Sunday 04/12/2011/2011 Issue 14311

 14311 الأحد 09 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

النفس العجيبة
سعود بن خالد

رجوع

 

قال أحد المفكرين: «من عرف نفسه حق المعرفة أساء الظن بها», تأمّلت هذه المقولة فأعجبتني, وبرهنت لي الأيام والتجارب صدقها, فالنفس قد تدلك على الطاعة لتقودك إلى المعصية, وتبدي لك الخير والنصيحة, وتبطن الشر والخديعة, تظهر لك أخطاء غيرك وتدفن عيوبك, قد تثق بها زماناً, فتخذلك في أحوج ما تكون إليها, تكون أياماً أمّارة, ويوماً لوّامة, وأحياناً مطمئنة, وقد تجمع بين هذا كله في ساعة واحدة, تأمرك بالسوء, فإن وقَعْتَ لامتك على فعلتك, فإن ندمت وتبت اطمأنت, وقد جاء في القرآن ذكر هذه الأنواع, ففي قصة يوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}, وقال أيضاً سبحانه: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}, وقال عز وجل: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}, فالسعيد من وافته المنيّة ونفسه مطمئنة, فيارب نسألك نفوساً مطمئنة وخاتمةً حسنة.

فإن أحسست يوماً بمكرها وخداعها فاستعن عليها بخالقها وإلّا هلكت, فالتوفيق ألا يكلك الله إليها طرفة عين, والخذلان كل الخذلان أن يخلي بينك وبينها, قال أحد السلف يوماً لأحد طلابه: إذا كنت في البريّة ونبحك كلب الغنم فماذا تصنع؟, قال: أردّه قدر الاستطاعة, قال فإن عاد؟, قال: أرده مرةً أخرى, قال: فإن عاد؟, قال: أرده أيضاً, قال: ذلك يطول, ألا أخبرك بخيرٍ من ذلك, قال: نعم, قال: أخبر صاحب الغنم يكفّ كلبه عنك.

وخير من عرف أسرار هذه النفس من البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, فنراه دائم اللجوء إلى مولاه, يستعيذ به من شرّها فيقول: (اللهم فاطر السماوات والأرض, عالم الغيب والشهادة, رب كل شئ ومليكه, لا إله إلا أنت, أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه, وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم), وكثيراً ما كان يسأل ربه أن لا يكله إليها كما في الحديث: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله, ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين).

اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك, وأحينا حياة طيبةً ترضيك, ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة