Monday 28/11/2011/2011 Issue 14305

 14305 الأثنين 03 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ورود الأمل

 

جهادٌ في غير عدو!

رجوع

 

أنا رجل أبلغ التاسعة والثلاثين ولي ابن في الصف الأول المتوسط وآخر في الصف الثاني وابنة في الصف الخامس.. مشكلتي يا دكتور باختصار تتمثل في حرص زوجتي الزائد فهي معلمة وبمجرد ما تعود من مدرستها بعد عناء يوم شاق لنا جميعا آباء وأبناء تنفرد بالأولاد في إحدى الغرف لتدريسهم، وغالبا ما تكون البدايات وديعة ثم يبدأ القصف اللفظي المخيف، حيث التفنن في إطلاق النعوت السيئة على الأولاد إذا لم يستوعب أحدهم موضوعا أو بدأت الهواجس تزوره حتى تخترق الحجب وتقطع بأن مستقبلهم مظلم وأنهم على شفا جرف هار! ثم تبدأ تندب الحظ وتنوح على نصيبها أن رزقت بهؤلاء الأغبياء (ولم أسلم أنا من هداياها البشعة) ولا يمر يوم دون ضرب وجلد.

وفي ظل هذا الحماس المرضي وتحت أصداء حالة الطوارئ المعلنة خلال العام الدراسي ذهلت زوجتي عن أمور أخرى مهمة، فأنا لست أساسا في القائمة وشؤون المنزل جدا مهملة، أرجوك يا دكتور وجه لها كلمة فهي تقرأ لك وبيِّن لنا الصواب من الخطأ وفقك الله ورعاك.

ولك سائلي الفاضل الرد‏:‏

لقد أكد علماء النفس أن الإنسان يولد بلا مخاوف عدا الخوف من السقوط والخوف من الأصوات العالية، ثم يكتسب جملة من المخاوف أخطرها الخوف من الفشل وهو خوف نكتسبه إذا ما تم انتقادنا ومعاقبتنا بشكل دائم، ويعظم هذا الخوف إذا ما صاحبه صيحات الاستهجان والانتقادات الجارحة والعقاب البدني القاسي والحرمان من الحب، وهذا الخوف يعد جذراً أصيلاً وسبباً رئيساً خلف معظم مشكلات البؤس والقلق في الحياة، وبعض الأمهات في مسألة الاعتناء بالأولاد للأسف على طرفي نقيض، فهناك فريق مهملات بليدات الحس لايأبهن لحاضر ولا يبنين لمستقبل، وهناك فريق أحسب أن زوجتك منهن يجنحن للمبالغة في الاعتناء وصرف كل الوقت في المذاكرة ومحاصرة الصغار والمغالاة في المتابعة ومعاملة الطفل وكأنه على وشك الدخول في اختبار لصناعة القنبلة النووية؛ ظنا منهن أن هذا التصرفات كفيلة بصناعة جيل ناجح. وزادت زوجتك على غيرها بقلة الصبر وضيق البال والعمل (بشكل عفوي) على تحطيم الصغار وتفتيت ثقتهم بأنفسهم للأسف وأكملته بالإعلان الدائم عن القنوط منهم ولاحول ولا قوة إلا بالله!

إن أقصى ما يتمنى الوالدان في هذه الدنيا هو نجاح الأبناء وأن يصبحوا شيئاً مذكوراً وأن يكون لهم لسان صدق في العالمين، وما تفعله زوجتك من اهتمام بالغ وعناية فائقة أمر محمود لو كان أكثر اتزاناً واعتدالاً، وأما المبالغة في الحرص وانفلات الأعصاب وإهداء النعوت السيئة والقطع بالمستقبل السيئ للأولاد فهنا الكارثة والنتائج جزماً وخيمة، وللأسف فإن تلك التصرفات لا تخلو من سطحية تربوية، فهل يرضى أب أن يتفوق ابنه ويأتي متقدما في الترتيب الدراسي مقابل شخصية ضعيفة مسحوقة من الداخل هشة لا تحتمل صغائر الأمور! وهذا الخوف المرضي وتلك الحماية المبالغ فيها لا شك أن دافعها نوايا طيبة، فزوجتك ترغب في أن يجد صغارها لهم في ساحة الحياة موطئ قدم يضمن لهم حياة سعيدة. لكن ما كل مجتهد نصيب فثمرة تلك السلوكيات مُرّةٌ ونتائجها سلبية على الصغار أولاً وعلى الأسرة عموماً، فعلى الزوجة أن تتفهم أدوات الحياة السعيدة وأهم مهاراتها وهي الاعتدال فلها الحق أن تستمتع بأوقات كافية من الراحة بعد عناء العمل‏،‏ وأن تعتني بزوجها وأن تُخلي لها وجهها الجميل كل مساء..‏ وحق الزوجين في أن ينعما بحياة أسرية هانئة.

ونصيحة لزوجتك ولكل أم هو القصد القصد تبلغن، وما أروع الاتزان في جميع الأمور في الاعتناء بالنفس وفي متابعة الصغار دراسياً وفي الاهتمام بمستقبلهم ومعه الاستعانة بالصبر وطول البال وفي حسن تقسيم الوقت وتحقيق التوازن بين الواجبات المختلفة ومنها الترويح عن النفس والاستمتاع بمباهج الحياة..‏ وفي عدم تجاهل خصائص كل مرحلة من مراحل النمو واحتياجاتها‏..‏ وبذلك تتعاظم احتمالات نجاح الصغار وتميزهم وكذلك تزداد مساحة الأنس والسعادة في الحياة.

شعاع:

من الصعب أن تهزم عدواً له معقل في رأسك!

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة