Monday 28/11/2011/2011 Issue 14305

 14305 الأثنين 03 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

نايف بن عبدالعزيز كما عرفناه
رائد بن سليمان الطيار

رجوع

 

لأكثر من ثلاثة عقود ارتبطت بعبقرية نايف بن عبدالعزيز واستلهمت منها الكثير والكثير من الدروس والعلوم النافعة والمفيدة في مختلف مجالات الحياة.. نعم لابد أن نرجع للبداية؛ عندما تقلد سموه الكريم منصب نائب وزير الداخلية قبل أكثر من ثلاثة عقود ونيف.. الفضل يرجع بعد الله عزّ وجلّ لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- فله الفضل الأول بعد الله عزّ وجلّ بإحضار هذه الموهبة الفذة النادرة.

كان الملك فهد حكيماً عندما استدعى شقيقه الذي يصغره سناً مساعداً له وخلفاً له بعد ذلك.. فقد كان الملك فهد يعرف أخاه حق المعرفة فاختاره؛ لأنه عرف مزاياه النادرة التي كان يتمتع بها.. الحكمة والحلم والأناة والبصيرة النافذة، إلى جانب أنه يملك خبرة أمنية سابقة من خلال عمله أميراً للرياض.. وعندما تولى الملك فهد ولاية العهد آنذاك كان يعرف أن نائبه الأمير نايف أهل لهذه المسؤولية الجسيمة؛ أعني مسؤولية وزارة الداخلية؛ لذلك تفرغ -رحمه الله- لولاية العهد وهو مطمئن البال.. أعطى الربان الماهر زمام الأمور وسلمها له بكل ثقة ليقود سفينة الأمن إلى بر الأمان بكل ثقة واقتدار.

وتدور عجلة الزمن، وها هو الملك المسدد خادم الحرمين الشريفين صاحب النية الصافية.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز يختار أخاه نايف أولاً: نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب وزارة الداخلية، ثم يختاره ولياً للعهد بعد رحيل أخيه الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-؛ فكان اختياراً موفقاً وصائباً وحكيماً.. «إن خير من استأجرت القوي الأمين».

الأمير نايف بن عبدالعزيز يتمتع بصفات عديدة ومواهب عظيمة؛ فهو قائد يتميز بالحنكة والهدوء، وهو سياسي متمرس يتميز بالحكمة وبعد النظر، وفي محكم التنزيل: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.

وفي الحديث الصحيح: «وفيك خصلتان يحبهما الله ورسوله.. الحلم والأناة..». وشخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز جمعت كل هذه الخصال.. وهذه الصفات والمواهب النادرة إذا اجتمعت بشخص نجح وأفلح فيما يتصدى له من مهام وأعمال.. وبينما جرت العادة أن نسمع بأن وزراء الداخلية في كثير من الدول قد عرفوا بغلظتهم وشدتهم، فإن أميرنا ووزيرنا وولي عهدنا يتصف بالنبل والخلق الكريم مع الجدية والحزم اللذين يتطلبهما منصبه الحساس.

وكاتب هذه السطور تشرف منذ سنوات ليست بالقصيرة بالانتساب لمدرسة نايف بن عبدالعزيز، فقد نهلت أنا وغيري كثيرون من هذا النبع المتدفق علماً وخبرة وحكمة ومعرفة.

وقد رأيت عن كثب موهبته الإدارية الفذة وطريقته الخاصة في العمل، فهو يشرح على المعاملات بكلمات قليلة لكنها السهل الممتنع في حل أصعب المشكلات.

يقرأ سموه جميع المعاريض والخطابات بلا استثناء سواء طال الشرح أو قصر، ولا يكل ما شاء الله ولا يمل تبارك الله، بل تراه يقلب المعروض أو الخطاب لعله يرى شيئاً لم يره.. وإذا طلب منه إنسان طلباً غير معقول أو غير مستحق لا يستعجل الرفض، بل يناقش مقدم الطلب لعله يجد لدى هذا الشخص ما يوجب موافقته على طلبه، وهو متسامح لأبعد الحدود حتى مع بعض المراجعين الذين تعوزهم الباقة.

لقد جمع الأمير نايف صفات الحاكم المسلم من حكمة وعلم وحلم وأناة وصبر؛ فهو صبور لدرجة مذهلة لا يستعجل بالحكم والأحكام، إذا جاءته قضية تمس الدين أحالها إلى مستشاره الشرعي أو إلى لجنة مختصة حتى ولو كانت قضية عسكرية، لأنه يبحث عن الحق والحقيقة لقد لاحظت كتابات كثيرة لأكاديميين وكتّاب وغيرهم عن نايف بن عبدالعزيز تركز على إنجازاته الأمنية، وهذا في نظري يركز على جانب إيجابي واحد، وشخصية الأمير نايف متعددة الأبعاد وأعماله وإنجازاته العظيمة تغطي مجالات متعددة، فكثير من الوزارات صدرت لها أنظمة وتعاميم سديدة وبتوجيه من نايف بن عبدالعزيز -وفقه الله- ونايف عند الحق لا تأخذه لومة لائم.

أذكر أن أحد طلاب العلم تقدم له بخطاب يشكو إحدى الجهات الأمنية وبعد قراءته قال بصوت جهوري: «أنت واثق من نفسك لا يهمونك.. لا يهمونك» وأصدر أمراً كريماً أعاد الحق إلى نصابه. كما أنني مازلت أذكر موقفين عالقين بالذاكرة، وما أكثر المواقف العظيمة والمشرفة لهذا المسؤول النادر.. فقد مرّ على إجراء إداري أعده معالي وكيل الوزارة لعرضه على سمو وزير الداخلية الأمير نايف وبرفقه تعميم للتوقيع لجميع الوزارات بالمملكة وكان كالآتي:

معالي وزير الزراعة

معالي وزير المعارف

معالي وزير الصحة... إلخ.

وفي نهاية الأسماء اسم سماحة الرئيس العام للإفتاء والدعوة والإرشاد آنذاك الشيخ عبدالعزيز بن باز... إلخ.. وعندما قدم للوزير الحكيم للتوقيع والإجازة أعاده بعدما وجّه وشرح على الخطاب العبارة الآتية: (يوضع اسم سماحته بالمقدمة).

وذات مرة جاءه خطاب من أمير منطقة كبيرة مذيل بخطاب شفاعة من خاله الذي يكبره سناً؛ وبالمناسبة هو أمير منطقة كذلك يشفع لسجين له قضية مخدرات، فلما عرض الخطابان اللذان يشفعان بسجين المخدرات شرح عليهما الأمير نايف العبارة التالية: (يطبق بحقه التعليمات).

وفق الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لما يحبه ويرضاه آمين.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة