Saturday 17/12/2011/2011 Issue 14324

 14324 السبت 22 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أثار تقرير مجلة ساينس الأمريكية الأسبوعية زوبعة إعلامية في الوسط السعودي، وكان من المفترض ان يمر مرور الكرام، كما مر غيره من مقالات أخرى في نفس المجلة الساينس عن موضوعات تعليمية أخرى، وفي صحف ومجلات في مجالات أخرى تنتقد المجتمع، أو تخطئ سياسة، أو تنتقص من إجراء،

أو تحتفي بقصور أو تشير إلى فساد.. إن المقالات التي تنشر عن المملكة بمختلف مجالاتها وسياساتها وبرامجها وأشخاصها كثيرة وهي على مدى عقود طويلة من الزمن.. ونالت المملكة خاصة من الإعلام الغربي أكثر من غيرها من دول العالم العربي على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن الكثير من النقد والكثير من التجريح والكثير من المساءلات.

وقد نتوقف عند مقال لهيكل عن المملكة، أو مقال لفريدمان في النيويورك تايمز أو تحليل في الايكونومست أو خبر في الواشنطن بوست، ولكن تمرسنا في مجتمعنا ومؤسساتنا ان نتجاوزها ونستمر في مواصلة المشوار.. وقافلتنا تسير وتسير.. فلو وقفنا عند كل مقال لأصبحنا متجمدين في أماكننا، وكنا قد بقينا ثابتين لم نتحرك، ولقضينا وقتا بعد وقت وعاما بعد عام ونحن نفكر ونخمس ونسدس في أبعاد ودوافع ومسببات وتداعيات هذه المقالات.. ولو فعلنا ذلك لحققنا لكتاب ومحرري ووسائل إعلام هذه المقالات الهدف الذي كانوا ينشدونه والغاية التي يسعون لتحقيقها من مثل هذه المقالات.

نحن نعطي أحيانا أهمية لمقال، أو لكاتب، أو لمجلة أو لقناة تلفزيونية أكثر مما يستحق أو تستحق، ويجد الكاتب أو الوسيلة الاعلامية أكبر مفاجأة ان وجد هذا الامتداد العريض من التفاعلات الكبيرة لمقاله وهذا الصدى الواسع الكبير من قبل مختلف فئات القراء.. ولاشك ان مقالات مجلة ساينس لها احترامها العلمي فهي ليست مجلة عامة بل هي من المفترض ان تكون مجلة متخصصة في شؤون العلوم، ولكن يظل لكل عمل أخطاؤه، وله سلبياته، وله مشكلاته، وله نواقصه.. وهذا المقال الذي نشرته مجلة ساينس عن الجامعات السعودية الثلاث وهي الرائدة بين الجامعات السعودية (الحكومية والخاصة) الثلاث والثلاثين لا يعطي مصداقية لبعض القواعد التي استند عليها المقال. فهناك استنتاجات غير صحيحة مبنية على فرضيات غير دقيقة.

لاشك ان القفزات الكبيرة التي حدثت في التعليم العالي خلال السنوات الماضية، وتحديدا في جامعات الملك سعود والملك فهد والملك عبد العزيز وقبل ذلك تأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية شكل دهشة كبيرة أمام الكبير والصغير، أمام الداخل والخارج، وأمام العام والمتخصص. فهذ القفزات الكبيرة شكلت فيما بينها توجها للدولة والمجتمع في البحث عن مستقبل البلاد في البحث العلمي والدراسات المتخصصة. ولا يختلف اثنان على أن مثل هذا الإنجاز لم يسر البعض، لأن هذا الإنجاز جاء عبر خطة وطنية للارتقاء بمؤسسات التعليم العالي إلى مستويات نوعية تسهم بها الدولة في بناء مستقبل المجتمع والأجيال القادمة.

ومع هذه الإنجازات استطاعت الجامعات السعودية وفي مقدمتها جامعة الملك سعود ان توفر بيئة بحثية متقدمة تهيئ للبحث والتقصي والدراسة والتحليل، وخير دليل على ذلك ان أستاذا جامعيا مثل الدكتور خالد الرشيد من ابرز باحثي المملكة لأن البيئة البحثية قد تم تهيئتها له ولغيره من زملائه. وقبل النقلة الحقيقية في البيئة الجامعية للملك سعود كما أشار إليها مقال الساينس قبل عام 2008م لم يتمكن الدكتور الرشيد من نشر إلا حوالي أربعة بحوث سنويا، ولكن بعد هذا التاريخ ومنذ بداية الانطلاقة الحقيقية في تطوير بيئة البحث العلمي تمكن الرشيد من نشر 139 بحثا، منها 49 بحثا عام 2010م. ويجب ان ننظر إلى ذلك على أنه نجاح حقيقي للجامعات السعودية في ان توفر بيئة بحثية ناجحة لأساتذتها وباحثيها. وكنت أتمنى ان يكون لدينا خالد الرشيد في كل تخصص من التخصصات الجامعية. فعلى الرغم من استشهادات المقال بالدكتور الرشيد في سياق سلبي مبني على مقالات داخلية وتصريحات غير موفقة، إلا أننا ننظر إلى ذلك باعتباره نجاحا للجامعات في عهدها الجديد..

من يقرأ تقرير الساينس باللغة الإنجليزية أو من يقرأ ترجمته باللغة العربية الذي وضعته جامعة الملك سعود على موقعها الإلكتروني لصحيفتها الجامعية (رسالة الجامعة) منذ الأسبوع الماضي يلاحظ أن المقال موجه بشكل خاص إلى جامعة الملك عبد العزيز حيث كان يتناول موضوع الإجراءات التي تبنتها الجامعة لاستقطاب الباحثين الدوليين ودعم وزارة التعليم العالي لها في مثل هدا البرنامج، ولم يقدم التقرير استشهادات عن جامعة الملك سعود أو جامعة الملك فهد في هذا الجانب الرئيسي من التقرير سوى أنه قفز إلى استنتاجات تشير إلى ان تطور مكانة الجامعتين في التصنيفات العالمية كان نتيجة برامج مشابهة، لكنه لم يدنها بأي شيء.. لكن السياق العام للمقال كان يتهم جميع الجامعات السعودية بشراء الباحثين الدوليين بهدف تسلق التصنيفات. وهذا ما يجعلنا نشكك في نوايا المقال، فلو تناول جزئيات الإجراءات التي اتبعتها جامعة الملك عبد العزيز التي حاولت ان تحصل من خلال برنامجها على موافقة الباحثين الخارجيين دون موافقة جهات عملهم، فلربما نكون قد تقبلنا مصداقية التقرير من هذه المجلة.

بعكس ما تقوم به جامعة الملك سعود من اشتراط موافقة جهات عمل الباحثين لإعطاء التعاون صفة رسمية وذات طبيعة أخلاقية. ومحرر التقرير كان على علم ان جامعة الملك سعود تضع اشتراطات أساسية لموافقة جهات عمل الباحثين الدوليين، وهذا ما جعله ربما يضع يده على كتابات صحافية أو تصريحات محلية ذات سياقات خاصة ليستدعي إدراج جامعة الملك سعود إلى سياق الموضوع.

والأهم ان هذا الموضوع يجب ان يأخذ سياقا طبيعيا دون مبالغات في ردة الفعل، فهو تقرير مثله مثل غيره من مئات أو ربما آلاف المقالات والتقارير التي تحاول ان تجرح بمؤسسات أو قيم أو شخصيات سعودية. وكلما تجاوزنا هذه المقالات وأشباهها كلما عشنا جوا صحيا واستطعنا ان نلتفت إلى الأهم في عجلة التنمية السعودية. ولكن إعطاء الموضوع أكبر من حجمه سيؤول إلى تضيع للوقت والجهد والتفكير.. لأن مثل هذا المقال لن يهز مؤسسات جامعية دخلت إلى عالم الريادة، كما لن يغير من قناعات المؤسسات السياسية والاجتماعية التي رأت أن النجاح الذي انتقلنا إليه يجب ان يدعم ويساند. ويجب ان نواصل المسيرة التي بدأنا فيها.. مسيرتنا نحو البناء لمجتمعنا ومؤسساتنا ومستقبلنا.. وإذا لنا أن نقول شيئا عن هذا المقال - في كلمات محدودة - فهو أننا سنكون اكثر إصرارا وتصميما على أن نواصل مسيرتنا نحو العالمية.. أو كما قال محمود درويش (بتصرف) «سنصير يوما ما نريد»..

(*) رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود

alkarni@ksu.edu.sa
 

إلى ساينس مع التحية: (سنصير يوماً ما نريد)
د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة