Wednesday 07/12/2011/2011 Issue 14314

 14314 الاربعاء 12 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

إن سارت الأمور الإدارية البيروقراطية على ما هي عليه، أي على المعتاد، أتخيل أن التعامل مع الخريجين المتخصصين العائدين من البعثات الخارجية سوف يتم بإحدى الطرق التالية: التعيين في إحدى الدوائر الحكومية تحت إشراف مدير بيروقراطي عتيد يهلهل الصدأ من أذنيه، أوالعمل في القطاع الخاص تحت إشراف رئيس أجنبي يقدح شرار التعصب لبني جلدته من عينيه، أو ترك الخريج يدبر حاله بحاله ويبحث عن رزقه بشطارته في حشائش أو خشائش الأرض، وفي هذه الحالة يمكنه أن يحصل على إعانة (حافز) حتى يبلغ الخامسة والثلاثين إن كان عمره دون ذلك، إلا أن يستغني بطريقة ما عن كل الحوافز ويموت جوعا قبل ذلك.

في الحالة الأولى، أي التعيين تحت إشراف المدير البيروقراطي العتيد صاحب الأذنين الصدأتين، أتوقع أن اللقاء الأول مع الخريج المتخصص سوف يجري هكذا: يا أهلا يا مرحبا، حيا الله حبيبنا ابن الوطن البار، ماشاء الله تخرجت؟. هاه ماجستير ولا دكتوراه يا ولدي؟. في أوراق تعيينك يقولون إنك متخصص (على سبيل المثال) في صحة البيئة!. خلاص من بكرة اذهب إلى شارع التحلية لتفقد نظافة الرصيف الشمالي والرصيف الجنوبي. لكن اسمع، إذا سمعت أبواقا مدوية وهرجا ومرجا والصوالين تتقافز فوق الأرصفة تطارد الشبان الصائعين أصحاب القذال الطويلة والقصات المائعة، حينئذ عليك أن تنسحب بهدوء من الرصيف، أي تشرد بعمرك لكي لا تنكبس معهم وأنت لا تدري. لكن لماذا أتعبك مع أرصفة شارع التحلية؟. الأفضل أن تذهب إلى حي خنشليلة لتفقد صحة البيئة هناك. عليك أولا بالبوفيهات والمطاعم والبقالات، تأكد من النظافة العامة والوجبات الغذائية ومن التقيد بأنظمة الأمانة والبلدية والدفاع المدني في خنشليلة. عليك أن ترفع تقريرا شهريا مفصلا عن ملاحظاتك لكي أقوم أنا برفعه إلى مجلس الشورى لكي نساهم في تزويد الأعضاء هناك بما يتناقشون حوله قبل أن يقتلهم الملل.

في حالة قبول الخريج المتخصص بهذه المهمات وأدائها بإخلاص وتفان، سوف يتعين خلال سنة على الأكثر مديرا لمكتب المدير، ولربما وصله الدور لاستلام الإدارة كمدير فيما لو مات المدير أبكر من اللازم.

في الحالة الثانية، أي العمل في القطاع الخاص تحت إشراف رئيس أجنبي يتطاير شرر التعصب لأهله وذويه من عينيه، أتخيل أن الأمور سوف تسير منذ المقابلة الأولى كالتالي: يا أهلين وسهلين، شو ما شاء الله تخرجت بكير، ما كان أحسن لو طولت شوي هونيك وكسبت شوي خبرات. لكن معليش إنتا عا راسنا وبين أهلك وربعك. ساعات العمل عندنا بالمفتوح، متى أردت الحضور تحضر ومتى أردت الانصراف تنصرف، لا تريد العمل أصلا، لا تتعب نفسك خليك بالبيت، راتبك مضمون حتى لو لم تحضر. ولو.. مشاغل البيت والأهل أهم وأولى من الشركة. لكن يا عمي، إذا بدّك تدخل معنا في صميم ودواعيس العمل تفضل واعمل في تلك الغرفة، آخر غرفة في الرواق، من فضلك ماتفتح الشباك منشان ما يدخل الغبار والشوب علينا. بتلاقي في الغرفة واحد مثلك من جماعتك، تخرج قبلك وتعين قبلك، دبر حالك معه.

أما في الحالة الثالثة، أي عند ترك الخريج المتخصص يدبر حاله بحاله ويبحث عن رزقه بشطارته في حشائش أوخشائش الأرض مع الحصول على امتياز (حافز)، فإننا في هذه الحالة نكون قد عدنا إلى المربع الأول قبل عصر البعثات، لكننا خسرنا الزمن وأهدرنا بلايين الريالات.

ماذا نعمل بالمبتعثين إذن بعد عودتهم؟. أحصوا كل البيروقراطيين الصدئين والرؤساء المستوردين وأحيلوهم على التقاعد أو الاستيداع وضخوا الدماء الجديدة في أماكنهم.

 

إلى الأمام
خليك بالبيت يا متخصص!
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة