Tuesday 15/11/2011/2011 Issue 14292

 14292 الثلاثاء 19 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ترى هل لدى الحركات الإسلامية التي تدخل اللعبة الديمقراطية اليوم في عدد من بلادنا العربية مشروعاً نهضوياً شاملاً ومتكاملاً قابلاً للتطبيق والمماحكة في ظل الظروف والمعطيات الواقعية المعاصرة وفي خضم التجاذبات السياسية والاقتصادية والثقافية والعقدية العالمية المعقدة والمتشابكة.. هل هناك برامج انتخابية ناضجة يمكن من خلالها تغيير الحال وتحقيق الإصلاح الفعلي في جميع ضروب الحياة أم أن الورقة التي في يد الإسلاميين وبها دخلوا حلبة المنافسة هي مجرد توظيف المشاعر الشعبية الإيجابية إزاء هذا الدين وأهله، وكذا مرارة التجربة العلمانية - العربية أو طغيان وظلم الحكومات الديكتاتورية الاستبدادية في عالمنا العربي.. هل هناك إستراتجية واضحة -على الأقل في أذهان المنظرين- للمحافظة على الهوية الإسلامية الصحيحة التي يفترض أن تكون بمثابة الركيزة الأساس لحركات الإسلام السياسي وفي ذات الوقت الوفاء بمتطلبات الدولة المدنية المعاصرة.. وهل هناك أجندة محددة الخطوات لتحقيق التنمية المستدامة لشعوب بلادنا العربية بعد تسنم قادة هذه الجماعات السلطة والإمساك بزمام الأمور أم أن الغد سيكون شاهداً سواء على تجربة الإسلاميين الفاشلة حين وصولهم سدة الحكم ومن ثم العودة الشعبية والرسمية من جديد لطرق أبواب الليبرالية أو غيرها بحثاً عن النظام الناجز لوطن قطري عربي مستقل؟!، أسئلة كثيرة تطرحها المرحلة العربية الراهنة «زمن الربيع العربي المتطلع لغد مشرق»، وأنا شخصياً أعتقد أن الإشكاليات الفكرية المتأزمة منذ زمن تعود من جديد ولكن في ظل ظروف قطرية وعربية وعالمية تختلف عمّا سبق اختلافاً جذرياً، والجواب المطلوب في هذا الوقت بالذات جواباً يُرى على أرض الواقع ويحس به ويلمسه المواطن قبل غيره، وقطعاً سيكون ما يُشرعه هؤلاء المتنفذون «صناع القرار» على المحك وتحت التجربة وبمرأى ومسمع من العالم بلا استثناء.. شخصياً أعتقد كذلك -وأتمنى أن أكون مخطئاً في هذا الاعتقاد- إن المؤشرات الأولية تومئ إلى أن هناك عدم وضوح في الرؤية، وغياب للأولويات، وخلط بين الأوراق، وعجز في المواءمة بين النص والواقع، وضعف في صياغة الخطاب السياسي الذي هو البوابة المشرعة للدخول إلى مفاصل المشروع النهضوي المزمع تطبيقه من قبل التحالفات الحزبية على أرض الواقع إبان الفترة الرئاسية القادمة على الأقل سواء في تونس أو ليبيا أو غيرهما، ومثلاً على ذلك ليست مشكلة التصويرولا موضوع تعدد الزوجات ولا حتى المساواة بين الجنسين ذات أولوية سياسية لتأخذ هذا الحيز من الخطاب التأصيلي في أيامه الأولى إذ إن هناك الكثير من الإشكاليات والقضايا الخارجية والداخلية التي لا بد أن تطرح وتبحث بشكل مباشر ويقال فيها القول الفصل تحقيقاً للشرعية وفرضاً للسيادة القطرية الجديدة.. قد يقول القائل إن الإعلام هو من سئل وكان من الضروري إعطاء الجواب بكل مصداقية ووضوح في ظل المعطيات الواقعية وحسب ما هو ملائم في هذه المرحلة بالذات دون أن يكون هذا القول هو القناعة الحقيقية للحركة كما في الحالة التونسية مثلاً.. وعلى افتراض التسليم بذلك فإن معنى هذا أن هناك قنوات خارجية وعلى رأسها الإعلام المرئي ستوجه الخطاب وتحدد الملفات التي لها الأولوية والسبق.

إن المتوجب عندي في هذا الظرف الزمني الصعب إعادة قراءة السنن التاريخية والكونية والتأمل في أحداث السيرة النبوية وفهم منهجية الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة في ظل وجود قوى خارجية وداخلية قوية، كما أن على علماء الأمة وفقهائها توظيف التقنية الحديثة في إعادة فتح باب الاجتهاد الفقهي برؤية عالمية واعية ومدركة لاختلافات الزمان وتباين الأمكنة والظروف، والعيب كل العيب أن يكون الإسلام مجرد شعار يتناقض وحقيقة التطبيق السياسي والمقاربات الاجتماعية أو الثقافية التي تجعل الفرق بين الوجهين للدولة القطرية «الإسلامي» و»العلماني» فرق نظري لا وجود له على الحقيقية، وتصبح الوسطية المشروعة مجرد زعم باطل لا مكان له في قاموس الإسلام الحقيقي، ويُرفع التطبيق الفعلي لنص قطعي الدلالة قطعي الثبوت لمجرد رغبة أو رؤية ذاتية يرى المنظر أن هذا هو المناسب في هذه المرحلة التاريخية دون أن يكون هناك موجه شرعي صحيح به تتحقق المصلحة العامة بشكل قطعي كما في حالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي يستشهد بها في هذا المقام!!.

بصدق أتعزز لحال هذه التيارات وأكرر بيني وبين نفسي قول القائل (إن المناصب التي نتمناها غالباً ما تكون أحسن وأحب إلينا من التي نلناها)، دمتم بخير والسلام

 

الحبر الأخضر
الإسلاميون ومأزق الحكم
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة