Wednesday 07/12/2011/2011 Issue 14314

 14314 الاربعاء 12 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

سنوات من عمرها قضتها معه،، ذابت ضمنها كل الفوارق..... كل الاحتمالات بالتباعد بينهما.. تلاشت في مساماته دون تردُّد، وتراءى لها أنه اجتياح جميل سيبقى حتى النهاية، لكن كما يقال دوام الحال من المحال، فبعد سنوات من التحلُّل والانسكاب لكيانها في مجراه، تحوّل ذاك الانغماس غربة موجعة، سكون لا ينتهي، انتظار دائم، أسكنت غضبها منه علّه يعود يوماً، لكنه انتهج خطاً غير خطها، لم تستوعب سيمفونية الفراق التي تسير باتجاه واحد، حتى أثقل وجعها نكران منه يبطنه مرار قارس، إسفاف بحقوقها جعلها تراه رجلاً غير من عرفته، فقد تداعت مع كل ليلة التحفت بها جدران غربتها وحيدة شيء من جمالياته التي احتفلت بها مسبقاً، أعلن لها ببساطة أنها ما عادت تجوب مشاعره بجنون كما كانت، فأسقط بكلماته كل الأوراق، كل الاحتمالات، فقد ودّع ذاك الرجل فرحها معه بلا عودة، كم ضحكت بينها وبين نفسها انصهار مخاوفها في بوتقة الحنين التي أقنعتها أنه انشقاق مؤقت، خرجت من شرنقتها بعد صمت ثقيل، عاتبته استباحته ذكرياتها دون استئذان منها، لكنه أوعز لها أنها امرأة لم تَعُد تعنيه كما كانت، لم تَعُد تكتسح تفكيره، لم تَعُد تصرخ لها مشاعره، أخرجها بسهولة من أجندة تاريخه كأنها ما كانت بها أبداً، فأدركت أخيراً أنّ سيمفونية الرحيل قد عزفت أنشودتها، حملت بقاياها وخرجت من حياته مثقلة بانكسار ثقتها، أبت حتى دموعها أن تهطل تلك اللحظات الحزينة، فقد أوجعها ذاك الرجل بما يكفي حتى لم يبق له ألم في نفسها، من قال إنّ المرأة تسقط مع أول هزيمة لها في حياة الرجل؟

الحقيقة أنّ ما يحدث هو العكس تماماً، فما نراه من تغني كثيرات من النساء في هذا العصر طرباً بعد الفراق، لا يمت بأي صلة للحكمة التي تقول « قد يرقص الطير أحياناً من شدة الألم»، بل هو نتاج حتمي لواقع كان مريراً وموجعاً، فاحتفال المرأة بانعتاقها من شرنقة رجل أساء معاملتها أو استباح حقوقها، لا يدخل في أسطورة الجنون النسائي بحب الاحتفال، بل هي غيبوبة عن الواقع مختارة وطوعية تفننت بها نساء أعلن أزواجهن وفاتهن وهن أحياء.

قد تكون احتفالية المرأة بالطلاق برأي الكثيرين من الرجال ظاهرة اجتماعية غير عقلانية أو حتى منطقية، لكن ما يحدث من انكسارات في العلاقات الزوجية حالياً في مجتمعنا بعيد كل البعد عن العقلانية، فكما من حق المرأة الاحتفال بارتباطها برجل سكن أحلامها طويلاً، قد يكون من حقها أيضاً الاحتفال والابتهاج بنسيان ذاك الرجل الذي أوجعها عند خروجه من حياتها، وعلى رأي أحلام مستغانمي «أحبيه كما لم تحبه امرأة وأنسيه كما ينسى الرجال»، فكما يبدو من تلك العبارة أنّ النسيان كان دوماً مسألة رجولية يتفنن بها الرجال، إلاّ أنّ هذا العصر قد أفرز أيضاً نساء تزاحمن الرجال في مكرهم وخياراتهم التي تلونها الأنانية سعياً للنسيان. فلمَ نغضب من امرأة تحتفل بطلاقها ولا نغضب من رجل أزهق العلاقة الزوجية بيديه؟

salkhashrami@yahoo.com
 

انسيه كما ينسى الرجال
أ.د. سحر أحمد الخشرمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة