Sunday 18/12/2011/2011 Issue 14325

 14325 الأحد 23 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

«الأمن والاستقرار» عنصرٌ أساس ومحوري في البناء الإنساني والمجتمعي، والعمود الفقري للنهوض والتقدم المادي والحضاري للدول والمجتمعات الإنسانية قاطبة. وتؤكد أحداث التاريخ المتقدمة والمتأخرة على أنَّ عنصر الأمن والاستقرار هو البيئة الحاضنة لكل المشاريع الحضارية، وبرامج التنمية والإنماء، والتوظيف والتشغيل للموارد المتاحة.

والمملكة العربية السعودية دولةً ومجتمعاً تدرك أهمية هذا العنصر المحوري، وأنَه سبيلها لتحقيق المكانة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالية، التي تكفل للناس الحياة الكريمة، والسعادة والطمأنينة، وتحفظ لهم حقوقهم ومكتسباتهم.

ومن ثمَّ اجتهدت الدولة والقيادة الرشيدة، على توفير بنيته الأساسية، وأدواته الضرورية، الكفيلة بحماية منجزات وسيادة الوطن، ودرء المخاطر الخارجية والداخلية عنه، الساعية للعبث بأمن البلاد والعباد. وفي مقدمة ذلك اعتماد قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها دستوراً للبلاد، ومصدراً وحيداً للتشريع، والتوكيد على ذلك في أكثر من مادة من مواد النظام الأساسي للحكم.

يواكب هذه الأجواء الأمنية المستقرة حراك إصلاحي وتنموي للدفع قُدماً بخطوات البناء الوطني العام الذي يتحسس نبض الشارع، واحتياجات الوطن والمواطن، ويُحقق المزيد من الفعالية التنظيمية والإدارية في أجهزة الدولة على المستوى المؤسسي والهيكلي، لمواكبة مستجدات العصر، ولمقابلة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهدها المملكة، والدور القيادي الذي تضطلع به في محيطها العربي والإسلامي والدولي. وللتعاطي بصيغٍ إيجابية، مع التطورات الإقليمية والعالمية. ولعلَّ من أحدث هذه الخطوات الإصلاحية والتطويرية ذات البعد التنموي والخدمي التعديل الوزاري الأخير في تشكيلة مجلس الوزراء، والذي استهدف فيما استهدف تفعيل الأداء الحكومي، وتحسين مخرجات منظومته الإدارية والخدمية.

هذه الأجواء الأمنية المستقرة، يواكبها كذلك حراكٌ فكري وإعلامي، ذو حيوية عالية للنُّخب والتيارات الفكرية الوطنية، على اختلاف مدارسها وتوجهاتها، يتماهى مع هامشٍ من الحرية يسمح بطرح العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، على كافة المنابر الإعلامية، ويتيح تبادل الآراء والأفكار الموضوعية، والنقاشات الهادفة، ذات الصِّلة باحتياجات المجتمع الأساسية والتنموية.

كل هذه المكتسبات بأركانها الأمنية والتنموية والفكرية تفرض على جميع النُّخب والتيارات المجتمعية العناية بمنهجية ضابطة لمسارات حراكها الفكري والإعلامي وتطبيقاته، بما يحفظ لهذا الوطن مبادئه وقِيمه النبيلة، ووحدته الوطنية. فذلك عنصر أساس لموضوعية الكلمة والحوار والنقاش الفكري، بعيداً عن أيَّة إرهاصات طائفية أو عنصرية أو فئوية أو استفزازية. إذا سلمَّنا بهذه المنهجية الضابطة، فإنَّ الساحة الوطنية اليوم متاحة لكل صاحب رأي ورؤية، وفكرة وقضية، يمارس حقه المكفول له أدبياً ودستورياً في عرض رؤاه وأفكاره، وأُطروحاته، في مناخ صحي، لا مجال فيه البتَّة لدعاوى امتلاك الحقيقة والإقصاء والاستبعاد. مثل ما هو حقٌ من حقوق الانتماء والمواطنة، لا يمسه رأيٌ غالب، أو متنفذ، ما دام أنَّ ذلك يتم في إطار مبادئ الدِّين الأساسية، وقِيمه النبيلة. وثوابت الوطن وخصائصه. وفي ظل هذا المناخ لا مجال كذلك لغلبة فكرٍ أو منهجٍ معين، قد يُسفر عن دفع فئام من أصحاب القلم والكلمة نحو القهقرى والانزواء الفكري، بلْه قد يدفعهم إلى الاصطفاف مع الآخرين، دون قناعة أو اقتناع، والتموضع بمكان لا يخدم مصداقية الكلمة وشفافيتها، وما يستتبع ذلك من التنازل تباعاً عن قناعاتهم الفكرية، وفق هذه الحالة الاصطفافية غير المنطقية. وهذا بالقطع لا يصب في صالح الحراك الثقافي والمجتمعي السليم.

ومن ثمَّ، ووفق هذه الاعتبارات الإيجابية، فلا معنى إطلاقاً لبعث رسائل أو بيانات ذات سياق فكري تحريضي، يستهدف خلط الأوراق، وبعثرة المواقف، واستفزاز الأجواء والرؤى معاً، وإثارة التوتر والاحتقان، والتوجس والاتهام. ويتغافل عن مؤشرات الإنجاز العالية في مسيرة البناء والتنمية والإصلاح والفكر، والركون إلى قلب الحقائق، وتزييف الوقائع دون مسوغات صحيحة أو منطقية. بلْه دون اعتبار لما يمثله هذا التَّداعي الفكري من المسِّ بالوحدة الوطنية، عوضاً أنَّه لا يخدم بأية حالٍ من الأحوال قضايا المجتمع واحتياجاته.

على أيَّة حال لم تفلح هذه النوعية من الرسائل والبيانات في الماضي في إحداث اختراقٍ يُذكر في أوعية الرأي العام داخل الوطن وخارجه، وإعادة إنتاجها من جديد يشير إلى استمرار القراءة الخاطئة لاتجاهات الرأي العام الوطني الذي في مجمله يرفض التغريد خارج السِّرب.

كلمة أخيرة: الوطن بهويته الإسلامية والعربية هو الحاضن للحراك الفكري والثقافي، بكل معطياته الإنسانية والأخلاقية والمعرفية التي تثري الساحة الوطنية بالمنتجات الإبداعية المتجددة، وبمختلف الأفكار والرؤى الموضوعية التي تخدم قضايا المجتمع، خاصَّة ما يتعلق منها بالقضايا العالقة والملتبسة والخلافية. وتخدم في الإطار نفسه مسيرة البناء والتنمية والإصلاح، وتُعزِّز من مسارات التقدم والنهوض العمراني والحضاري.

من مأثور الحِكم:

إِذَا عَظَّمَ البلاَدَ بَنُوها

أَنْزَلَتْهُمْ مَنَازِلَ الإِجْلالِ

 

خلط الأوراق واستفزاز الأجواء والرؤى
د. عبدالمجيد محمد الجلال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة