Tuesday 06/12/2011/2011 Issue 14313

 14313 الثلاثاء 11 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

من أهم معوقات التنمية السكانية في المملكة الندرة في المساحات المخصصة للبناء، والتي يُعزى إليها تعاظم أزمة السكن، وتضخم أسعار العقار. قد لا يقبل العقل حدوث النُدرة في دولة بحجم المملكة العربية السعودية، إلا أن الواقع المُعاش يُثبت بأن ملكية الدولة للأراضي المُحيطة بالمدن المأهولة، والمناطق القريبة منها، والمساحات الرابطة بين المدن الرئيسة تقلصت بشكل كبير، وتلاشت في بعض المناطق، ما أثر سلباً في خطط التنمية السكانية، وبرامج التطوير، وإستراتيجيات التنمية.

أنفقت المملكة مئات المليارات دعما للقطاع الزراعي، وخصصت مساحات شاسعة من الأراضي المهمة لمواطنيها الذين تسابقوا للحصول على المنح الزراعية التي وصل بعضها لملايين الأمتار. فرطت وزارة الزراعة، وزارة الشؤون البلدية، الأمانات، والوزارات ذات العلاقة بمساحات شاسعة كان من الممكن المحافظة عليها للأجيال القادمة؛ أو لاستغلالها في التنمية السكانية. نجح بعض المواطنين، في استقطاع مساحات من الأراضي الحكومية وضمها إلى أراضيهم الزراعية محدودة المساحة، والقريبة من المدن، أو الواقعة في المحيط العمراني، ما أثر سلبا في توفر الأراضي الحكومية التي كان من الممكن تحويلها إلى منح، أو ضواحي سكنية تُسهم في معالجة أزمة السكن الخانقة.

اكتشفت وزارة الزراعة مُتأخرة خطأها الإستراتيجي حين سهلت عملية تملك الأراضي الزراعية، وقدمت الدعم المالي للمستثمرين والمزارعين، دون أن تحقق هدف التنمية الزراعية الذي بُنيت على دراسات وتقديرات خاطئة أسهمت في تجفيف الآبار، واستنزاف مخزون المياه الإستراتيجي. غالبية الأراضي الزراعية استثمرت في مجالات لا علاقة لها بالزراعة، وإن استخدم أصحابها، الزراعة، كجسر لتملك الأراضي الحكومية الشاسعة.

فشلت الإستراتيجية الزراعية، وخلفت لنا الخسائر الفادحة؛ وأصبحت الدولة غير قادرة على توفير الأراضي السكنية لمواطنيها، واضطرت في بعض الأحيان إلى تعويض ملاك المزارع لنزع ملكياتهم لصالح بعض المشروعات الحيوية، كمشروعات السكك الحديدية. كان من الممكن وضع نظام يتيح للمواطنين حق الاستنفاع من الأراضي الحكومية بدلا من تملكها، وهو ما يضمن بقائها في يد الدولة واسترجاعها عند الحاجة، وبعد انقضاء عقد الاستنفاع. المصالح المتداخلة حرمت الحكومة من مخزون الأراضي القادر على معالجة أزمات السكن القادمة، وليس الأزمة الحالية فحسب.

تخصيص الأراضي الزراعية حرم الحكومة من مساحات كان من الممكن استغلالها في إنشاء المدن السكنية، أو توزيعها على المواطنين المستحقين للقروض العقارية؛ أو تخصيصها لوزارة الإسكان التي تشتكي ندرة الأراضي المُتاحة لمشروعاتها الضخمة. يمكن للحكومة مراجعة المنح السابقة، وإعادة استثمار بعض المناطق المخصصة للأنشطة الزراعية في مجالات الإسكان؛ نظام استغلال الأراضي الزراعية الأخير أعطى الحق لملاكها بتغيير استخدام بعض الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مخططات سكنية، ومثل هذا القرار سيسهم في زيادة ثروات المخالفين على حساب المواطنين الباحثين عن قطعة أرض بأسعار مناسبة. الحكومة يمكن أن تسترجع الأراضي الزراعية إما من خلال القوانين المنظمة لاستغلال المنح الزراعية، والتي تعطي الحكومة الحق بسحبها من المخالفين، أو بتعويض ملاك الأراضي الزراعية غير المستغلة، وفق تعويضات «انقطاع المنفعة». يمكن للأرض الزراعية الواحدة أن تُقسم على أكثر من ألف مواطن، أو أن تتحول إلى ضاحية سكنية تؤي أكثر من عشرة آلاف نسمة. الأراضي الزراعية تنتشر في جميع مناطق ومدن المملكة وفي استرجاع بعضها علاجاً ناجعاً لمُعضلة «ندرة الأراضي» المتسببة في أزمة السكن.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
أزمة السكن.. الأراضي الزراعية (3)
فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة