Tuesday 22/11/2011/2011 Issue 14299

 14299 الثلاثاء 26 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لقد أفاض الناس كلهم أجمعون بما في نفوسهم من محبة وإعجاب وإكبار وثقة، وهم شهود الله في أرضه، وكلمة الأمة لا تجتمع على ضلال، وما سجله الناس كتابة أو قولاً عبر وسائل الإعلام، يعتبر مادة التاريخ ومداده، وسموه بهذا الكم الهائل من كلمات الثناء سيتعملق على صفحاته،

وهو إذ قد دخله من قبل بطائفة من منجزاته، فإن تلك الأحداث أسهمت في تثوير أعماقه، والكشف عن أصول معدنه الكريم. وتلك الضجة الكبرى التي تتدفق عبر أنهر الصحف، وترف فوق موجات الأثير، لمجرد أن سموه يتخطى من مسؤولية إلى أخرى، ثم هو إذ برح [قصر الحكم] فإنه لن يخرج من أقطار [الرياض]، وستظل منجزاته كبناته، يحفها بعنايته، ويتابعها بمساءلته، ويباركها بدعمه، وخلفه الذي تلقى الراية باليمين عضده الذي خبر سيرته، واستلهم خبرته، واتبع سنته، حذو القذة بالقذة، غير أن الإلف والاندماج، وطول التواصل، أنشأت نوعاً من التوحد، يصعب معه الفصل، [والرياض] التي تربَّت في كفه، ونمت في كنفه، تودعه مسؤولاً، وتحتضنه مواطناً، ولسان حالها يقول:-

تمتع بما بذلت، وأهنأ بما أسلفت في الأيام الخالية.

وكأني به وقد أغمض عين المسؤول، وفتح عين المواطن، ستكون الرياض غير الرياض، وسيكون ناسها غير ناسها، فيا لك من إله يقلب الليل والنهار.

فمن يتصور «سلمان بن عبدالعزيز» يجوب شوارع الرياض كأي مواطن، وهو قد خبرها لبنة لبنة، وجداراً جداراً، وأسواقاً وحدائق وأبراجاً وجسوراً وأنفاقاً، وعرف دقها وجلها. إنها الحياة الدنيا المتدفقة كالنهر، فسبحان الذي يغير ولا يتغير. ولقد يكون فؤاد الرياض فارغاً، كفؤاد أم موسى، ولكنه مردود إليها، بما يحمله لها من هم، وما يحسه نحوها من حب، بوصفه مواطناً انشقت صحراؤها عن آبائه وأجداده وأمجاده، إن فجيعة [الرياض] بمفارقة «سلمان» لا تقل عن فجيعة وزارة الدفاع بفقد «سلطان»، وإذ ملأ «سلمان» الفراغ الذي تركه «سلطان» فإن «سطام بن عبدالعزيز» و»محمد بن سعد» قد سد المكان الذي سده سلمان، وبلاد يسد خلفُها الأمكنة التي يبرحها سلفها هي بحق بلاد ودودة ولودة، تستحق من أهلها الوفاء وبذل الممكن من العطاء.

وسلمان الذي يرى، ويسمع مشاعر المواطنين، ويحس بثقل المسؤولية، لا تكون المسؤولية عنده مجرد إدارة الملفات أو تسيير العمل الرسمي، ولكنها في رد الجميل لهذه الأمة الوفية، التي يتضاعف حقها بقدر ما تبديه من ثقة ومحبة وولاء. وإذ يعجب الناس من فيض المشاعر، فإنني أشفق على من تتدفق تحت أقدامه تلك المشاعر، إن كل سطر يكتب، وكل كلمة تنطلق دين في ذمة «سلمان»، وهو إذ يكون الوفي والراد للجميل، فإنه سيظمي نهاره، ويحيي ليله، ليرد بعض هذا الجميل.

فالله وحده المسؤول أن يعينه على أن يكون كما يريد إخوانه وأبناؤه ومحبوه وكما يطمح هو، ويتطلع. و»سلمان» في تلك الأجواء المفعمة بكل جميل بأمس الحاجة إلى الدعاء الصادق بأن يسبغ الله عليه نعمه ظاهرة وباطنه، وأن يستعمله في طاعته، وأن يشد عضده بمن حوله من أبناء وطنه، ليحقق تطلعات ولي الأمر وطموحات الأمة. و»سلمان بن عبدالعزيز» لم يعد مسؤولاً فحسب، إنه رجل دولة، تراه في كل موقع، وتعايشه في كل مشهد، يشاطر إخوانه في صناعة القرارات، واتخاذ التدابير لكل عارض، لقد كان أميراً للرياض، وتحت يده عدة مسؤوليات، ومكتبه مثابة للأمراء والأدباء والعلماء وذوي الحاجات من جميع الأفاق، له يد في السياسة الخارجية، وله أيد في القضايا الداخلية، وله علاقاته مع مختلف الأطياف، وكل شريحة من شرائح المجتمع تقول:- سلمان منا. ولسان حاله يقول:- [أوزع جسمي في جسوم كثيرة] ودقته ومتابعته وسط طوفان تلك الاهتمامات مثار إعجاب المراقبين والمستهدفين، وهو إذ يكون وزيراً للدفاع، فإنها ستتسع رقعة مسؤولياته، لأنه سيضيف إليها ما كان فقيد الأمة يرعاها، ومن ذا الذي يجهل الأدوار التي يقوم بها «سلطان» الخير، ومن هنا أشرت إلى ما يحتاجه منا الأمير سلمان، إنه الدعاء الصادق، والمؤازرة الواعية، وشد العضد، وتقديم النصح، وحفظ الساقة، فهو المدين لهذه المشاعر، وهو المتطلع إلى مناصرتها ومؤازرتها. والشفافية وسياسة الباب المفتوح مدارج، يستطيع من خلالها كل مقتدر أن يعطي، وأن ينصح، وأن ينتقد، وأن يشير، فاليد الواحدة لا تصفق، والحبل الواحد أقل قوة من مجموعة الحبال. على حد:- [تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً] وبلادنا بمثمناتها الدينية والدنيوية، وبحضورها الفاعل في كل القضايا المصيرية وعلى كل المستويات أشد تطلعاً إلى القادرين من أبنائها، ليكونوا رِدْءاً ويداً واحدة متناصحين متصافين، يحب كل واحد منهم ما يحبه لأخيه، وهذه الإمكانيات الاستثنائية التي تنعم بها بلاد المقدسات بحاجة إلى كفاءات الأمة لكي، تثبت الأقدام، وتربط على الأفئدة، وتدرأ عن البلاد عاديات السوء، ومن ذا الذي لا يخاف من تلك [السوناميات] الهادرة من بين أيدينا ومن خلفنا، فلننظر جميعاً ماذا تحتاجه بلادنا منا ولنبادر إليه قبل فوات الأوان. بوركت يا وطني وبوركت رجالاتك وزاد الله تلاحم أطيافك.

 

ما الذي يحتاجه الأمير سلمان منا..!
د. حسن بن فهد الهويمل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة