Wednesday 14/12/2011/2011 Issue 14321

 14321 الاربعاء 19 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حقيقة ما يتردد عن ظلم المرأة
د. علي سعيد آل صبر

رجوع

 

كثيراً ما نسمع من يقول: إن المرأة مظلومة وأنها لم تتمتع بحقوقها كاملة وأنها في مهب الريح بالنسبة لحقوق الرجل. وبعضهم أرجع هذه الأمور إلى الدين وآخر إلى المجتمع وثالث لوضع المرأة في التكوين النفسي... والحقيقة أن الخوض في مثل هذا الموضوع صعب وقد لا يفي حقه في سطور أو مقالة بل يحتاج إلى الكثير لكي تتضح حقيقة ما يقال عن ظلم المرأة.

صحيح أن هنالك مجتمعات وبيئات وأديانا لم تعط المرأة أقل حقوقها تعسفاً وظلما وسوف نشير إليه في هذا الموضوع.

ولكن ما هو أقل حقوقها التي تتطلع إليها..؟ إن من أبسط حقوقها التي من حقها أن تكون.. أن لها أن تعيش كما يعيش الآخرون في حياة يملؤها الحب والعيش في جو آمن على نفسها وأنوثتها.. ولها أن تنشد الاستقرار كما ينشده الرجل.. ولها أن تسعى وراء فضيلة التعلم والتعليم وإيجاد عمل يؤمن لها حياتها المستقبلية ويشبع رغبتها في أن تكون إنسانة منتجة ولبنة صالحة في مجتمعها ولكن.. في إطار أنوثتها ومناسبة المجال الذي تتطلع إليه وأن تكون في حيز يحفظ لها عفتها وحرية حركتها من غير أن يخدش حياءها المكان الذي تعمل فيه. ولو نظرنا إلى بعض الأديان والمجتمعات التي تنتمي لهذه الأديان لوجدنا أن إدماج المرأة فيما يناسبها وما لا يناسبها.. فيما يخدش حياءها وامتهانها وجعلها سلعة عرض للمزايدة أو المساواة في عفتها وكرامتها.. فلو وقفنا قليلاً ونظرنا إلى العصر الجاهلي وما آلت حال المرأة من ظلم وقسوة. كان الرجل إذا بشر بالأنثى ظل وجهه مسوداً وكأن طامة كبرى وقعت به ولم يكن هنالك من يستطيع أن يبشر أحداً بمولودة أنثى.. كانوا يتشاءمون بالأنثى إلى حد أنهم أباحوا لأنفسهم وأد فلذات أكبادهم ودفنها في التراب لاعتبارات يسودها الجهل والتخلف والبعد عن المعنى الإنساني، كانوا لا يعترفون لها بميراث ولا حقوق، وفي عهد قريب كان بعضهم يقول للآخر إذا أراد أن ينطق باسم امرأة -أعزك الله- أو (الله يكرمك) وكأنها مذلة أو شيء يعار به. لقد وصل تخلف بعضهم ألا يأكلوا في إناء واحد.. كانوا في بعض البلدان يهتمون ببعض الحيوانات كالبقر وغيرها أكثر من المرأة.. لو نظرنا إلى بعض الديانات وظلم المرأة فمثلاً الديانة اليهودية تجرد المرأة من معظم حقوقها المدنية وتجعلها تحت وصاية والديها وزوجها وتكون في كلتا الحالتين ليس لها أي سلطة وضعية للمطالبة بحقوقها فهي أشبه بالمملوكة. وفي الديانة اليهودية أيضاً الكثير منهم يعتبر أن وجود المرأة إنما هي لعنة تصيب من رزق بها.. وهي في عرفهم صديقة للشيطان وهي مسئولة عما يفعله الرجل من أعمال شريرة. كما أن في الديانة اليهودية تعسفا على حق المرأة في الميراث إذ إنها لا ترث إلا إذا كان لم يكن لأبيها ذرية من البنين.

ولم تكن المرأة في الديانة النصرانية أسعد حظاً من سابقتها إذ إنها لم تعط شيئاً من الاهتمام أو الحقوق إلا بقدر يسير وإلى عام 1882م من الميلاد لم يكن للمرأة حق التملك وكثير من القوانين وضعت ضد المرأة في أوروبا.

من هنا جاء دين العدالة والمساواة دين التآخي والرحمة دين الإسلام. لقد أنقذ الله المرأة من الظلم ظلم الجاهلية وتعدد الأديان.. لقد رفع مكانتها وعظم شأنها وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة فجعلها أما كريمة وزوجة لها حق الإرث في مال الأب والزوج بما يكفل لها العيش في رخاء.. جعل لها مهراً في زواجها من حقها هي دون سواها، أعطاها حق الرفض والقبول بالزوج.. جعل لها حق رفع الظلم عنها فيمن ظلمها.. فمن تعدى على شرفها وعفتها يجلد ويرمى بالنصوص الشرعية المثبتة، لم يسمح لمن قذفها بل يعاقب بما أنزل الله في ذلك من عقاب.. يقتل من قتلها، وكثير من حقوقها وجدت للعدل والمساواة في هذا الدين العظيم. ولنا أن ننظر إ لى أن هنالك من النساء من هن أفضل من الرجال بعلم ودين وبصيرة، ومن نظر في صفات الصحابيات والتابعيات عرف أن هنالك نساء طيبات صالحات يفضلن على كثير من الرجال.. وكما قال عليه الصلاة والسلام (كان من الرجال كثير ولم يكن من النساء إلا آسية بنت مزاحم زوجة فرعون ومريم بنت عمران) وكذلك فضل فاطمة وخديجة، ولنا في رسول الله قدوة في كل التعاملات ومنها مع المرأة وتغيير النظرة الجاهلية إليها لكي تأخذ مكانتها في المجتمع الذي تعيش فيه.. صحيح أن هنالك ظلماً للمرأة في بعض المجتمعات ولكنه من فعل البشر وينبذه الدين وينافي كمال التوحيد. ومن أنواع ذلك الظلم في المجتمع تبعاً للعادات التي جنحت عن تطبيق التعاليم الإسلامية وأحكامه في حياتنا الواقعية.. هنالك بعض الآباء يجبرون بناتهم على الزواج من شخص معين لا ترغب فيه والدين الإسلامي يوصي بأخذ رضاها قبل رضا والديها في الزوج الذي سوف تقترن به.

وكذلك من الأزواج من يتعدى على مال زوجته التي تتقاضاه بجهدها وعرقها من عملها الوظيفي. ولا ننسى العادات والتقاليد التي قد تكون موجودة في بعض المجتمعات ومنها مجتمعنا، وهي من أبشع الظلم على المرأة مثل (العضل والحجر ومنعها من الزواج إلا من ابن عمها أو ابن خالها وعدم تزويج الصغيرة إلا بعد الكبيرة) وغيرها الكثير.. لذا يجب علينا أن ندرك أن المساواة من أبسط حقوق المرأة المساواة فيما شرعه الله وأمر به..ولندرك أن النساء شقائق الرجل.. وأن كثيرا من صور الظلم للمرأة إنما مرجعه ومصبه البعد عن الدين والسنة النبوية. فلنتق الله في المرأة ولندرك أنهن أمهات وخالات واخوات وعمات وزوجات أوصى الله بهن خيراً.

أبها

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة