Sunday 18/12/2011/2011 Issue 14325

 14325 الأحد 23 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

      

فيما تغلي مصر، يتسلى المعتصمون بلعب كرة القدم أمام مجلس الشعب وفي الفسحة الواقعة بين مبنى مجلس الوزراء ومجلس الشعب، اختار المعتصمون فريقين للعب كرة القدم، وكأن الكرة أرادت أن تكسر حاجز الملل فهربت إلى داخل ساحة مجلس الشعب بعد أن تخطت أسوار المجلس، وعندما حاول المعتصمون إعادة الكرة لمواصلة اللعب استدرج أفراد الشرطة العسكرية من أراد إعادة الكرة ليشبعوه ضرباً، وبعد أن تلقى «علقة ساخنة» عاد لزملائه المعتصمين دون أن يحضر الكرة ليفجر صدامات بين المعتصمين والشرطة العسكرية كانت حصيلته أربعة قتلى وعشرات الجرحى.

حادثة توضح حالة التأزم التي تسكن جميع الأطراف في مصر، المعتصمون الذين يعدون أنفسهم ناشطين سياسيين يتعاركون من أجل استرداد كرتهم التي يلعبون بها مثلما يلعبون بمصير مصر. والشرطة العسكرية وكأنهم يبحثون عن أي شيء لاستفزاز المعتصمين، احتفظوا بالكرة من أجل إغاظة المعتصمين تجسيداً لسوء إدارة الأزمة من قِبل من يقودون الشرطة العسكرية الذين تسبب عدم ضبطهم لجنودهم في مقتل أربعة من المعتصمين وإصابة العشرات بجروح من أجل كرة القدم وعدم سماحهم للمعتصمين بمواصلة اللعب.. فهم لا يريدونهم أن يلعبوا كرة قدم، فقط مسموح لهم اللعب بالنار...!!

هذا حال مصر اليوم، عدم تقدير الحالة وما يمكن أن ينتج عنه تصرف غير مسؤول، فهل يمكن تصور من جاؤوا للاعتصام أمام مجلس الوزراء أن يتسلوا بلعب كرة القدم..!!

وهل يمكن تصور شرطة عسكرية تحرس مبنى مجلس الشعب أن تمنع من يزعجوها من اللعب وأن ينشغلوا بكرة القدم بدلاً من رمي الحجارة...!!

أين قائد وحدة الشرطة العسكرية؟ وهل أراد الاحتفاظ بالكرة لإعطائها لجنوده لتكوين فريق منهم لمباراة فريق آخر من المعتصمين بدلاً من مباريات الكر والفر التي يمارسها الطرفان في ميدان التحرير والشوارع المحيطة به؟

وهؤلاء المعتصمون ألا توجد لديهم إلا كرة قدم واحدة حتى يجعلوا منها قضية يدفعون لها ثمناً باهظاً بتقديم أربعة قتلى من شبابهم وعشرات الجرحى ومع هذا لم تعد لهم الكرة؟!

حادثة كرة القدم التي هربت من أقدام المعتصمين إلى داخل أسوار مجلس الشعب تمثل بعداً رمزياً وتجسيداً لتراجيديا مأساوية ممزوجة بملهاة يشترك الجميع في مصر لجعلها صورة لما يجري على أرضها.. وكأنهم يحولون مصر إلى كرة تتقاذفها الأهواء.

jaser@al-jazirah.com.sa
 

أضواء
مصر.. كرة قدم تتقاذفها الأهواء
جاسر عبد العزيز الجاسر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة