تجارب السنين والأيام والأحداث، وكلها - بلا شك - تصب في مصب واحد هو الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، وضمان تنفيذ خطط التنمية الشاملة لرفع مستوى المواطن السعودي، وتحقيق الأمن الفكري وترسيخ الوحدة الوطنية، ورفع مستوى وعي المواطن، وليس هذا فقط بل تتسع النظرة لدى سموه لتجاوز حدود الدولة الإقليمية، وتنظر إلى نصرة الإسلام وحماية بلاد المسلمين - قدر المستطاع - لذلك فقد اهتم سموه بالكثير من الأنشطة العلمية والبحثية والاجتماعية والأمنية، ومن هذه الأنشطة:

جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة.

جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز التقديرية لخدمة السنة النبوية وعلومها.

مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز لحفظ الحديث الشريف.

كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة موسكو.

كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات السنة النبوية بجامعة الملك سعود.

كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود.

كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود.

كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للوقاية من المخدرات بجامعة الإمام محمد بن سعود.

وفوق هذا وذاك، فهناك الكثير من المهام والمسؤوليات التي يشرف عليها ويتولاها سموه، ومنها: على سبيل الذكر:

رئيس مجلس أمراء المناطق الذي ينعقد بصورة دورية كل عام.

رئيس المجلس الأعلى للإعلام.

رئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي.

رئيس لجنة الحج العليا.

رئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني،

رئيس مجلس إدارة جامعة نايف للعلوم الأمنية.

الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب.

رئيس الهيئة العليا لإغاثة الشعب الفلسطيني.

رئيس مجلس القوى العاملة.

رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية.

نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.

عضو في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

وفق الله صاحب المقام العالي سيدي الأمير النبيل نايف بن عبدالعزيز ولي العهد المعظم وأيده بالنصر.

د. أحمد بن زيد الدعجاني - أستاذ الإدارة التربوية المساعد بجامعة المجمعة

Dr.azdajani@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة