Tuesday 29/11/2011/2011 Issue 14306

 14306 الثلاثاء 04 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أما قبل:

من المؤكد أن (الأندية الأدبية) ستعيش ربيعها المرتقب، وهي تدخل مراحل جديدة من حياتها، مرحلة: (الجمعيات العمومية) و(الانتخابات الحرة) و(الدعم السخي) و(اتساع فضاء الصلاحيات) و(المجالات).

وهي إلى جانب تلك المكتسبات الثرة والثرية، تواجه تحديات صعبة، لأن المستهدفين بخدمتها وهم الشباب، تتنازعهم القنوات والمواقع وسائر المصادر الثقافة، والأندية في خضم هذا الدعم، لم يخل لها الجو، كما خلت (للقبَّرات) التي تبيض، وتصفر، وتنقر ما شاء لها أن تنقر. وحين تدخل لزز التنافس غير المتكافئ مع أنداد أقوياء، تكون مهماتها عصيبة وعصية، على أن هذا الإعداد وذلك الدعم السخي سيتيح الفرصة لرموز النقد والإبداع والثقافة ممن كانت لهم قدم صدق في المشهد الأدبي خارج أسوار الأندية من قبل كي يتسوروا محاريب الأندية لممارسة الأدوار في أجواء ملائمة.

وإذ لا تكون الأندية الأدبية شيئاً مذكوراً بالمادة وحدها، فإن الكفاءات الأدبية والثقافية خير من يشد عضدها، ويركض بها في فيافي الثقافة وآفاق المعرفة وسوح الأدب الرفيع، ومتى فقدت الأندية الأدباء والمثقفين فقدت كل شيء.

والذين لم يظفروا بمفحص قطاة في الأزمنة الغابرة بإمكانهم الآن أن يتوفروا على ميادين بسعة الميادين الرياضية، وبجماهير بحجم جماهير الأندية الرياضية، لو أنهم أحسنوا استغلال تلك الإمكانيات.

ولما لم يكن هناك أصدق من صناديق الاقتراع فإن عتبي - إن كنْت من المعتبين - على نقاد ومثقفين ومبدعين تسللوا لوذاً من الجمعيات العمومية ومن الترشيح للعضوية، ونذروا للرحمن صوماً فلن يكلموا من خلال الأندية إنسيا، وهم قد شككوا في الانتخابات، وطعنوا في نزاهتها، ولو أنهم تعاونوا على البر والتقوى، وانغمسوا في التظاهرة الثقافية، وكشفوا عوارها من الداخل، إن كان ثمة عوار، لكان خيراً لهم وللحركة الأدبية في المملكة، التي تعد منتجعاً لأدباء العالم العربي، ومثابة لرغباتهم وتسويق إنتاجهم. وهل أحد من مثقفي العالم العربي لا يود أن يكون له حضور في مشاهدنا الناشطة؟

ولكيلا أدين نفسي بهذا العتاب، حيث أنني لم ألحق بالجمعية العمومية لنادي القصيم، ولم أرشح نفسي للعضوية، فإن لي عذراً، أثق أنني حين أبديه، أكون بذلك محقاً، ولا أحتاج إلى مجادلين، ولا إلى معذرين. فرجل مثلي قضى في النادي رئيساً سبعاً وعشرين سنة، من واجبه، وقد أعطى كل ما عنده أن يفسح المجال لدماء شابة، كي تمارس حقها، ولو عدت بعد هذا العمر وتلك السنوات، لكنت ممن لا يؤثرون على أنفسهم، وعزوفي عن الجمعية والعضوية ليس احتجاجاً على تصرف الوزارة، التي اتخذت قرارات فورية، نحَّت بِموجبها جميع الرؤساء والأعضاء، وكان عليها قبل هذه التنحية الجماعية والفورية أن تسبق فعلها بتهيئة الظروف الملائمة، وذلك بتكوين جمعيات عمومية، وإجراء انتخابات حرة، وأن تمارس التجربة بشكل مرحلي، حتى إذا استقام لها الأمر، طرحت المشروع للتنفيذ، ووجه الاستغراب أنها اتخذت قراراتها بشكل فوري، وبدون أي مقدمات، لقد كنت من المباركين للتغيير، ولكن بأسلوب مغاير ولهذا لم أستقل كغيري، وتقبلت الإقالة، والوزارة إذ تبادر فيما بعد إلى الإجراء السليم، فإن واجب الجميع مباركة تلك الخطوات ودعمها، غير أن البوادر لا تبشر بخير، والمتابع للإعلام يسمع حسيس التذمر والتنصل والتسلل والاتهام. والوزارة من خلال وكالتها تحاول جاهدة استيعاب هذا الحراك، وامتصاص هذا الاحتقان، واحتواء المشاكل عَبر آليات الحوار.

ولما كان لكل حدث قصة فإن بدايات التأسيس لكل نادٍ تنطوي على حكاية طريفة، ولقد شرفت بمعايشة تأسيس (نادي الرياض الأدبي) وأسهمت بتأسيس (نادي القصيم الأدبي) حيث تلقيت رسالة موقعة من الرائدين الجليلين: حمد الجاسر وعبد الله بن خميس رحمهما الله، يطلبان الإسهام في تأسيس (نادي الرياض الأدبي)، وهذا الطلب أذكى عندي الرغبة في التفكير لتأسيس نادي مماثل في القصيم، وظلت الفكرة تراودني، حتى أذن الله بترجمتها إلي فعل مشترك مع لفيف من الزملاء.

فلقد كنت في مستهل هذا القرن الميمون مع عدد من الزملاء في (بريدة) نحلم في أن يكون للقصيم مثلما كان لغيرها من مدن المملكة ومحافظاتها أندية أدبية، تجمع شتيت الثقافات والمثقفين، وتهيئ الأجواء الملائمة للمبدعين، وتدعم الحركة الأدبية، وتجمع شعثها. وحين أبدينا الفكرة لمن حولنا، لقينا دعماً سخيا وتشجيعا معنوياً، من الأعيان والمسؤولين وهذا الدعم عزز من رغبتنا، وشد من أزرنا، ومن ثم بدأنا بالتواصل مع (الرئاسة العامة لرعاية الشباب)، وتلقينا نسخة من اللائحة، وشرعنا في التأسيس، على أمل أن يكون لأبناء محافظات القصيم جهود مماثلة، وبخاصة أبناء (محافظة عنيزة) الزاخرة بالأدباء والشعراء بشكل ملفت للنظر، غير أن المحافظات كلها رضيت من اللحم بعظم الرقبة، وأكرهت على أن يكون (نادي القصيم) قسمة بينهم، دون أن يكون لكل محافظة شرب يوم معلوم، وبعد إقالة مجلسنا المنتخب، تم التشكيل الإداري على ضوء اقتسام المقاعد بين أبناء المحافظات، غير أن التشكيل الجديد الذي سيتم عن طريق الاقتراع، ربما يحرم المحافظات نصيبها المفروض من العضوية، لأن الانتخاب سيتم في (بريدة) دون غيرها، على أنني لا أدري عن آلية الانتخاب، هل وضعت في حسابها هذه الإشكالية؟ ولقد علمت من مصادر ربما أنها غير دقيقة أن الجمعية العمومية، لنادي القصيم لم تتجاوز الخمسين، وهذا عدد ضئيل، لا يمكن أن يستوفي أدباء المنطقة، وكان بودي إذا كانت الوزارة مصرة على الاكتفاء بنادي أدبي واحد لثلاث مدن رئيسة (بريدة، وعنيزة، والرس) أن يكون لكل محافظة جمعيتها العمومية وأن يتم الانتخاب في ساعة واحدة في العاصمة وفي محافظتين على الأقل، لأن الجمعية العمومية بعددها الأقل من بين الأندية لن يمكن النادي من ممارسة مهماته على وجهها.

تلك قصة الأدب في القصيم، وذلك تقويمُ مجرب للحراك المرتقب. فهل يكون الآتي خيراً من الماضي؟ أرجو ذلك، كما أرجو ألا نكون بانتظار ما لا يأتي.

وأما بعد:

فما سبق من قول كتب قبل إجراء الانتخابات في (نادي القصيم الأدبي)، وتأخر نشره في ظل ما مر على البلاد من أحداث شغلتنا عما كنا نود قوله في الشأن الأدبي، وما يعتمل في مشاهده من حراك له ما بعده، ولا يفوتني أن أبارك للمجلس الجديد ولرئيسه الدكتور حمد السويلم تلك الثقة التي منحوا إياها، وهم لها أهل، وشهادتي لهم مجروحة فمنهم زملاء أعزاء وطلاب أوفياء، أثق أنهم سيتلقون الراية باليمين، وسيتحقق على أيديهم ما يصبو إليه أدباء المنطقة، وعتبي وتحفظي ورؤيتي لما تزل قائمة، وبخاصة حين لا يكون في نية وزارة الثقافة اعتماد أكثر من نادٍ أدبي في المنطقة، وها هي نتائج الانتخابات جاءت بما كنا نتوقعه ونتخوف منه فلا (الرس) منها عضو ولا (عنيزة) منها عضو وبهذا عُدْنا إلى حيث بدأنا.

 

ربيع الأندية الأدبية وممانعة النخب..!
د. حسن بن فهد الهويمل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة