Sunday 04/12/2011/2011 Issue 14311

 14311 الأحد 09 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

عنترة يناجي دار عبلة بجواء الصمان (الحلقة الأولى)

رجوع

 

يترنم الشعراء والأدباء والبلدانيون والرواة بقصائد المعلقات التي تسمى (المذهبة) وقد اجتهد البلدانيون كل بحسب معرفته في تحقيق الأماكن الواردة بالمعلقات.

وموضوع تحقيقنا اليوم هو تحديد (الجواء) الذي استبكى عنترة في معلقته ومعرفته المعرفة الصحيحة. ومن فوائد هذا التحقيق أنه سوف يشمل أماكن أخرى وردت في القصيدة لنستفيد من شواهدها للتوسع بتحقيقات بلدانية لاحقة إن شاء الله.

ويطيب لي أن أنوه بجهود الرائد البلداني الأستاذ عبدالله الشايع، الذي حقق أربعة من الأماكن الواردة بمعلقة عنترة وهي آبار وسيع ودحرض (الدحرضين) والديلم والرداع، ببحثه القيم الذي سبق نشره بمجلة الدارة في العدد الثالث رجب 1422 السنة 27.

أقول وبالله التوفيق: التبس على البلدانيين المعاصرين تحديد ناحية الجواء الذي كلمه عنترة التحديد الصحيح لعدة أسباب ألخصها بما يلي:

أولا - بسبب تعدد مواقع الجواء في الجزيرة العربية.. فقد قال الشيخ حمد الجاسر في معرض تحقيقه لجواء الصمان: (المواضع المعروفة باسم الجواء كثيرة منها الجواء -في القصيم لا يزال معروفا- والجواء من مياه حمى ضرية، والجواء في ناحية قرقرى في اليمامة، والجواء جبل غرب الربذة قرب رحرحان وغيرها) انتهى1

ثانيا - اختلط على روادنا البلدانيين المشائخ بن بليهد والعبودي وبن جنيدل الأمر في التفريق بين جواء الصمان الوارد في قصيدة عنترة وجواء القصيم الوارد في قصيدة الشاعر الجاهلي امرؤ القيس بن حجر حيث قال:

كأن مكاكي الجواء غدية

صبحن سلافا من رحيق مفلفل

وقصيدة زهير بن أبي سلمى حيث قال:

فلما بدت ساق الجواء وصارة

وفرش وحماواتهن القوابل

ولتحقيق الجواء المعني ومساعدتي في تبيان حقيقته وجدت أن أفضل أسلوب لتحديد مكانه هو الرجوع لمعلقة عنترة ودراستها واستخلاص أبياتها المتعلقة بالأماكن الواردة بالقصيدة والاستدلال بها على دار عبلة بالجواء. وبالإجمال ومن دراسة أبيات القصيدة وجدت أن جميع تلك الأماكن تقع في محيط العرمة والصمان والدهناء وحزن بني يربوع.

وهذه هي الأبيات الخاصة بالأماكن وعددها ستة أبيات على النحو التالي:

يَـا دَارَ عَبْـلَةَ بِالْجِواءِ تَكَـلَّمِيْ

وَعِمِيْ صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي

وَتَحُـلُّ عَبْلَةُ بِالْجِــوَاءِ وَأَهْلُنَا

بِالْحَزْنِ فَالـصَمَّانِ فَـالْمُتَثَلَّمِ

كَيْـفَ الْمَزَارُ وَقَدْ تَـرَبَّعَ أَهْلُهَـا

بِعُنَيْـزَتَيْنِ وَأَهْلُنَــا بِـالْعَيْلَمِ

صَعْـلٍ يَعـُوْدُ بِذِي الْعُشَيْرَةِ بَيْضه

كَالْعَبْدِ ذِي الْفَرْوِ الطَّوِيْلِ الأَصْلَمِ

شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ فَأَصْبَحَتْ

زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَـاضِ الدَّيْلَمِ

بَرَكَتْ عَلَى جَنْبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّمَـا

بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

تعريف الأماكن

في هذا التحقيق سوف نركز على سبعة أماكن في القصيدة وهي الجواء، والحزن، والصمان، والمتثلم، وعنيزتين، والعيلم، وذي العشيرة. حيث سبق للأستاذ الشايع جزاه الله خيرا أن حقق أماكن الدحرضين والديلم والرداع.

1 - تعريف الجواء: قال عنترة:

وَتَحُـلُّ عَبْلَةُ بِالْجِــوَاءِ وَأَهْلُنَا

بِالْحَزْنِ فَالـصَمَّانِ فَـالْمُتَثَلَّمِ

وسئلت بنت الخس: أي البلاد أحسن مرعى ؟ فقالت: خياشيم الحزن وجواء الصمان.

