Saturday 17/12/2011/2011 Issue 14324

 14324 السبت 22 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أشعر بخيبة أمل الأجيال القادمة عندما أسمع تقرير محافظ مؤسسة النقد السنوي عن أن النفط لا يزال المصدر الرئيس للإيرادات المالية، وأقل ما يعنيه ذلك أن برامج التنمية الاقتصادية لم تحقق أهدافها خلال العقود الماضية، فالوضع لا يزال يعتمد على بيع النفط وصرف إيراداته في الأسواق المحلية والخارجية، برغم من أن النفط سلعة ناضبة، مما يعني أن الأجيال القادمة مهددة بالجوع والجفاف والفقر مالم نتدارك الوضع الحالي، والعمل على استغلال الثروة في بناء اقتصاد غير معتمد على النفط، ولكن هل حان الوقت أن نعلن بهدوء أن الوطن يفتقر إلى الخبرات الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي السليم، وهل حان الوقت إلى أن نعلن يمنتهى الشفافية حاجتنا إلى خبرات أجنبية من أجل كسب السباق مع الزمن في العقود القليلة القادمة، وبالتالي تجاوز الاعتماد شبه الكلي على الطاقة النفطية في حياتنا الاقتصادية.

تعد قصة المملكة مع النفط ملحمة تاريخية، فقد كان قرار الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- في الإصرار على استمرار التنقيب عن النفط عملاً عبقرياً، وقد ساعد اكتشاف النفط الدولة في مهام تجاوز قسوة البيئة بكل ما تعنيه الكلمة في الجزيرة العربية، وإن كان له سلبيات، أحدها مساهمته في تضخم نعرة الفخر بالخصوصية، أو أننا مختلفون عن بقية العالم، كان من نتائجها ظهور حالة مناعة ضد قلق خطر نضوب النفط في المستقبل، ويشترك المسؤول والمواطن في ذلك، وتظهر الممانعة في ردات الفعل الاقتصادية على نتائج التقرير السنوي لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، والذي يعلن فيه كل عام استمرار الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، وأنه لا يزال أهم تحد أمام المملكة!.

عندما أحضر بعض ندوات وزارة العمل عن برامج حافز ونطاقات وغيرها، أشعر بأننا قريبون جداً من حالة اللطم والنواح، والذي عادة ما تكون وسيلة التعبير الأخيرة، حين يصل الإنسان إلى حالة الإحباط واليأس، فقد مرت سبعون عاماً على اكتشاف الذهب الأسود، ومع ذلك فشلت الدورات الاقتصادية في إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني، وفشل خبراؤنا الاقتصاديون في توجيه واستغلال الثروة البشرية الوطنية، بل إن بعضهم كان عاملاً في قصص الإخفاقات، وضياع مدخرات المواطنين أثناء وبعد كارثة الانهيار العظيم لسوق الأسهم، فقد كان الخاسر الأكبر فيها دخل المواطن، بعد أن التهمته خسائر سوق الأسهم، وقضى عليه جشع البنوك وقروضها المضاعفة بشقيها الربوي والمؤسلم، وبعد كل هذه الإخفاقات لم يعد أمامنا إلا لطم الخدود على الجهد الضائع، وقبل أن نعلن وصولنا إلى حالة النواح سأعيد شيئاً مما حاولت أن أوضحه أعلاه: لنعلنها بصدق وشفافية، لقد فشلت خبراتنا الاقتصادية الوطنية في بناء جسر الاقتصاد المتعدد والمستقل عن الثروة النفطية أو سياسة بيع الخام ثم صرفه كرواتب وإعانات وإنشاءات.

ولأن الصدق أهم شيء كما قالها الملك حفظه الله، سيكون الرهان الخاسر لمن يتوقع تغييراً في تقرير المحافظ القادم في العام القادم، فقد تردد على أسماعنا منذ الطفولة أن النفط المصدر الوحيد، وتكررت على أسماع الأجيال خلال السبعين عاماً الماضية نفس الجملة، ومع ذلك لم يتغير من الأمر شيء، ولن تحدث المعجزة التي طال انتظارها في العام القادم، إذ لا يزال النفط يشكل أكثر من 85% من إيرادات الدخل الوطني!، وربما فقدنا الأمل في أن نصبح دولة اقتصادية على غرار ماليزيا وكوريا، لكن الشيء المختلف هذه السنة أنه لأول مرة يتولى محافظ مؤسسة النقد موقع وزير الاقتصاد بعد يوم واحد من إلقاء تقريره السنوي عن الاقتصاد الوطني، فهل يستطيع الدكتور محمد الجاسر إحداث التغيير الذي طال انتظاره بعد أن شخَّص أزمته في كلمته الأخيرة كمحافظ للمؤسسة؟

 

بين الكلمات
المصدر الرئيس للدخل ناضب!
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة