Friday 09/12/2011/2011 Issue 14316

 14316 الجمعة 14 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ما تتخذه الصين في هذه الأيام من مواقف حيال الكثير من القضايا العالمية ليس ببعيد عما كانت تتخذه عبر تاريخها المديد، والذي يتسم بالحذر، ولا شك أن مواقف كهذه لها إيجابياتها وسلبياتها التي قد يختلف فيها الناس طبقاً لرؤيتهم، ومصالحهم، ونظرتهم للأمور. ومهما يكن فإن الناس طبقاً لرؤيتهم، ومصالحهم، ونظرتهم للأمور. ومهما يكن فإن الناس أخياف فيما يرون وما يشعرون، وسيكونون كذلك إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

وفي عصر الخلفاء الراشدين، ولا سيما في عصر الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان التواصل بين المسلمين والصين جلياً وموثقاً من قبل المراجع العربية والصينية، وتذكر تلك المراجع أن «يزدجرد» ملك الفرس عندما شعر بالخطر القادم من جزيرة العرب، أرسل في عام 638م وفداً إلى إمبراطور الصين «زانج تاي» بطلب المساعدة، لكن الصينيين آثروا التريث، وبعد هزيمة الفرس في القادسية، أرسل «فيروز بن يزدجرد» مرسولاً إلى امبراطور الصين «قاو زانج» وذلك في عام 650 ميلادية يطلب منه المساعدة في استرداد ملك والده المقتول، فما كان من إمبراطور الصين إلا أن اعتذر منه، وطيب خاطره بإرسال مندوب من قبله إلى الخليفة عثمان بن عفان ليشرح له شكوى فيروز.

وهذا النهج في التعامل، وذلك بحسن الاستقبال، وتطييب الخواطر، دون الدخول في أمور غير محسوبة العواقب، دأب سارت عليه الصين حتى يومنا هذا، وحكمة مازالت تسير عليها، ولهذا فإنّ نزاعاتها الخارجية محدودة. وعموماً فعندما وصل وفد الصين إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، أكرم وفادته كما هي عادة العرب، وأرسل معه أحد القادة إلى الإمبراطور الصيني آنذاك، والذي بدوره استقبله استقبالاً يليق به، وقد ذكرت المراجع الصينية هذا الحدث.

فقد حوى كتاب «تانغ» القديم ما نصه (العرب قوم فارعو الطول، ووجوههم ملتحية، نساؤهم جميلات، ولهم لغتهم الخاصة بهم، وهم يربون الإبل والخيل، وسيوفهم تمتاز بأنها حادة، وهم شعب مقاتل، وأراضيهم صحراوية لا يمكن زراعتها، وطعامهم الرئيسي لحوم الإبل وألبانها، بالإضافة إلى الأرز، وبعض الأطعمة الأخرى، وقد تمكنوا في الفترة من 661-663 ميلادية من هزيمة الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية الشرقية، كما قاموا بإرسال أكثر من أربعمائة ألف مقاتل لغزو بلاد الهند، حيث تمكنوا من فتح كثير من أرجائها).

والصينيون لم يجانبوا الحقيقة في وصفهم للعرب، فهم في نظر الصينيين فارعو الطول، عند مقارنتهم بسكان جنوب الصين قصيري القامة في الغالب، أما الوجوه الملتحية، فهذه حقيقتهم التي تختلف عن الصينيين الذين اعتادوا على حلق لحاهم وشواربهم، وفي نساء العرب من الجمال ما يسلب ألباب الصينيين وسواهم، أما ما ذكروه من وصف للمأكل والمشرب والبيئة فهذه حقيقة لا مِرَاءَ فيها، وقد يقول قائل: إن العرب لم يعرفوا الأرز في طعامهم إلا في العصر الحديث، والحقيقة غير ذلك، فالأرز موجود في العراق والأحساء وغيرها منذ تلك الحقبة من الزمن. وعموماً فإن تلك الوفود لم تقتصر على الفرس فحسب، بل إن الرومان بدورهم أرسلوا موفداً من قبلهم إلى إمبراطور الصين يخبرونه بهزيمة العرب لهم، ويطلبون منه المساعدة، ومن ضمن ما قالوه: (إن العرب قد هزموهم وأجبروهم على دفع الجزية)، وقد ذكرت المراجع الصينية عن أحداث تلك الحقبة (أنّ هذا الرجل جمع عدداً كبيراً من الناس وعبر بهم النهر واستطاع بجيشه الكبير أن يهزم الفرس والروم).

 

نوازع
الصين والعصر الراشدي
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة