Friday 18/11/2011/2011 Issue 14295

 14295 الجمعة 22 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

أمن وطمأنينة واستقرار وراحة نفسية وجرعة إيمانية
الحج.. المكاسب الدنيوية والمنافع الأخروية

رجوع

 

مكة المكرمة - «الجزيرة»

للحج منافع كثيرة لا تعد ولا تحصى على صعيد الفرد أو المجتمع المسلم، أو الأمة بأسرها، منها ما هو دنيوي للمسلم ويراه ويشعر من أدى الفريضة من نعمة الاستقرار والأمن النفسي، والجرعة الإيمانية بالامتثال لأمر الله وطاعته والسير على منهج النبوة، ومنها ما هو أخروي ينعم به المسلم في الآخرة بإذن الله، ويكفي للحاج الذي يؤدي الفريضة ملتزماً بنهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعود كما ولدته أمه -بإذن الله- للحج مطهراً من كل الذنوب والخطايا، وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

وحول منافع الحج الدينية والدنيوية يحدثنا عدد من المشايخ وطلبة العلم والأكاديميين الشرعيين في هذا الاستطلاع:

الامتثال لأمر الله

في البداية قال الشيخ أحمد بن حمد المزروع القاضي بمحكمة الاستئناف بمكة المكرمة: لقد فرض الله تعالى شعيرة الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام قال سبحانه وتعالى:

{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}

وقال -صلى الله عليه وسلم- (إن الله فرض عليكم الحج فحجوا..) وقد بين -سبحانه وتعالى- تحقيق منافع للمسلمين إذا أجابوا نداء الله تعالى كما قال سبحانه:

{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمَْ} وهذه المنافع منها ما هو على صعيد الفرد المسلم ومنها ما هو على صعيد المجتمع الإسلامي وأشير من هذه المنافع بإيجاز:

أولاً - على صعيد الفرد المسلم:

يتحقق للمسلم بأداء هذا النسك العظيم من المنافع ما يأتي:

1) الامتثال لأمر الله تعالى وطاعته وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأداء هذا النسك تلك الطاعة التي بها يتحقق الخير للعبد في الدنيا والآخرة.

2) تكرّم المولى جل وعلا بمغفرة ذنبه وعودته من هذه الفريضة مطهراً من الذنوب كيوم ولدته أمه قال صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).

3) البشرى له بالجنة حال تفضل الله تعالى عليه بالقبول قال صلى الله عليه وسلم (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه ويتحقق بر الحج بأدائه كما أدى المصطفي -صلى الله عليه وسلم- القائل: (خذوا عني مناسككم..) مع الإخلاص لله تعالى والالتزام بطاعته والابتعاد عما حرم.

4) التقرب إلى الله تعالى بالتزود بالأعمال الصالحة في تلك الديار المقدسة لما لها من الفضل ومضاعفة الأجر.

5) تحقق التقوى بتحقيق تعظيم شعائر الله تعالى ومقدساته وذلك بالتأدب بالآداب الإسلامية والأخلاق الفاضلة حال استشعاره لقدسية هذه الأماكن وعظمة هذه المناسك قال جل وعلا {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (32) سورة الحـج

6) نفي الفقر والذنوب عن العبد كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكبر خبث الحديد والذهب والفضة).

7) الفوز برضوان الله تعالى بالتقرب بذبح البدن والوفاء بالنذور والانتفاع بها.

ثانياً - على صعيد المجتمع:

إن منافع الحج تتضح جليّاً من خلال هذا التجمع الإسلامي الكبير من كافة بقاع الأرض على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وبلدانهم يجمعهم إجابة النداء الإلهي (وأذن في الناس بالحج..) فيجيبوا هذا النداء بقولهم: (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك) بقلوب مؤمنة طاهرة متحابة متوادة هدفهم واحد هيئتهم واحدة ولباسهم واحد متوجهين لرب واحد -جل وعلا- فيتحقق لهم منافع منها:

1) التعارف بين تلك المجتمعات الإسلامية الذي من خلاله يتم عرض أحوالهم وقضاياهم وطرح ما لديهم من حلول وعلاج لما تواجه تلك المجتمعات الإسلامية من مشاكل.

2) تحقق الوحدة الإسلامية باجتماع المسلمين من أقطار الدنيا في أوقات معينة وأماكن مخصوصة ليؤدوا نسكاً واحداً مستشعرين تلك الوحدة الإسلامية.

3) التعاون بين المسلمين من خلال عقد اللقاءات والمؤتمرات الإسلامية في هذا التجمع الكبير لعرض مشاكلهم وطرح الحلول المناسبة لها وبخاصة تلك الأقليات المسلمة وما تعانيه من الاضطهاد والتميز العنصري.

4) الاستفادة من مشروع خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله تعالى- بالانتفاع بلحوم الهدي والأضاحي مما ينحر في يوم العيد وأيام التشريق وإرسالها لبعض البلاد الإسلامية للاستفادة منها.

5) المتاجرة بتبادل السلع والمنتجات من تلك البلاد الإسلامية قال سبحانه وتعالى:

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} وقد اقترح بعض الدعاة إقامة معرض دولي إسلامي لعرض تلك المنتجات الصناعية والزراعية في موسم الحج للاستفادة منها وتشجيعها مما أحل الله تعالى اقتناءها واستعمالها هذا مما يسر الله تعالى الكتابة عنه من منافع بإيجاز نسأل الله جل وعلا أن يتقبل من الجميع وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أهداف سامية

أما الشيخ سليمان بن عبدالرحمن الربعي رئيس محاكم منطقة القصيم المساعد فقال: لقد فرض الله -عز وجل- الحج لحكم عظيمة ومنافع جليلة وأهداف سامية أدرك الناس شيئاً منها وكل زمان يأتي تزداد هذه المنافع وحاجة الناس إليها.

وأسرار العبادات وفائدتها لا تعد ولا تحد، وإن الحج موسم من مواسم العبادات البدنية ومنافعه تشمل منافع الدنيا والآخرة أما منافع الآخرة فرضوان الله -عز وجل- بطاعته والتقرب إليه بأداء هذه العبادة الجليلة وهذا الركن العظيم من أركان الإسلام طاعة الله عز وجل واستجابة لأمره وهو القائل -عز وجل-: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} وأما منافع الدنيا فكما قال ابن كثير -رحمه الله-: ما يصيبونه من منافع البدن والذبائح والتجارات (انتهى)، ونحن اليوم نرى في موسم الحج هذا المؤتمر الإسلامي العظيم تهوي إليه آلاف بل ملايين البشر من المسلمين من رجال ونساء من كافة أصقاع الأرض يأتون بما يحملونه من ثقافات وتجارات وعلوم دينية ودنيوية فيستفيد هذا من ذاك وتلتقي الثقافات على مختلف مشاربها ولا تنحصر منافع الحج في جنس أو نوع بل هي أشمل من هذا بكثير إذ لا يمكن أن يتحقق هذا الاجتماع الكبير على صعيد واحد في غير الحج ومن هنا عرف الإنسان بعض أسرار هذه الآية.

وحينما نقسم منافع الحج من حيث الفائدة الدينية والدنيوية على الفرد والمجتمع فإننا نجعلها على قسمين: دينية ودنيوية على الفرد وذلك بمعرفة ما ينفعه في عبادته لربه -عز وجل- على ما يرضاه -سبحانه وتعالى- عقيدة صحيحة وذلك بسؤال أهل العلم في موسم الحج أو حضور الدروس والندوات والمحاضرات التي تصاحب موسم الحج ولقد نفع الله بذلك نفعاً عظيماً فعاد الحاج وقد استزاد علماً وفهماً لدينه.

ومن حيث المنافع الدنيوية للفرد فهي ما يمارسه من بيع وشراء في هذا الموسم والتعرف على التجارة والتجار.

وأما ما يخص المجتمع المسلم فمنافعه الدينية والدنيوية ظاهرة في هذه المؤتمرات والندوات الكبيرة لعلماء المسلمين ومفكريهم في موسم الحج في مكة المكرمة وما ينتج عنها من قرارات وتوصيات لصالح المسلمين عامة.

وبالجملة فمنافع الحج أكثر من أن تحصى أو نختزل في هذه الكلمات. والله -جل وعلا- وهو العليم بما يصلح عباده في دينهم ودنياهم وهو الذي شرع وفرض هذه العبادة العظيمة وجعلها ركناً من أركان الإسلام ومبانيه العظام لصالح الفرد والجماعة في الدنيا والآخرة.

تجارة وربح مع الله

أما الدكتور محمد بن عدنان السمان المدير التنفيذي لشبكة السنة النبوية وعلومها فقال: تأتي فريضة (الحج) الركن الخامس من أركان الإسلام لتلتقي فيها الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في سورة (الحج): {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ(27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.

هذه المنافع ذكرها الإمام ابن كثير -رحمه الله- وغيره عن ترجمان القرآن: عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- حينما: قال: منافع الدنيا والآخرة; أما منافع الآخرة فرضوان الله، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والربح والتجارات. وكذا قال مجاهد، وغير واحد: إنها منافع الدنيا والآخرة.

ومن هذا المنطلق فقد حرص أهل العلم عند تفسير هذه الآية على ذكر جملة من هذه المنافع الدنيوية والأخروية.

فإذا نظرت إلى المنافع الدنيوية فتجد في مقدمتها أن الحج مؤتمر إسلامي كبير فيه يتحقق الاجتماع والتعارف بين ثلة كبيرة من المسلمين، كما أن أصحاب السلع والتجارة يجدون منافع لهم في موسم الحج، ويكون لهم من حصول الأرباح والتكسب ما لا يحصل لهم في غيره، فالاجتماع الكبير للناس والمقدر بالملايين مع إتيانهم من كل فج عميق يجعل من تنوع هذه التجارات مجالاً للتكسب والتربح.

ومن مظاهر المنافع الدنيوية أيضاً ما يحصل من صدقات أو يقدم من ذبائح الهدي والضحايا والكفارات عن محظورات الإحرام، مما يكون فيه توسعة على فقراء مكة وغيرهم.

أما المنافع الأخروية وهي المقصد الأسمى لهذه الشعيرة العظيمة فهي كثيرة فالحج موسم ومؤتمر، موسم عبادة فيه إقبال على الله، وتعظيم لشعائر الله، وابتغاء لرضوان الله، وطلب لرحمة الله ومغفرته، وعفو الله ورحمته، ففيه تغفر الذنوب، وتسكب العبرات، وتستجاب الدعوات، وتعتق الرقاب من النار، وتصفو فيه الأرواح وهي تستشعر قربها من بيته الحرام، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

والحج مؤتمر تعاون واجتماع وتعارف، يجتمع فيه النخبة من قادة المسلمين وأولياء أمورهم وعلمائهم ودعاتهم فيتشاورون، فتجتمع الكلمة، ويتوحد الصف، وفي الحج يتحقق الاهتمام بكثير من أمور المسلمين من خلال التنسيق والتعاون بين أهل الرأي، والحل، والعقد، وفي الحج يلتقي المسلمون بنخبة من علمائهم فيتعلمون منهم، ويقتدون بهم، ويتفقهون في دينهم، وفي الحج من مظاهر عطف الأغنياء على الفقراء، من بذل الصدقات المالية والعينية من طعام وسقيا ونحوها مما يثلج الصدر، ويظهر للعالم أجمع مدى التلاحم والتكاتف بين المسلمين.

وفي الحج مظهر عظيم من مظاهر البر والصلة، فتجد الابن يحج بأبيه أو أمه، فيذلل له الصعاب، وييسر له العبادة، ويتحمل في ذلك المشقة والجهد براً بوالديه وابتغاءً لمرضاة ربه، وطلباً للأجر والمثوبة.

إن ما تبذله هذه البلاد الطيبة (المملكة العربية السعودية) من خدمات حسية ومعنوية لهذه الفريضة العظيمة يذكر فيشكر، فخادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني وزير الداخلية -وفقهم الله- يقفون بأنفسهم في مقدمة خدمة الحج والحجاج، وذلك يسهم في إبراز كثير من تلك المنافع، ومن ذلك على سبيل المثال:

1 - المؤتمر السنوي الكبير للحج، الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين أيده الله، ويشارك فيه قادة الدول الإسلامية من الحجاج، وكبار علمائهم، ومثقفيهم.

2 - استضافة المملكة العربية السعودية لعدد كبير من الحجاج من دول عديدة وخاصة دول الأقليات الإسلامية.

3 - التغطية الإعلامية المميزة للحج، ومشاعره، وبثها عبر القنوات الرسمية لكافة أنحاء المعمورة.

4 - انتداب مجموعة من العلماء وطلبة العلم للتوعية في الحج، والإفتاء، وتفقيه الناس في دينهم.

بالإضافة إلى ما تبذله الدولة من وسائل وسبل ومرافق وخدمات وتسهيلات وتنظيمات في خدمة الحجاج، والحفاظ على أمنهم، ليؤدوا مناسكهم بما يرضي ربهم، ابتداءً من وصولهم وحتى عودتهم إلى ديارهم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة