Monday 28/11/2011/2011 Issue 14305

 14305 الأثنين 03 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لفت نظري مطالبة بعض رؤساء الأندية الرياضية لوضع حد لسقف عقود اللاعبين في المستقبل، وذلك لمنع تضخم عقودهم السنوية، وجاءت مطالب بعض رؤساء الأندية جماعية، استغلوا من خلالها نفوذهم الاقتصادي والاجتماعي ضد لاعبي كرة القدم، وفي جانب آخر غابت أصوات اللاعبين في الدفاع عن حقوقهم، ويأتي ذلك لعدم وجود رابطة مهنية للاعبين للدفاع عن مهنتهم غير المسجلة، ويزيد من صعوبة موقفهم عدم اعتبارهم أصحاب مهنة، وبالتالي تغيب حقوقهم في قضايا ضرورية مثل التأمين الاجتماعي نتيجة للإصابة المزمنة أو بعد الاعتزال، ولو تأملنا هذه المطالب لوجدناها تخالف مبدأ الاقتصاد الحر، والذي يسمح للسوق تحديد أسعاره حسب العرض والطلب ضمن حدود مصالح المواطنين.

يتكرر مثل هذا المشهد في مجال أغلب أصحاب المهن، إذ يتعارض تحديد أسعارهم ورواتبهم مع نظرية الاقتصاد الحر، ويؤثر ذلك حتماً في إطلاق سباق الإبداع في المجتمع، إذ من المفترض أن ينال المبدع والخلّاق مكافأته على إبداعه، وأن لا تتم مساواة الذين يعلمون ويجيدون بالذين لا يكترثون بإجادة أعمالهم، ويدخل في ذلك الأطباء والمهندسون وأصحاب المهن باختلافها، والمعضلة أن يسمح النظام في أن يتحد التجار في غرفهم التجارية ضد المهنيين، وأن يتفق رؤساء الأندية ضد اللاعبين، أو أن يشتكي مدراء المستشفيات الحكومية ضد تسرب الأطباء عندما تُعرض عليهم رواتب أعلى في المستشفيات الخاصة، ثم يفرضون عليهم سقفا يحدد من قيمتهم المادية في سوق العناية الصحية، بدلاً من تقدير الذين أنجزوا وأبدعوا في مجالاتهم المهنية.

يدخل هذا المحور في صلب إشكالية العمل في السوق السعودية، فبرغم من محاولات وزارة العمل لإدخال إصلاحات للسوق السعودي إلا أنهم يجدون صعوبة بالغة في ظل المنافسة الشرسة في سوق العمل بين المواطنين والوافدين، مما يجعل من مهمتهم مستحيلة في سوق لا تحكمه القوانين المهنية والإحصاءات الدقيقة، ولازلت أجد صعوبة بالغة في أن يعمل مواطن في مهن حرّة مثل فني أنابيب صحية أو كهربائي أو بناء أو غيرها في سوق تسيطر عليه الشركات والمؤسسات العائلية وتجار التأشيرات، والتي تعتمد تجارتها على العمالة الأجنبية الرخيصة في السوق.

أرى أن إيجاد تصنيف شامل لكل المهن وفرض قانون التسجيل المهني والتصنيف أمر ضروي من أجل فتح المجال للمواطنين في العمل في تلك المهن، على أن تتولى جمعيات نفع عام لكل مهنة مهام مراقبة السوق، وذلك لمنع إغراق السوق بالعمالة في المهن الحرفية والنوعية، وبالتالي ضرب مصلحة المهني السعودي، وبرغم من أن احتراف كرة القدم ليس مصنف كمهنة إلى الآن، إلا أنه يحظى بحماية وتحديد نسب الأجانب في كل ناد، ولذلك السبب ترتفع أسعار اللاعبين عند مقارنتها بأصحاب المهن الأخرى، ودخل ذلك في مهمة منح السعوديين فرص أكبر للإبداع وخلق مواهب تساهم في رفع راية الوطن خارجه، بينما لا يوجد حماية لأصحاب المهن الحرّة، وقد يفسر ذلك غياب المواطن في سوق المهن الحرّة برغم من مرور أكثر من أربعين عاما على افتتاح المعاهد المهنية.

لو تم تعميم تلك النظرة الكروية على مختلف المهن لربما وصلنا في أسرع وقت لمصاف الدول المتقدمة، فالإبداع صفة مطلوبة في كل المهن مهما اختلفت أنواعها، والحق أن لنا تجارب مهنية تدخل ضمن بيئة الإبداع الخلاّق، لكنها تعيش ضمن جزر تحكمها قوانين ولوائح خاصة، فالتجربة المهنية في أرامكو وسابك والبنوك وبعض المستشفيات المتخصصة «قبل السقف الجديد» خلقت بيئة عمل رائعة، وأخرجت قيادات وكوادر مبدعة، ويظل الأمل أن تتسع حدود تلك التجربة لتشمل الشركات العائلية في مجال المقاولات والصناعات المتوسطة والخفيفة، والتي لا تزال تُهيمن على سوق الطلب في ظل فائض العرض، وذلك لضمان أسعار أقل وأرباح أكثر، وما زال الكثير ينتظر القرار التنموي الأهم.. الذي يفرض تحويل الشركات العائلية في المقاولات والصناعات المتوسطة والخفيفة إلى شركات مساهمة تحكمها المصلحة الوطنية، وسيضيف ذلك التحول قوة اقتصادية على اقتصاد البلد القوي وعلى مؤسساته الاجتماعية ودخل مواطنيه.

 

بين الكلمات
من أجل مجتمع مهني
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة