Tuesday 08/11/2011/2011 Issue 14285

 14285 الثلاثاء 12 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع، خلفاً لسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، يدل دلالة واضحة على أن هذه البلاد تسير بخطى ثابتة وهادئة ومُتئدة نحو الاستقرار والتواؤم مع المستجدات، وإيكال المسؤوليات القيادية إلى النخبة من خيارها. وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز كانت بلا شك مصيبة، فقدنا بسببها واحداً من كبار جيل المؤسسين، غير أن البديل كان جاهزاً، وكما قال الشاعر:

إذا مات مِنا سيدٌ قام سيدٌ

قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ

الأمير سلمان بن عبدالعزيز لمن يعرفه، ويعرف قدراته القيادية وإمكاناته، وتاريخه الطويل، وتجربته في الحكم، هو رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهو والرياض المدينة وجهان لعملة واحدة؛ أحبها وأحبته، وأعطاها زهرة شبابه، فبادلته حباً وعشقاً وتكريماً، حتى أصبحت كأنها هو، وأصبح كأنه هي. لا يمكن أن تقرأ الأمير سلمان بمعزل عن الرياض، ولا أن تقرأ الرياض بمعزل عن الأمير سلمان؛ فتلك المدينة التي كانت صغيرة، لا يتعدى سكانها مائة ألف نسمة أو يزيدون قليلاً عندما أسندت إليه مسؤوليات إمارتها، والتي انطلق منها المؤسس لينسج ملحمة الوحدة والتوحيد في بدايات القرن الميلادي الماضي، هاهي اليوم المدينة المترامية الأطراف، التي يسكنها قرابة الستة ملايين نسمة، وقد أصبحت إحدى عواصم القرار والتأثير على مستوى العالم، تكتظ حيوية ونشاطاً، وتنمو وتزدهر لتتماهى مع متطلبات الزمان، وتتجاوب مع تحديات العصر في كل صبح يوم جديد. الرياض هي فخرُ سلمان بن عبدالعزيز، وملحمة إنجازاته، وهي حبيبته وعشيقته؛ تُشبهه كثيراً ويُشبهها كثيراً، أخذ منها كثيراً من طباعه، ومن ملامحها وعراقتها وتاريخها جزءاً كبيراً من شكيمته وأنفته وثباته وشموخه وإصراره على الثوابت. والأمير سلمان (الحاكم) لا يختلف عن الأمير سلمان (المثقف)، والقارئ، والمتابع، الذي لا تفوته شاردة ولا واردة في الساحة الثقافية إلا وكان محيطاً بها وبكل تفاصيلها. التاريخ في قاموس الأمير سلمان هو (تجربة الإنسانية)، لا يمكن أن تكون حاكماً، وبالذات في بلاد منها انطلق الإسلام، ومنها تشكلت العروبة، وأنت لا تقرأ التاريخ، ولم تُلمَّ بجذور هذه البلاد المعرفية، وتُثري بها رؤاك وأفكارك؛ فالتاريخ -كما يقولون- يصنع الرجال. لذلك فهو (مرجع) في تاريخ هذه البلاد، مُطلع على أدق تفاصيله، وهو لا يُمارس ذلك ترفاً أو متعة، وإنما يراه (شرط ضرورة) لأي حاكم أراد أن يُدير شأناً من شؤون هذه البلاد على هُداً وبصيرة. وكل من ناقش الأمير سلمان، وحاوره في أمر ثقافي، يكتشف فوراً عمقه وقدراته فضلاً عن إحاطته بشكل استثنائي بكل تفاصيل الموضوع الذي يحاورك فيه. ويندر أن يكون ثمة كاتب سعودي يكتب في الشؤون الثقافية والاجتماعية لم يتصل به، ويحاوره ويناقشه؛ وربما يختلف معك، ويقف مع ما تقول موقفاً قد يصل إلى النقيض أحياناً، غير أنه يناقشك ويجادلك ويبحث عن الحجج ليسند بها رؤاه واستنتاجاته، كأي مثقف آخروقد تفترقان وأنت عند رأيك، ومع ذلك يبقى الاختلاف لا يُفسد للود قضية. ومثل هذه المواقف يعرفها، ويشهد بها، كل من عرف الأمير عن قرب، وناقشه وحاوره سموه في قضية ثقافية.

رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ووفق خلفه وشقيقه وعضيده الأمير سلمان بن عبدالعزيز ليقوم بالمهام التي أوكلها إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وهو بحول الله وقوته خير خلف لخير سلف؛ وأدام على هذا الوطن أمنه ونموه واستقراره.

إلى اللقاء.

 

شيء من
إذا مات منا سيدٌ قام سيد
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة