Friday 18/11/2011/2011 Issue 14295

 14295 الجمعة 22 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مضيتُ في الحياة أتأمل كل ما حولي...كان بها مايستحق أن ألفت نظري إليه وأتعمق في بواطنه وظواهره وكل مايحيط به، وكان بها مايستحق أن أغمض عيني عنه وأمضي في الطريق غير عابئة به فماهو إلا قناع مزيف لوث صفاء بعض أوجه الحياة وأَضَاعَ الوجه الحقيقي لها. دورة من دورات الفلك أكملت

مسيرتها وانقضت...وبانقضَائِها طويت صفحةُ عام من عمرنا خبأ بين فواصله الزمنية آثار بصماتِنا التي أتقنت نحتَها جوارِحُنا وماأكثر تلك الآثار...مشرقة ناصعة أو ضبابية موحشة قاحلة...ابتسمت لنا حيناً وأبكتنا أحيانا..لكنها حُفِرت على جدار زمن العمر لتبقى طيفَ ذكرى...إما موجعة مؤلمة أو ندية مفرحة...وبين هذه وتلك رُسِمت صفحاتُ وجودنا..لكن إذا كان الأمس قد ضاع فبين أيدينا اليوم...وإذا كان اليوم سوف يجمع أيامه ويرحل..فلدينا الأمل في الغد..لا نحزن على الأمس فهو لن يعود..ولا نأسف على اليوم فهو راحل..والعمرحين تسقط أوراقُه لن يعود مرةً أخرى. تمر الأيام والشهور وتطوي معها ما تطوي من صفحات.. تحمل بين ثنايا سطورها آهاتٍ وغصات..زفراتِ ألم وشحناتِ أمل..آلاماً وأفراحاً وانكساراتِ قلوب لفقد وغياب أحبة..أوبشرى بلحظة ميلاد أحبة..حروباً وثوراتٍ ومجاعات أوتتويجاً لفوزٍ ونجاح.

فواصل زمن تخترق فجوات السنين ويمر بها كل البشر... وفي نهاية كل سنة مفترق يقف على أعتابه الإنسان... يتأمل مسيرةَ مشوارٍ من عمر زمنٍ تعاقبت عليه أيامٌ سَجَى ليلها الأحزان.. وأيامٌ توسد الفرحُ كل لحظاتِها.. والاعتبار بتعاقب الأزمان.

لحظاتٌ طالت أم قَصُرت.. لكنها سُرِقت من بين أيدينا دون أن نشعر بها.. فغاصت بين تلافيف مجهول أشبه بحلم ستبقى عنواناً في سطرٍ من سطورِ وجودِنا لا تستحضِرُها ذاكرتُنا إلا عندما نقف على أعتاب عامٍ جديد.. ولا تلامس مشاعرنا إلا عندما تُنزَع آخرُ ورقة من التقويم معلنةً رحيلَ عام هو من عمرنا.. وقدومَ عامٍ يخبئ لمجهول بين صفحاتِ أيامه الذي لطالما أخاف البشر لأنهم أعداء لما يجهلون.. والقادم من الأيام مجهولٌ ما يحمله.

هكذا الدنيا سباقٌ وعدو.. والبشر تسير وتركض.. بعضهم قد ينزلق في مفترق الطرق فيغرق في ألم الانزلاق ويتوقف وبعضهم يسقط وبقوة ولا يكترث ينهض متحدياً شدة ألم الانزلاق والسقوط ويتابع السير.. وآخر يسقط فيترك الطريق ويلهو على الرصيف..وقد يغوص في أوحال مستنقع التفاهات الزائفة.

ومهما يكن فالأيامُ تُجبِرُنا على الغوص معها في بحر الحياة بأمواجها المتلاطمة..سعيدة حيناً ومفزعة وحزينة أحيانا..وبين الحين والآخر تظللنا سحائب النسيان.. أو غمائم الغفلة... ولا ندري بأن ذلك ماهو إلا من عمرنا وأوقاتنا إلا لحظة تعانق عقارب الساعة ليُقْرَع جرس الوداع لعامٍ مضى وطويت صفحاته بكل مافيها من ذكريات.. نسترجع بعضاً منها في لحظة حنين وندفن آخر في ذاكرة النسيان..ونستقبل عاما جديداً لاندرك خفايا ما يحمله لنا:

عامٌ جديدُ قد أطلً وأقبلا

أدعو الإله أن يكون الأجملا

رحل عامٌ من عمر الإنسان وهلً عامٌ جديد.. ولأن الإنسان وقتٌ وأيام.. فكلما انقضى يومٌ ومضى..انقضى يوم من عمر هذا الإنسان.. ولأن الماضي لا نملكه لأنه مضى.. فالمؤملُ غيبٌ لا نملكه أيضاً.. وكل البشر تعجز أن تمسح صفحة الماضي لكنها تستطيع أن تصنع صفحة الحاضر..والحياة كورق الشجر يخضر في الربيع ويصفر ويسقط في الخريف. ومع وداع عام واستقبال عام يحتاج الإنسان إلى وقفة تأمل يلملم فيها شتات ذاته..يقف مع نفسه..يراجعها ويحاسبها..يَزنُ أعماله قبل أن تُوزَنَ عليه.. يستدعي الضمير الذي كان غائباً ليوقظ غفلة القلب..وما أقوى عذاب الضمير !!!.

قِفْ قلبي واسألْ إلى متى تَغفل

مابالُنا نعلم لكننا لا نعمل

وجميلٌ أن نكون صادقين مع أنفسنا وذواتنا ومع غيرنا..حتى مع من نختلف معهم في لحظات مراجعة الذات ومحاسبة النفس...فالماء قد يكون بحراً عميقاً..وقد يكون نبعاً صافياً..وقد يكون غيوماً..لكنها جميعاً ذاتُ لبٍ واحد..وفي عنوانها الحياة. إن من يعرف قيمة الثواني والدقائق سيدرك قيمة الوقت في حياته..فالوقت هو الحياة..وهو الإنسان..والأحرى بهذا الإنسان أن يعيد هيكلة أفكاره كخلاصة لتجارب كثيرة مر بها فتكون درساً له يواجه به خداع الحياة اللامنتهي..ومن يضع لنفسه هدفاً ويسعى جاهداً لتحقيقه سيصل إلى مبتغاه بإذن الله..قد تعترض طريقه بعض العثرات لكن بقوة الإرادة وثبات العزيمة..وبعين التفاؤل والأمل يتخطى الصعاب ويتجاوز العثرات.

الحياة تستمر ولا تتوقف...ومن يتوقف هو الإنسان...فما بين الولادة والكهولة والشباب والشيخوخة...والهرم ثم الموت ينتهي شريط حياة الإنسان...ويـُطوى سجل عمره كغمضة عين أو ومضة برق.

وكلُ ذي أجلٍ يوماً سيبْلغُه

وكل ذي عملٍ يوماً سيلقاه

نتمنى لأنفسنا وأحبائنا وللمسلمين جميعاً عاماً مليئاً بالحب والفرح والأمن والسلام وكل عام والإنسانية بألف خير.

 

عود على بدء
هي الأيام... تبتسم لنا حيناً وتبكينا أحيانا
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة