Monday 14/11/2011/2011 Issue 14291

 14291 الأثنين 18 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

      

«الوقائع كائنات مقدسة، تـُمارسُ انتقاما بشعا من الباحث أو السياسي، الذي يتظاهر بأنها غير موجودة».

هذا قولٌ لأحد أكبر مؤرخي اليونان القدامى (دولاكروا)، أتذكـّره هذه الأيام، لكثرة ما تـُستخدم الوقائع الراهنة، والتاريخية، في العلاقة بين أنظمة كلٍّ من إيران وإسرائيل وسورية، مُشوّهة أو مُزيفة، أو خارج سياقها لإثبات مواقف سياسية أو فكرية، جاهزة أصلا في ذهن كاتبها أو قائلها. لستُ أتحدث هنا عن صحافيين أو كتـّاب، يتعمّدون تزييف وقائع التاريخ الماضي والحاضر، فهذا هو النوع الأكثر سهولة للكشف والفضح.

إنما يعنيني استسهال زعماء كل من إيران وإسرائيل وسورية، إقامة علاقات سببية بين ظواهرـ يُلفـّقون أكثرهاـ مترافقة زمنيا. لكن البحث الجدي يتطلب أكثر بكثير من مجرد رصد تزامن الظواهر بعضها مع بعض.

في علاقتهم الخفية الغامضة، كأن زعماء إيران وإسرائيل وسورية، يرصدون تناسب حمـْل الناس للمظلات مع المطر، فيستنتجون أن المظلات تـُسبّب سقوط المطر!!.

أولئك الزعماء أصبحوا ثرثارين. يهذرون بلا تعب، كل لحظة، في الأجواء، وحتى في عمق أعماقنا. مع ذلك يُعذبهم الصمت، أو بالأحرى انعدام المعنى، تجريد الكلام من المعنى. هذه الخلل عائد إلى أن البارز في الظواهر التي يرصدونها، ويُلفقونها، ويُفسرونها، يتسطّح، والزوايا تنفرج، والأوصال تتقطع. وينتهي الأمر بهؤلاء الزعماء الباطنيين جميعا إلى الانجذاب المتوتر والمتأرجح، إلى تفسير الدين كنتاج بشري.

الاستمرار هو هاجسهم الوحيد. كما لو أن الأنانية الساطعة فيهم هي المسؤولة شخصيا عن حماية المسافة التي تفصلهم عن السقوط، الذي طالما أثار ذلك الشعور الجنائزي لديهم.

إن النظام الإيراني والنظام الإسرائيلي، يؤيدهما النظام السوري (بحكم ارتباطه الديني الباطني بإيران وارتباطه السياسي الباطني بإسرائيل)، يستغلان الضعف العربي بوحشية لامتناهية. هذا فضلا عن تبنيهما، أوتحريضهما، أقليات، تتحرك الآن على أساس المشاركة في اقتسام «التركة العربية».

أين من يـُحلـّل ما يجري اليوم في منطقتنا، ومنذ الثورة الخمينية، من دون أن يبدأ بأعداء المسلمين ومخططاتهم، ليدلـّنا لماذا يقود نظام ولاية الفقيه «النووي»، وزعماؤه المتهالكون على استئجار الندم، جنبا إلى جنب إسرائيل، عمليات ذبح المسلمين، وتهديد استقرارهم، في كلٍّ من اليمن والعراق ولبنان وفلسطين وسورية، ويتبادل الخدمات الإستراتيجية مع الكذاب نتنياهو، للتمظهر بالعداوة المتبادلة، بهدف تقاسم النفوذ والمصالح في المنطقة.

إن إيران وإسرائيل تحمل كل منهما المظلة للأخرى، بانتظار المطر، لا سقوط القنابل والصواريخ الإسرائيلية على إيران !.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

في زعماء إيران وإسرائيل وسورية
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة