Monday 07/11/2011/2011 Issue 14284

 14284 الأثنين 11 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في مدينة تسكن مركز العالم وتقبع بهيبتها وضوئها ورنين اسمها في قلبه, يتوافد الناس من كل أصقاع الأرض إليها لأداء أحد أركان الإسلام الخمسة, إلى مكة المكرمة أطهر بقاع وأشرفها, «مكة» التي لا تشبه سوى نفسها هي ليس مدينة بل تميمة معلقة على صدر الأرض إلى حين يتشقق الزمان, هي كحوض استحمام ضخم تغتسل فيه من كل خطاياك وآلامك ثم تمضي إلى دنياك بروح طاهرة وأحلام سامية.

في هذا المكان الذي يعج بالطهارة والروحانية تستقبل مكة المكرمة حجاج بيت الله بحضن كبير وإنصاف لا مثيل له, تستمع إلى شكواهم ودعواتهم وترفعها إلى الرحمن الرحيم.

بشر جاؤوا من كل بقاع الدنيا, منهم الأبيض والأسود, العربي والأعجمي, الشاب والكهل والغني والفقير والسعيد والشقي, جاؤوا بحثا عن رضا رب الكون ومغفرة ورحمة منه جل جلاله لتعيدهم إلى أوطانهم مطمئني القلب خالين من الذنوب كما ولدتهم أمهاتهم.

استضافة هذا المحفل العالمي الأضخم واحتضان هذا الاجتماع الطاهر, ما هو إلا شرف ورفعة وفخر عظيم حظيت به مملكتنا الحبيبة منذ أن وحدها الملك المؤسس عبد العزيز -طيب الله ثراه- ومسؤولية شاقة ألقيت على عاتق هذه الحكومة التي لم تدخر جهدا لتطوير موسم الحج عاما بعد عام حتى أبهرت كل حاج بضخامة التجهيزات والاستعدادات لاستقبال ضيوف الرحمن الذين تحيطهم عناية الله, وترعاهم أيد أمينة نذرت نفسها لخدمة حجاج بيت الله الحرام, جهود مستمرة لا تكل ولا تمل, تعمل بإخلاص قل نظيره لتوفير أقصى درجات الأمن والأمان والراحة لقاصدي بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة, ممن لبّوا نداء الرحمن وجاؤوا رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق, ليشهدوا منافع لهم, وليذكروا الله في أيام معدودات.

ومن فضل الله سبحانه وتعالى أن سخر لهؤلاء الحجاج رجال أمن شجعانا على استعداد لأن يدفع أرواحهم ثمن حماية مقدسات بيت الله من شر كل حاقد وجاحد وكاره, ففي كل عام ومع اقتراب موسم الحج تثار شائعات من هنا وهناك عن نية بعض المبغضين أعداء الإسلام والمسلمين لإثارة الفتن والقلاقل وتعكير موسم الحج وكأنهم يؤكدون قول الشاعر:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

حتى يراق على جوانبه الدم

ولكن المملكة متمثلة برجال أمنها المخلصين وقفت بالمرصاد لكل هؤلاء, حيث لن تتساهل مع تلك الأطماع المريضة بل ستضرب بيد من حديد وتقطع أصابع كل من يفكر بمساس بأمن المسلمين الآمنين.

أفخر وترتفع قامتي، كلما قرأت عن تلك الجهود الجبارة التي تبذل كل عام, أشعر بالسعادة والهيبة حينما أرى منظمة الخدمات الكاملة التي توفرها المملكة تتسع كل عام لتغطي كافة الجوانب دون أن تغفل عن أبسطها, ابتداء من الجسور والقطارات والمياه والخيام وصولاً إلى المستشفيات والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف المجهزة بأجهزة التنفس الصناعي والإنعاش القلبي وغيرها, ورجال الأمن والمراقبين الذي ربطوا الليل بالنهار سهروا ووضعوا العرق في مكانه الصحيح حين تابعوا بكاميرات تنتشر في كل مكان شؤون الحجيج, وصولاً لمحاولة الحفاظ على النظافة وتوفير الغذاء وتوزيع عشرات الآلاف من المنشورات باللغات المختلفة للتوعية, بالإضافة لإقامة الندوات والمحاضر الدينية.

منظومة متكاملة من الخدمات التي تقدمها المملكة بمليارات الريالات لضيوف الرحمن الذين جاؤوا من كل مكان منهم من عاش متقشفاً لمدة عام أو أكثر ليحظى بحجة تغسله من الذنوب والخطايا, ومنهم من تحدى الآلام والكبر حتى يؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام ويشاركهم بقية المسلمين ممن لم يتمكنوا من الحضور.

كل التجهيزات الضخمة لا يمكن أن تنجح دون وعي من الحجاج أنفسهم, وتفاعلهم مع هذه الجهود بشكل يسهم ببناء انطباعات إيجابية وترسيخ مفاهيم مضيئة عن الحج.. المغفرة والرحمة والروحانية والحب ولامكان للشعارات والطوائف والإيديولوجيات.

فليحفظ الله حجاجنا من كل شر ويجزي كل من ساهم في إنجاح حج هذا العام الخيركل الخير، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

Twitter:@lubnaalkhamis
 

ربيع الكلمة
من كل فجّ عميق
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة