Tuesday 06/12/2011/2011 Issue 14313

 14313 الثلاثاء 11 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

من أكثر الإشكالية المطروحة في ساحتنا المحلية والعربية بل وحتى العالمية اليوم، إشكالية «الأمن المجتمعي» بدلالتها المختلفة وتقاطعاتها المتعددة ومساربه المتباينة وربما المتناقضة،، وفي ظل الظروف العربية الراهنة والتغيرات العالمية المتسارعة تطرح وبشكل قوي وصارخ قضية «الأمن الغذائي» كمفردة هامة من مفردات الأمن الشامل والذي يعني باختصار: حصول المواطن والمقيم في كل الأوقات على ما يحتاجه لإقامة أوده من غذاء صحي يتلاءم واحتياجاته الحقيقية ويتسم بالتنوع والجودة ويمنحه القدرة على القيام بدوره في الحياة على أتم وجه وفي أحسن صورة.

مكمن الإشكالية محلياً وجود مخاوف لدى البعض من متخذي القرار ومنظري التنمية وكتاب الاقتصاد والمتنفذين وكذا المتطلعين لاقتصاد صناعي منشود من أن السعي نحو تحقيق الأمن الغذائي سيؤدي في النهاية إلى إهدار للمخزون المائي المحدود ومن ثم الدخول في نفق أزمة عصية عن الحل لا يمكن بعدها تحقق حياة وضمان بقاء، فالماء سر الوجود وعنوان التنمية والنماء، ومياهنا الجوفية شحيحة وتنضب سنة تلو أخرى..

في المقابل هناك شريحة عريضة وقطاع واسع ممن يثبتون بالبراهين الواقعية والأدلة القطعية أن المخزون المائي في مناطق معروفة لدى المزارعين والباحثين المختصين لم يتغير خلال العشرين سنة الماضية على الأقل بل إن المنسوب يرتفع في مواسم الأمطار ولذا لا وجود لهذا التخوف المبالغ فيه من قبل أهل التنظير الذين لا صلة لهم بالواقع الزراعي، فهم ليسوا من أهل الحقل الميداني ومعلوماتهم مع كل احترام وتقدير عاجزة عن الخلوص لتوصيف دقيق يحدد معالم الإشكالية بكل دقة علمية وواقعية ويضعها بين يدي متخذ القرار السيادي الذي به تحقيق جزء هام ونوع أساس من أنواع ومجالات الأمن الإنساني في وطننا السعودي، ثم إن الهدار المائي الناتج عن إنتاج لتر من اللبن مثلاً، أو جراء التسربات الموجودة في شبكة المياه أشد خطورة وأعظم ضرراً ويجب أن تكون البداية من هنا بعيداً عن التخرصات والتكهنات التي لا تستند إلى معطيات الواقع ودلائل الحقول الزراعية التي لا يمكن أن تجامل أو تحابي، فالماء الذي يستخدم للري يعود في الأرض مرة أخرى ومعه تعود دورة الحياة الجوفية من جديد.

إن هناك الكثير من المستجدات العالمية الاقتصادية والسياسية والبيئة الطبيعية والمناخية التي تحيط بنا تجعل من المناسب استبعاد خياري:

• الاعتماد على سوق الغذاء العالمي كما هو الحال حتى لحظة كتابة هذا المقال.

• تشجيع الاستثمار السعودي في الزراعة الخارجية، وهو الخيار الذي تبنته ورقة العمل التي أعدها معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود وستٌعرض بكل تفاصيله في منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة التي ستعقد في العاصمة الرياض في الفترة 17 – 19 ديسمبر الجاري، أشار إلى ذلك صراحة الكاتب الاقتصادي المعروف عبد العزيز إسماعيل داغستاني في «شذرات اقتصادية» يوم الجمعة الماضي عبر الجزيرة الاقتصادية..

والسبب في اقتراح استبعاد هذا الخيار - عندي - أن السيادة السياسية في عالم مضطرب عالمياً وعربياً تجعل من المتعذر ثقة رأس المال الاستثماري السعودي بمثل هذا النوع من الاستثمارات ذات المخاطرة العالية، علاوة على صعوبة ضمان سهولة توفر وسائل النقل بالشكل الذي يضمن تدفق الغذاء الصحي وتوفره زماناً ومكاناً وبالشكل الكافي والصالح للوفاء بمتطلبات الحياة اليومية لإنسان الوطن.

إن الباحثين المختصين في جامعاتنا السعودية ومراكز الأبحاث والدراسات الزراعية والجيولوجية مدعوين لمطارحة هذه الإشكالية المعقدة والخطيرة وعليهم تقع مسئولية الوصول إلى القرار الفصل في:

• التأكد من مقولة (... المحافظة على احتياطي المياه الجوفية غير القابلة للتجديد!! )هل بالفعل هي غير قابلة للتجديد، وهل إذا لم تستغل ستبقى لا تتحرك من مكانها أو أنها ستغذي دولاً أخرى؟

• هل يمكن للباحثين أهل الاختصاص التوصل مثلاً لإمكانية زراعة القمح والأرز حتى ولو كان معالجاً بطرق مبتكرة بمياه البحر المالحة؟

• دراسة البدائل الغذائية الممكنة التي تحتاج إلى ماء أقل وتلبي احتياجات القطاع الرعوي الذي يعاني أزمة حقيقية اليوم.

• اقتراح آليات وتقنيات للري تتحقق معها تنمية زراعية مستدامة تفي باحتياجات السوق السعودي الحالي والمستقبلي وتضمن الربح المجزي للمزارع والتاجر وبالسعر المنافس للمستهلك.

عموماً الموضوع ساخن وهو في النهاية ذو مساس بأمن الوطن وسلامة وصحة المواطن والزمن يمضي والأحداث تتسارع والكل يتطلع لغد أفضل وأمن أعم وأشمل، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
أمننا الغذائي..«بين السندان والمطرقة»
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة