Saturday 26/11/2011/2011 Issue 14303

 14303 السبت 01 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

«سقط النَّصيف» ولم تسقط الأخلاق؛ فالمعادلُ هنا شكل شائن وحقيقة مضيئة؛ «فتناولته واتقتنا باليدِ»، وهو ما يعني النأيَ بالظواهر عن أن تكون الناطقة الصادقةَ بواقع الوجوه والأشياء، وحاضر الشيخ عبدالرحمن الدوسري فأشار إلى سيد قطب -رحمهما الله- واحتجّ بعضهم لكونه حليقًا فرد الشيخ: أحدثكم عن شعوره لا شَعره.

تجاوزت مفردة «السقوط» مداها اللغوي المجرد لتشير إلى «سقوطاتٍ» و»إسقاطاتٍ» عديدة مست الأنظمة والتوجهات والرموز في شكلها، وتخطته إلى مضامينها في جوانب ليست كلَّ الجوانب؛ فغدا قياسُ إسقاط النصيف ثم ارتدائه قابلاً للتطبيق على سقوط أنظمةٍ ونهوضِِ سواها وخلع وجوهٍ ولبس أخرى.

نفهم السقوط الماديَّ كما المعنويّ وانهيارَ الحواجزِ النفسيةِ مثل الثقافية؛ فلا تشي المسافة الفاصلةُ بين الزعيم والمتزاعم بفوارقَ ملموسة، كما تجاور النخبويُّ والشعبويُّ، وبات الفتى مساويًا للشيخ والصغيرُ ندًّا للكبير، وهو ما يعني خلط الأوراق المجتمعية بصورة لم تكن مألوفةً طيلة أزمانٍ سالفة، وقد تكون الأشكال متشابهة حدَّ تماثل السلوك وإن افترقت الملامح.

ليبقَ التوصيف مستحقًّا لقراءات مختلفة؛ فالأهمُّ هنا هو انتقال الإدارة -بمفهومها الشمولي- من السرية المغلقة إلى العلنية المطلقة؛ فلا شيء يصنع الاستبدادَ مثلُ الاتكاء خلف المجهول الكائن والذي سيكون؛ سواءٌ أقام به مديرٌ أم قائد.

وتشير الدراسات المتخصصة إلى أن المجتمعات الذكورية أقرب للفساد والاستبداد لارتكازها على هيمنة الرجال على منافذ السلطة وموارد المال؛ ما يضع التغيير في محكٍ «جندري» لفاعلية المرأة وتهميشها، وبمعزل عن الأحكام الشكلية التي ترى في المرأة «نصيفًا ساقطًا» يجب سَتره.

يبني الإنسان نهجه الشخصي وتضع المؤسساتُ ثقافتها الخاصة، وفي كليهما يحضر الفساد كما الصلاح، وقد مر العالم العربي في نهاية الأربعينيات حتى أوائل الستينيات بتغييرات ثورية كبيرة مست معظم أقطاره؛ فكانت حقبًا بكت الأمة منها ثم بكت عليها؛ ومع اليقين بحتمية التغيير فإن الإسراف في التفاؤل كما التشاؤم لا يضيفان خطوطًا على درب الفرد والمؤسسة.

بين المظاهر والظواهر وشائج قربى؛ فكلاهما ينأيان عن العمق بمقدار ما ينأيان عن الحقيقة، ولا يقدمان تفسيرًا للذات ولا للمشروع، ويخدعان من انخدع بهما أو لهما؛ ومن يغتر بشكلٍ يرسمه للتقيّ النقي هو نفسه من يصدق شعارات التحرير والتطوير ما لم ينفذ إلى قلب الشخص ولا يقف عند قالب الحركة.

ليتنا نقرأ تجارب البعث حين نظَّر وحين سيطر، ومرحلة الناصرية إذ سادت ثم بادت، ولو عاد عفلق المؤسس وعبدالناصر الرمز ووعيا مصير صدام ومعمر لكانا أول المنقلبين على ما ضلا به فأضلا، وعليهما يقاس الحركيون المؤدلجون.

الحقُّ بلا توقيت.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

النَّصيف والإنصاف
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة