Wednesday 07/12/2011/2011 Issue 14314

 14314 الاربعاء 12 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأولى

      

لا أحد فوق مستوى النقد إذا ما تجرَّد صاحبه من الأهداف الشخصية، والتزم بأدب الحوار، ونزاهة الكلمة، وكان موضوعياً وصادقاً ونزيهاً، ولا حصانة لكائن من كان من المسؤولين بالدولة عن مواجهته بالحقيقة المجردة التي تعبر عن ضمير وطني مخلص، طالما أنها تنشد العمل الإصلاحي الحقيقي الذي يخدم الأمة، ويبلور بصدق ما يمكن تحقيقه من إصلاحات لها، في ظل ما تتمتع به المملكة من مناخ مناسب وبيئة صالحة لحوار مسؤول باستخدام وسائط الاتصالات المقبولة التي مهدت الطريق أمام من يريد أن يعبر عن وجهة نظره بموضوعية، ويقول رأيه بوضوح وصراحة وصدق.

* * *

غير أن حرية الرأي التي فتح الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطريق أمام كل مواطن بأن يعبر عن همومه وهواجسه ويقول ما يراه، لها ضوابطها وشروطها ومتطلباتها، وبينها ومنها وأهمها أن تكون المقترحات والآراء والأفكار والمناشدات والبيانات في أي شأن من الشؤون متوافقة ومنسجمة مع آراء الأكثرية من المواطنين، ومبنية على واقع حقيقي، أو عن وضع يكون حينها مثار تذمر أو عدم رضا من أكثرية المواطنين، وأن في تبنيها إنما تلبي بذلك التطلعات التي ينتظرها كل مواطن، ويسعى إلى تحقيقها، وينشدها كل محب ومخلص لوطنه؛ سواء أكان هذا المواطن في موقع المسؤولية أو كان خارجها.

* * *

ويبدو أن من استهوتهم كتابة البيانات، وأغراهم حلم الدولة، وشجعهم سهولة استخدام وسائل الاتصال، واعتادوا ألا يُسأَلوا عن مسؤوليتهم في تصرف يخل بأمن واستقرار الوطن، مع ما يعطيه لهم عملهم هذا من ترحيب واستقطاب لدى قوى أجنبية، قد لا يكون تعاطفها معهم صادراً عن نية صادقة نحو الوطن، قد شجعهم على استمرار هذا النوع من البيانات، دون أن يفكروا بما قد يلحقه ذلك من إساءات لوطنهم، مما لا يصح أن تصدر عن مواطن يتمتع بما يتمتع به هؤلاء من اهتمام ورعاية وفرص وظيفية وتعليمية وصحية وغيرها، كغيرهم من المواطنين، مع ممارسة كاملة لحقوقهم في التعبير عن آرائهم المشروعة دون أن يحاسبوا أو يسألوا عنها.

***

وهذا البيان الذي وقعه اثنان وستين مواطناً، حول ما أسموه (محاكمة الإصلاحيين بجدة، وأحداث القطيف المؤسفة) إنما يمثل خروجاً على الضوابط التي أشرنا إليها، سواء باستخدام الوسيلة الإعلامية غير المناسبة لإيصال هذا البيان إلى من رغبوا إيصاله لهم، أو من خلال الأفكار التي تضمنها بيانهم، فضلاً عن الخلل في الرؤية لمعالجة المواقف التي يتبناها بيانهم، ما يعني أنهم لا ينطلقون من رؤية فاحصة وسليمة، وإنما يأتي هذا البيان كسابقاته من البيانات ولنفس الأشخاص عن نوايا مسبقة ومبيتة اعتراضاً وإدانة لكل الأحكام القضائية بحق المسيئين لأنفسهم ومواطنيهم ووطنهم.

* * *

وهذه الإملاءات التي جاءت على شكل مطالب في بيان هؤلاء، لا تعبر بالضرورة إلا عن وجهة نظر هذا العدد المحدود من المواطنين، وأن المساس سواء بالمؤسسات القضائية وما صدر عنها من أحكام بحق الجناة، أو بالمؤسسات الأمنية التي لولا تدخل رجالها في الوقت المناسب لكان عدد القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء بأرقام يفوق كثيرا ما أشار إليه بيانهم، الذي يطالب بأن يمارسوا ما يمس سلطة الدولة وهيبتها ومسؤوليتها في حفظ النظام والحقوق.

* * *

لقد خلا البيان -مع شديد الأسف- من أي إشارة إلى المعلومات التي قدمها المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية عن أحداث القطيف، مثلما تجاهل البيان المرتكزات والحقائق والقرائن التي بنيت عليها الأحكام القضائية حول ما يقول بيانهم من أنها أحكام بحق الإصلاحيين صدرت إثر محاكمة افتقرت إلى الكثير من معايير العدالة، بما يفرغ بيانهم- بنظرنا- من أي أهمية أو مصداقية أو قيمة، ويؤكد من جديد على أن حقوق المواطنين وضمان أمنهم واستقرارهم تظل أمانة في عنق الدولة، وبالتالي فمن المؤكد أنه لن يؤثر على سياساتها ومواقفها المبدئية الثابتة مثل هذه الإملاءات والبيانات والضغوطات الخارجية، طالما أننا نعيش في جو يسوده الفهم والتفاهم بين الشعب والقيادة.

* * *

وأخيرا ، فإننا لا نطالب بمساءلة من وقع على هذا البيان أو محاسبتهم، ولكننا ندعوهم إلى التفكير والتأمل بخطورة ما ينادون به، ونناشدهم بأن يراجعوا مواقفهم في ظل كل هذا التسارع الواضح والملموس والشامل في خطى الإصلاح الذي يقوده الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بلا حاجة لبلادنا معه لمثل هذه البلبلة والتشكيك وإثارة الفتن، ومن ثم إلحاق الضرر - لا سمح الله - بكل الوطن والمواطنين بإصدار مثل هذا البيان.

 

لمصلحة من هذا البيان؟!
خالد بن حمد المالك

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة