Thursday 08/12/2011/2011 Issue 14315

 14315 الخميس 13 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الموقد الشتوي بجواري يبعث في الأطراف رجفة لا دفئا..

تنهمر بجمره الذاكرة، تطوي سنين كنتِِ تحملين على الشتاء بموقديكِ:

روحك التي تشع من حولنا فتدفئنا..

وطعامك الممزوج بدعائك, أن تكون في كل لقمة منه، بركة عافية، تنسرب في عظامنا الراجفة بردا، وأطرافنا المتجمدة صقيعا..

والرياض لا تُقسط في بردها، ولا في حرها..

من فرط كرمها تتدفق بهما...

نوَّارة، تحلو بقصصك ليالي الشتاء كثيرا،..

لم تكن عباراتك فيها لطي الوقت, حتى تداعبنا أجنحة النوم..

بل كنتِ تبثين فيها ما تريدين أن يصلنا..

وكثيرا ما كنتُ أتظاهر بالنوم، وقد أبحرتُ في معانيكِ..

أقلبها وأتأملها، وأتفقد تفاصيلها...

فأنتِ بقصة منها تأملين أن نكون مسالمين في الصفح، وأذكياء في الحق..,

تمنحيننا فرصا لنفكر،..كيف يكون الحق، وكيف يصاحبه الصفح..؟

موازنة لا تميل كفتها، إلا لمعادل أبعد أثرا..., وأوسع ملاذا...

الذكاء حينذاك في التقاط معانيكِ..

تلك التي تصبح محور نقاشكِ ِ سؤالا تطرحين، وإجابة تريدين...

عرفتكِ في زمهرير الشتاء معلمة.. لا أمهر من درسكِ، ولا أبلغ من عطائكِ..

منكِ عرفت يا نوارة دفء الكلام...,

وبعد بحوره...,

وتعلمتُ منكِ كيف أشق على نفسي، وأحرك مجاديف فكري، نحو مراسيه، دون كلل، ولا يأس...

مواقدكِ نوارة ليست تقف عند اثنين: طعامكِ..., وكلامكِ....

بل كانت هناك لكِ مواقد لا حصر لها, تشعلينها في دفين نفوسنا، ومخابئ تفكيرنا،...ونبضة وجداننا...

الشتاء بدونكِ يا نوارة، صمت الزمهرير،...

يتكئ بكلكله على جدار البيت...,

وموطئ الدعس...،

وسطوح اللمس..,

ليس غير مناخ شديد البرودة...,

وأجسادا تستقبله بالكثيف من الملبس.., والدسم من الغذاء..., وكومة أدوية لاتقاء نزلاته...

موحش الشتاء بدونكِ يا نوارة...

شتاؤك كان..

لا أمراض فيه..

كان صحيح العافية..., موفور الصحة.., مضاء بإشراقات مواقدكِ..، دون جمر، ولا رماد..

نهاره ألماسة في تاج بياضكِ..،

نورك ِ، نار فكر..، وهمة عزيمة..، ونبش لا يكل في مساق حرث.., وبذل.., وزرع...,

وحصد...

كنتِ مدرسة الهمة..., وصولجان الحيوية،...

قلتِ ذات شتاء: (ليكن برد الشتاء طبلة المسحراتي لكِ يا ابنتي، كلما نُقرتْ أطرافكِ بلسعه، جاوبيه بالعمل)..

كان الشتاء أحلى مواسمكِ..

الآن...

رائحة مواقدكِ تعمر أنفي...

والحبر في دواتي يبعث رائحة كلماتك...

وقراكيسي محملة بقوافل حمولاتكِ...

يا نوارة،...

رحمك الله..

وأدفأ مرقدكِِ بنعيم جزائه...

أنتِ الأم التي لا تتكررين أبدا...

 

لما هو آت
لكِ وحدكِ...
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة