Sunday 27/11/2011/2011 Issue 14304

 14304 الأحد 02 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

اللغة الإنجليزية هي الأهم على المستوى العالمي حالياً بلا شك، وصارت لا مفر منها أينما ذهب الشخص، ورغم أنها أوروبية الأصل إلا أن احتكاك الغرب بالعرب سواءً سلمياً بالتجارة أو عبر الحروب السالفة قد نقل كلمات عربية إلى عدة لغات أوروبية، ومنها انتقلت الكلمات إلى الإنجليزية.. فهناك الكثير من الكلمات التي تُستخدم في لغتهم وأصولها عربية، مثل «sugar» (سكر)، «coffee» (قهوة)، «sofa» (أريكة، مأخوذة من كلمة صُفّة بنفس المعنى)، «algebra» (الجبر في الرياضيات)، حتى كلمة «0» مستوحاة من كلمة صفر والتي من معانيها فراغ الشيء، ومنها أتى اسم الشهر الثاني صفر بعد محرم، ففي لسان العرب لابن منظور: «سمي بذلك لإِصْفار مكة من أَهلها إِذا سافروا؛ و قيل: سَمَّوا الشهر صَفَراً لأَنهم كانوا يَغْزون فيه القَبائل فيتركون من لَقُوا صِفْراً من المَتاع». انتهى النقل.

وكما أن العربية أثرت على غيرها فإننا اليوم نستخدم كلمات إنجليزية، لعل أكثرها شيوعاً هي «ألو» والتي نستخدمها عند الرد على الهاتف، وهي فيما يبدو مأخوذة من التحية الإنجليزية «هيلو»، ولكن هنا الأمر الطريف، فإن ألكساندر بل مخترع الهاتف كان قد عزم على استخدام كلمة أخرى عند الرد على الهاتف: «أهوي هوي»! الكلمة كادت أن تكون هي الرد الشائع، وهي كلمة يستخدمها البحارة لجذب الانتباه، مثل أن يروا قارباً أو شخصاً فيصيحون له بها. والحمد لله أن «ألو» غلبت وهي وإن كانت لا زالت دخيلة على لغتنا إلا أنها أهون قليلاً، وإلا لما بقي لأي منا وقار وهو يصيح لشخص لا يسمعه على الهاتف «أهوي هوي! أهوي هوي!».

وعلى ذِكر تاريخ الهاتف، من الأشياء التي رأيناها في طفولتنا في الرسوم المتحركة التي صُنِعَت في منتصف القرن الماضي هو أن الناس كانوا عندما يرفعون سماعة الهاتف فإنهم يجدون عاملاً على الهاتف، ولا يستطيعون الاتصال بمن يرغبون إلا عبر هذا العامل، فيملي الرقم للعامل ويطلب منه أن يوصله مع الطرف الآخر، والعامل أمامه لوحة مفاتيح كبيرة، فينزع سلكاً من أحد المنافذ الكثيرة ويدخله في منفذ آخر يتوافق مع الرقم المطلوب، ومع التطور التقني المتواصل اختفى هؤلاء العمال وحل محلهم السنترال الآلي، والفضل يعود لرجل اسمه ألمون ستراوغر اخترع تلك التقنية عام 1888م، وشيئاً فشيئاً بدأت تنتشر حتى اختفى عمال الهاتف في آخر الستينيات الميلادية من القرن الماضي، وهذا من محاسن العلم والتقنية، فقد أراحنا هذا من اليد البشرية البطيئة وكثيرة الأخطاء، لكن ما هو غريب أن ما أشعل الفكرة في عقل هذا المخترع هو منافسة تجارية في مجال آخر لا علاقة له بالهاتف. كان ألمون حانوتياً يعمل في مهنة تجهيز الموتى ودفنهم، وكان هناك رجل ينافسه في هذه المهنة، ولطالما شك ألمون أن منافسه يغش، لأن زوجة منافسه كانت عاملة هاتف، وظن ألمون أنها تقوم بتحويل المكالمات التي تطلب حانوتياً إلى زوجها ولكن لم يكن عنده ما يثبت هذا، إلى أن أتى يوم من الأيام اكتشف أن صديقاً عزيزاً له قد توفي، وأن منافسه هو الذي تعهد بدفنه، حينها زال الظن واستيقن أن زوجة منافسه قد جاءتها تلك المكالمة وحولتها لزوجها رغم أنه لا صداقة بينه وبين الميت، فنفد صبره وأخذ في العمل على تلك الفكرة وصمم أن يصنع شيئاً يجعل الشخص هو الذي يختار الجهة التي يتصل بها بدلاً من تلاعب العاملين، ولم يهدأ له بال حتى تحولت الفكرة إلى اختراع ملموس وحصل على براءة اختراعه، وكما يحصل عادة في التطور التقني فقد تسبب هذا في اختفاء مهنة كاملة وهي مهنة عامل الهاتف، ولا أظن أن ألمون ندم أنه قطع أرزاقهم، بل كأني أراه يتبسم متشفياً وهو يتخيل زوجة منافسه عندما تخلت عنها شركة الهاتف!. قصة ألمون تفيدنا أنه إذا كانت الحاجة هي أم الاختراع، فلعل الانتقام هو أبوه..!!.

 

الحديقة
الانتقام يأتي بخير أحياناً..!!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة