Saturday 10/12/2011/2011 Issue 14317

 14317 السبت 15 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

رحمك الله يا أبا سهيل
عبدالرحمن بن زيد السويداء

رجوع

 

حينما تفقد الساحة الأدبية شخصية من أوائل أعلامها مثل الشيخ عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان رحمه الله فإن ذلك يمثل خسارة كبيرة، لا سيما وأنه من أوائل الصحفيين الذين اقتحموا باب الصحافة في وقت لا يتجاسر الكثيرون على ولوج هذا الباب، وبالذات تأسيس جريدة يومية، لكن أبا سهيل أقدم واقتحم وأسس جريدة صوت الظهران في عام 1374هـ 1954م ولكن للأسف لم يطل بها العمر حتى أغلقت.

ومعرفتي بأبي سهيل -رحمه الله- قريبة عندما جرى تكريمه من قبل مركز ابن صالح بعنيزة، وكنت ضمن المحتفين به هناك والمشاركين في التحدث عن إنجازاته، سافرنا في معيته والأستاذ محمد بن عبدالرزاق القشعمي والدكتور معجب الزهراني والأستاذ محمد بن حسين وكاتب هذه السطور تحركنا من الرياض صباحاً بعد الإفطار، وزاد سفرنا أثناء الرحلة النكت، والطرائف والملح وأبيات الشعر ذات الطابع الصريح التي تدخل إلى النفس المرح والحبور، وكان أبوسهيل يشارك في الطرح بروح شبابية مرحة وكأنه أصغرنا، وكان يقول عن هذه الملح والشعر الصريح، هذا الشعر الصادق في ذائقة المجتمع الذي يعبر فيه الشخص بصراحة وعلى السليقة والعفوية دون مواربة أو مدارات أو مجاملة في مختلف المجالات الإيجابية والسلبية.

قطعنا هذه الرحلة التي امتدت أكثر من ثلاث ساعات عبر نحو 400 كيل وما شعرنا بالوقت أو المسافة طيلة هذه الرحلة أو النزهة، وكل واحد منا يدلي بدلوه ويتخلل ذلك موجات من الضحك وتعليقات حانية حتى وصلنا إلى عنيزة، وتم حفل التكريم وأكرمونا أهل عنيزة أيما إكرام، كثّر الله خيرهم ورفع قدرهم، وفي طريق العودة مررنا بمدينة الزلفي حيث تناولنا الغداء عند أحد وجهائها بوليمة كبيرة كثر الله خيرهم وأكثر من أمثالهم، ثم قفلنا للرياض مع الاستمرار على النمط الذي اتبعناه يوم أمس. في هذه الرحلة عرفت الشيخ عبدالكريم وعرفت فيه روحه الشابة المرحة ثم زرته بعد ذلك واجتمعت به في مناسبات عامة.

أما إسهاماته الثقافية فهي كثيرة لا تخفى على ذي بصيرة، وقد تحدث عنها الكثير ممن كتبوا عنه غير أنني أحب أن أتحدث عن جانب قد مرَّ عليه الكثير مرور الكرام ألا وهو الموضوع الذي أغلقت جريدة صوت الظهران من أجله وهو المقال الذي كتبه الجهيمان بطلب تعليم المرأة وفتح مدارس للبنات، كما هو الحال للبنين، هذا الموضوع الذي نشره بالجريدة وجاء على إثره الأمر بإغلاق الجريدة عام 1374هـ 1954م في ذلك الوقت الذي لم يكن للمرأة أي نصيب من التعليم الرسمي بالمدارس، في هذا الوقت رفع الجهيمات نبراس تعليم المرأة، تلك الشعلة التي رفعها لتضيء سماء المرأة التعليمي والثقافي، ولذلك أقول إن له فضلا كبيرا على المرأة من حيث التعليم حين نادى بتعليم النساء، وينبغي، بل يجب على كل امرأة تنعم اليوم بنور التعليم والثقافة أن تترحم على الجهيمان وتدعو له بالدعاء الصالح؛ حيث طرح فكرة تعليم المرأة مساواة بالرجل.

بقي الموضوع متخمراً يتفاعل بالأذهان ولكنه لم يراوح مكانه غير أنه وصل إلى أسماع المسؤولين الذين اهتموا به، رغم وجود معارضة من بعض الأهالي.

وفي بضع سنوات من حادثة إغلاق الجريدة فتحت مدارس للبنات في كثير من المدن حتى إذا جاء عام 1384هـ 1954م أي بعد عشر سنوات من حادثة الجريدة، وتمشيا مع تعميم هذا الاتجاه فقد وجد هناك معارضة من بعض الأهالي ذوي النظرة القصيرة في بعض المناطق، وإني لأذكر في نفس العام 1384هـ أن مجموعة كبيرة من إحدى المناطق جاءوا على نحو من 50-70 سيارة وخيموا دون طلعة (ديراب) عند مدخل الرياض الجنوبي الغربي وهدفهم إبداء رأيهم والمعارضة في فتح المدارس للبنات، لكن الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بحنكته وحكمته وبعد نظره أجَّل مقابلة وفد المعارضة بضعة أيام حتى تم افتتاح مدارس للبنات في المنطقة التي جاءوا منها، وبعد ذلك استقبل الوفد وعرف مطلبهم ويقال أنه أجابهم بقوله: (لقد فتحنا المدارس وانتهى الأمر، فمن أراد أن يدخل بناته فالمدرسة مفتوحة أمامه، ومن لم يرد فلا إجبار عليه، توكلوا على الله عودوا إلى أهلكم) ولما رأوا أنهم أمام الأمر الواقع لم تكمل تلك السنة حتى انتظمت الطالبات في المدارس.

هذا الجانب أي تعليم المرأة وطرحه أمام المسؤولين كان لأبي سهيل اليد الطولى فيه، فرحمك الله يا أبا سهيل رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة