أميل كثيراً إلى مقولة مفادُها (النجاحُ حليفٌ لذوي العطاء) والمقصود بالطبع العطاء الإيجابي الذي يعود بالنفع على صاحبه وأهله ومجتمعه ووطنه. ومؤشرُ العطاء الإيجابي هو مؤشرٌ طردي بمعنى كلما زادت نسبة العطاء ازدادت فرص النجاح. نحن عالم النساء لدى الأغلبية منا اعتزاز غيرعادي بالإصرار، لأننا نرى أن الإصرار نحو تحقيق هدفٍ معين سبقَ أن دُرِس دراسة معمقة وخُطِط له تخطيطٌ سليم وجيد، وبالتالي حقق النجاح المرجو منه أو قريباً من ذلك فهذا يعني النجاح والفخر والسعادة لنا،
عندها تتولد في نفوسنا مشاعر الحماس وتتملكنا الرغبة في زيادة عدد فرص النجاح.
ومنذ فجر التاريخ والمرأة تسعى سعياً حثيثاً لإثبات ذاتها وتعميق وجودها إما على مستوى مملكتها الصغيرة التي تتربع على عرشها أو على مستوى مجتمعها الكبيركفرد من أفراده، وكلما أتاح لها الطموح لارتشاف حلاوة إثبات الذات ازدادت إصراراً لبذل المزيد من العطاء إنها متعة التحدي لدى المرأة. التحدي والمنافسة الشريفة في ميادين العمل بمختلف مجالاته والمشاركة لمزيد من العطاء من خلال الفرص المتاحة لها... دون أن يتعارض ذلك مع مبادئ الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد... ودون خدشٍ أو جرح لكبرياء المرأة الذي تتباهى وتعتز به أيما اعتزاز. والمتابع يلحظ أنه ومع نمو الحركة الاقتصادية والوعي الاجتماعي بين أفراد المجتمع بمختلف فئاته العمرية لم يعد هناك حاجز يمنع المرأة السعودية من المشاركة بفاعلية في العملية التنموية فنراها تنطلق اليوم وبقوة للخوض في كثير مجالات العمل المختلفة.. من تربوية وتجارية.. اجتماعية وعلمية وغيرها..فخطت خطوات ثابتة وأثبتت مكانتها بامتياز وقدرة وكفاءة لا مثيل لها.. واستطاعت تحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات المتميزة من خلال إسهامها في مسيرة التطوير والتحديث.
لقد حول العمل المرأة السعودية إلى عنصرٍ منتج.. أسهم ولازال يسهم في بناء المجتمع القائم على التعاون والمساندة بين الرجال والنساء وبالتالي شكل تحولاً نوعياً في نمط حياة المرأة السعودية القائم على رتابةٍ معينة إلى حياة عملٍ وحركة ثم لذة الشعور بالإنتاج. ولعل التحولات المتتالية التي شهدها العالم بأسره وخلفتها سياسة العولمة من تحريرٍ لبعض المبادلات التجارية وتطوير تكنولوجيا المعلومات وغيرها.. وفي ظل الزخم الذي تعيشه الساحة الاقتصادية نتيجة بعض التغير في البنية الاستثمارية والاقتصادية برزت المرأة السعودية كلاعب جديد في الساحة الاقتصادية.. وفرضت نفسها كقوة تجارية واستثمارية في الميدان منافسةً بذلك الرجل علها تكسب الرهان.وبما أن المملكة العربية السعودية تمتلك بيئة استثمارية متطورة جعلتها من أكثر الدول انفتاحاً في عالم المال والاقتصاد مما جعلها تتبوأ مركزاً مهماً لنشاط الحركة الاقتصادية، فقد تنامى دور المرأة في مجال المال والأعمال. فبعد أن حققت نجاحات عديدة في مجالات استثمارية تقليدية كالمدارس والمشاغل النسائية والمشاريع المنزلية الصغيرة نجدها اليوم مصممة لبلوغ القمة في مجال عمل آخر وجديد يدفعها في ذلك طموح لتغيير زمن كانت مشاركتها فيه ضمن مجالات عامة محدودة إن لم نقل محظورة، ومع بروز متغيرات في المناخ الاقتصادي والاستثماري نتيجة تطور الحياة المعاصرة ازداد دور المرأة أهمية وأصبحت جزءاً مؤثراً وفاعلاً من المنظور المالي والاقتصادي في المجتمع.
إن المتابع للاتجاه الذي يأخذه توجه سيدات الأعمال في اختيار أعمالهن واستثمار أموالهن.. يلاحظ توجههن في السنوات القليلة الماضية على خط الاستثمار في الأسواق المالية وعالم الأسهم على الرغم من تذبذباته المتتالية لكنه يمثل أحد الحلول المتاحة والأكثر ملاءمة لظروف المرأة وواقعها الاجتماعي خاصة في ظل وجود التقنية الحديثة التي توفر سهولة وسرعة التواصل في مجال سوق المال. أيضاً ظهر التوجه مؤخراً في مجال الاستثمار العقاري.. وبدأت المرأة السعودية تخوض تجربته وبكل ثقة مما زاد من تعزيز دورها وتنامي إسهاماتها في سوق العمل.
إن الرغبة الجادة لدى كثير من سيدات الأعمال للاستثمار في سوق المال والعقار نظراً للمساحة الواسعة التي يوفرها لهن تنم عن عمق تفكيرهن حول مفهوم الاستثمار وبالتالي محاولة البعد عن المجالات التقليدية السابقة وحقل الاستثمار النسائي أصبح يشكل مدخلاً أساسياً لتنمية اقتصاديات الدولة... وفي السنوات الأخيرة تضاعف عدد المستثمرات السعوديات في مجالات استثمارية كانت في يوم من الأيام حكراً على الرجال فقط مما يبرهن على مدى فاعلية الاستثمار النسائي في دعم مسيرة الاقتصاد الوطني.إجمالاً فإن إسهام المرأة السعودية في نسيج الاقتصاد الوطني ومشاركتها في دفع عجلة الاقتصاد سيشكل رافعة مهمة لتحقيق نمو اقتصادي أكبر.. وبتفعيل دورها وتعزيز مشاركتها ستكون هناك نقطة تحول كبيرة في المشهد الاقتصادي... ولكن تبقى ضرورة تسهيل الإجراءات أمام المستثمرة السعودية ومنحها الثقة الكافية وتحفيزها على المشاركة في المسيرة الاقتصادية للوطن.