وقال مؤلف كتاب ((بلاد العرب)) ما مختصره: (ثم تقطع الدهناء ثم تصير إلى الجواء من ناحية الدجنيتين والحفر.......... فإذا خرجت من الجواء فأنت في الصمان). انتهى 2 وعلق الشيخ حمد الجاسر على ذلك بما مختصره: (هذا وصف دقيق للموضع فعند انقطاع رمال الدهناء من شرقيها تكثر الجواء الواسعة التي يحف بها من الغرب بعض أنقاء الدهناء المرتفعة، وتتصل من الشرق بأرض الصمان الصلبة،.......... بحيث إن الحبل الشرقي من حبال الدهناء المتصل بالجواء يعرف باسم (عرق الدحول) والعرق هو حبل الرمل، والجواء يعرف الآن باسم الجيان..... وفيه أجواء معروفة كجو الثور وغيره). انتهى1

وذكر الأستاذ سعد الشبانات في كتابه القيم (الصمان) تعريفات لثلاثة وستين جوا من أجوية الصمان. وقال في التعريف بجو سويقة (جو ساقان) ما مختصره: (ذكر الحموي سبعة عشر موقعا لسويقة في (معجم البلدان) وما يعنينا هو سويقة الصمان. وسويقة تصغير لكلمة ساق ومثناها ساقان ويقصد به الضلع الممتد على شكل ساق الرجل. قال جرير:

هل رام جو (سويقتين) مكانه

أو حل بعد محلنا البردان

حيث أفادنا جرير بوجود سويقتين مثنى مؤنث لسويقة. وتغير الاسم الآن إلى ساقان مثنى مذكر ساق. ولتحديد موقع الجو قال ذو الرمة شاعر الصمان:

تنطقن مـن رمـل الغناء وعـلقت

بأعناق أدمان الظبـاء القـلائد

من الساكنات الرمل فوق (سـويقة)

إذا طيرت عنها الأنيس الصواخد

ورمل الغناء الذي ذكره ما زال موجودا باسمه مع تحريف بسيط ويسمى الآن عرق المغنا. وهو فوق جو ساقان، ومعروف لدى بادية الصمان. قال غطمش الضبي من تميم وهو من ساكني الصمان:

لعمري لجو من أجـواء (سويقة)

أسـافله ميث وأعـلاه أجرع

وبالفعل يوجد في أعلى الجو جرعاء رمل تسمى الآن عريق ساقان. وأسفل الجو مدامث لينة، طيبة المرعى. فما أدق وصف غطمش، فقد نقل لنا الصورة واضحة؟ الجو فسيح وأنيس ويستحق من الشعراء ما ذكروه فيه.

وقصة تماضر بنت مسعود التي أخذها زوجها إلى بلاده في الحاضرة حيث الماء والزرع والنخيل؟ ولكنها تمنت الصمان وخصت من مناطقه سويقة (جو ساقان) على بلاد زوجها فقالت:

لعمري لجو من جواء (سويقة)

أو الرمل قد جرت عليه سيولها

أحب إلينا من جداول قرية

تعوض من روض الفلاة فسيلها

وقالت أيضا:

لعمري لإصخاب المكاكي بالضحى

وصوت صبا في مجمع الرمث والرمل

و صوت شمال هيجت (سويقة)

ألاء وأسباطا وأرطى من الحبل

أحب إلينا من صياح دجاجة

وديك وصوت الريح في سعف النخل

أفادتنا تماضر أن سويقة لها أكثر من جو وهي سلسلة من أجواء منتظمة تسمى الآن أجواء النظيم...... وفي الجهة الشمالية الغربية من جو ساقان توجد أجواء النظيم. وعن سويقة يوجد شواهد شعرية كثيرة من شعر ذي الرمة وجرير وغيرها ولعل ما أوردنا يفي بالغرض). انتهى3

2 - تعريف الصمان: صحراء خشنة شاسعة ذات حجارة وقيعان من أشهر مرابع العرب. يحدها من الغرب الدهناء ومن الشرق طفوف هجر ومن الجنوب صمان يبرين ومن الشمال وادي الباطن. وأما ما يشتهر به الصمان في أوقات الربيع فهو ما يحده غرباً الجيان وشرقاً رجم بذال وجنوبا جو العيطلي وشمالاً وادي الباطن، حيث تكثر الروضات، ومنابت الكمأ، والدحول وهي خرائق بالأرض.

قال مؤلف (بلاد العرب) ما مختصره: (الجواء مواضع سهلة ذات شجر والصمان خشن ذو حجارة وقيعان... وهي هجول، وجواء، ورضام، ونجاف، ودحول، ورقام...والصمان بلاد حموض...) انتهى2

3 - تعريف الحزن (حزن بني يربوع): وفي شمال شرق الدهناء يفلق وادي الباطن ناحية الحزن. قال ياقوت في (معجم البلدان) في تعريف الحزن ما مختصره: (وهو من أجل مرابع العرب فيه قيعان، وكانت العرب تقول: من تربع الحزن وتشتى الصمان وتقيظ الشرف فقد أخصب...قال جرير:

ساروا إليك من السهباء ودونهم

فيحان فالحزن فالصمان فالوكف

.. وقال: الحزن بلاد يربوع، وهي أطيب البادية مرعى، ثم الصمان، وقال... سئلت بنت الخس أي البلاد أحسن مرعى ؟ فقالت: خياشيم الحزن وجواء الصمان. قيل لها: ثم ماذا ؟ قالت أراها أجلى أنى شئت....

وحكى الأصمعي فقال: الحزن حزن بني يربوع وهو قف غليظ مسيرة ثلاث ليال في مثلها، وخياشيمه أطرافه، وإنما جعلته أمرأ البلاد لبعده من المياه فليس ترعاه الشاء ولا الحمير ولا به دمن ولا أرواث الحمير فهي أغذى وأمرأ، وواحد الجواء جو، وهو المطمئن من الأرض،...) انتهى4

المراجع:

1 - المعجم الجغرافي المنطقة الشرقية- حمد الجاسر

2 - بلاد العرب- لغدة الأصفهاني

3 - كتاب الصمان- سعد الشبانات

4 - معجم البلدان- ياقوت الحموي

يتبع

محمد بن عبدالله الخيال

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة