Wednesday 23/11/2011/2011 Issue 14300

 14300 الاربعاء 27 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

اليوم سأكتب عن موضوعين مختلفين من حيث الطبيعة ولكنهما متماثلان من حيث الأثر فالأول هو احترازات السلامة وغيابها عن الفكر الواعي الجمعي لعموم الناس في بلادنا والثاني عن الانتحال بصورة عامة انتحال الشخصية، انتحال الاسم، انتحال الشهرة وانتحال التاريخ بقصد الانتفاع غير النظامي وأحياناً بقصد الابتزاز والاختلاس، أثر إهمال احترازات السلامة كارثي ومكلف بجميع المقاييس وكذلك آثار التهاون بعملية الانتحال كارثي ومستثير لهمم ذوي النفوس المريضة مما يقود لأضرار بالغة وصدامات عنيفة.

الحادث الذي أوقد النيران بمدرسة البنات في جدة لم يكن ليحدث لولا إهمال في احترازات السلامة، إهمال في تهيئة المدرسة للتعامل مع حشود من الطالبات، فالممرات ودرج السلالم ضيقة وفيها اعوجاجات، ومخارج الطوارئ إن لم تكن قليلة وفي معظم الأحيان موصدة فهي معدومة، وإهمال في توفير معدات وأدوات السلامة وإهمال في تهيئة الطالبات والمعلمات للتعامل مع الأحداث الكارثية بالتدريب والتجارب العملية، الإهمال في احترازات السلامة يكاد يكون في جميع جوانب الحياة، فحادث طالبات حائل دليل صارخ على الإهمال في كل شي فإرشادات الطريق ضعيفة واختبارات اختيار سائقي النقل المدرسي معدومة وتأكيد سلامة المركبة وصلاحيتها مهملة ومعايير سلامة الركوب لا أحد يهتم بها، من يراقب أي طوارئ مستشفى سيرى في ذات اليوم طفل محروق بماء أو زيت ساخن وسيرى طفلا آخر سقط من ارتفاع وآخرين بجروح وكسور، كلها أحداث كان يمكن تلافيها لو كان هناك تفكير واع لاحترازات السلامة، من المسؤول؟ كل الناس مسؤولون وبدون استثناء، فنحن كمواطنين لا نفكر باحترازات السلامة ولا نطلبها، والمسؤولون التنفيذيون لا يضعون في اعتبارهم احترازات السلامة فلا يخصصون لها الموارد البشرية والميزانيات المالية، ومعالي الوزراء لا تشغل بالهم تلك لاحترازات في خضم المشاغل الأخرى وسمو أمراء المناطق لا يحثون مسؤولي مناطقهم على الالتزام والمطالبة بوضع احترازات السلامة ويراقبون إهمالهم لها.

في أحد المحاكم عندما كان القاضي ينظر في دعوى حجة استحكام لملك قديم، حضر أربعة أشخاص يدعون بادعاء غريب، فهم لا يحتجون بأن الملك لشخص آخر، بل يدعون أن مورث الملك جد لهم وأن صاحب الدعوى متعدٍ على حقهم وإرث جدهم مع أن مورث الملك شخص معروف ومشهور وأمام ذهول صاحب الدعوى، واصل المذكورون مسرحية الادعاء والتجاوز في مغالطات تاريخية، حتى أن أحدهم صرح أمام القاضي أنه لا يفضل مقاضاة صاحب الدعوى ويطلب الصلح في عملية ابتزاز مفضوحة، لا أزيد فقد طلب فضيلة القاضي منهم بينات الإدعاء والثقة بأن فضيلته سيحسم هذا الآمر، ولكن السؤال الذي يستثيره مثل هذا الحادث، أليس هناك عقاب صارم لمن يدعي بادعاء كهذا؟ ألا يجب أن يؤخذ على مثل هؤلاء حتى لا تكون عادة ووسيلة لكل مبتز، هناك عقاب لمن ينتحل شخصية ما، ولكن يجب أن يوسع هذا العقاب ليشمل انتحال أسم العوائل وانتحال تاريخ وأحداث، لأن تلك من مقومات الشخصية التي يجب أن تحميها الدولة، في دول كثيرة مجرد تغيير تاريخ الميلاد يعاقب عليه القانون بالسجن، لدينا نحن نهمل هذا الأمر ونعتقد أن الانتحال مساره للتكشف فالناس تعرف بعضها، ولكن الحقيقة باتت غير ذلك فقضايا الانتحال في تزايد والدافع لها في غالب الأمر انتفاع بمصالح وكثير منها لأغراض إجرامية، إن إهمال هذا الأمر جعل من أشخاص ينتحلون صفة ويبرزون بذلك أمام القضاء، في صورة لم يسبقها مثلها، فلم يعد للقضاء في أذهانهم حصانة ولا تقدير، في دول أخرى يعتبر هذا الفعل إهانة للقاضي وللقضاء بصورة عامة ويحكم بالسجن الفوري لمدد تصل إلى شهور ثم ينظر في قضية الانتحال التي قد يصل السجن فيها لعدة سنوات، إن حسن الظن هو من الأخلاق الطيبة لأهل بلادنا ولا نريده أن يتغير، ولكن نريد عقاب من يستغل ذلك، فالتهاون في معاقبة المنتحلين له أثر كارثي، فربما يتعدى ذلك لأمور تتعدى الأموال والمواريث بما فيها الأعراض والأنساب وهو ما ينذر بإشعال خلافات اجتماعية قد تبلغ شأوا كارثيا.

من يجب أن يهتم بهذين الأمرين؟ أقول كل الناس ولكن على الخصوص مجلس الشورى والجهات الحقوقية في البلاد فهي مطالبة بوضع المعايير والقوانين التي تكفل تحميل صاحب المسؤولية مقتضياتها، وأن لا يكون لمهمل عذر في إهماله، نحن بحمد الله بلد وهبها فرصة عظيمة لتكون في مصاف الدول الأعظم في العالم وذلك يحملنا مسؤولية استغلال هذه الفرصة والتي من متطلباتها الضبط والحزم في التعامل مع مخالفة النظام، لتستقيم الحال ويطمئن الضعيف قبل القوي.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail
 

نبض الخاطر
أمور كارثية يجب أن لا نهملها
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة