Thursday 22/12/2011/2011 Issue 14329

 14329 الخميس 27 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

زرته في مكتبه للسلام عليه بعد تجاوزه لعارض صحي ولفت انتباهي أن إحدى واجهات المكتب تضج بأنواع الدروع التذكارية منها ما هو فخم قد خسرت عليه الجهة المهدية رقماً مالياً ربما شكّل عبئاً على ميزانيتها، لاحظ المدير أن عيني تسارق النظر إلى الدروع؛ فقال مبتسماً: هل ترى لها من قيمة إن هي أخرجت من المكتب؟! أجبته: نعم في ليلة قارصة البرد في (مشب) ملحق منزلك العامر، فجلها قطع خشبية نقش عليها عبارات تمجدك دون أن تتأكد من صدق نوايا من قدموها، تجاوز هذه الجزئية، وعقَّب بسؤال: من متابعاتك هل تعرف من ابتكر هذه الفكرة في مناسبات التكريم، حاولت أن (أتميلح) وأتصنّع أني أعرف من هو لكن غابت عني المعلومة ولم تسعفني الذاكرة، فانحرفت بالحديث عن أنها صارت ظاهرة اجتماعية، أو كما يُقال (موضة) حتى الأولاد الذين يلعبون الكرة في الأحياء يقدّمون هذه الدروع لتكريم اللاعبين المتميّزين، يجمعون بضعة ريالات ويتجهون لأقرب نجار وخلال ساعة يكون قد صنع لهم من بقايا وقصاصات الأخشاب التي كان يرغب قذفها في النفايات درعاً صغيرة، وهذه حال الدروع التي تملأ خزانات بعض مدراء المؤسسات والمنشآت الحكومية غير أنها تكون أحياناً من بلاستيك مقوَّى وزجاج لامع وبخط ورونق جاذب، لكنها (باستثناء بعضها) لا تقدّم ولا تؤخّر من حيث المعنى لأن المهدي والمهدى إليه ومن احتفلوا بتقديمها يعلمون أنها حلقة من سلسلة مجاملات تمهد لما هو أكبر من الدرع، فهي تلين الصلب وتنبئ عن بدء جولة من العلاقات الحميمة بين طرفي مصلحة وإن كانت في إطار النظم والقوانين ولم تتجاوز إلى غير ذلك من الشبهات، لكنها إشارات لطيفة لمرحلة من التعاون (مثلاً) بين شركة ومرفق أو مؤسسة حكومية، ويُقال إن بعض الدروع وأمثالها قد تكون مجسّاً أو مؤشر استشعار لصلابة مدير المنشأة وهشاشته أمام الإغراءات التي تبدأ من دعوة للعشاء فدرع تكريمي تذكاري ثم تكون المحادثات الهاتفية في إطار العلاقات التي تثمر هدايا يعقبها توقيع على منافسة لتنفيذ مشروع، هكذا يتصور الرواة وكتّاب السيناريوهات المتلفزة، ولا أفهم اختيار الدرع وهي في الأصل تستعمل في اتقاء حراب وسيوف المتحاربين لتقدم في حفل شاي أو غداء عمل! لكنها حرب أخرى لطيفة ناعمة تدار بالعيون والعبارات الرقيقة في أطر المجاملات التي لا تنبع من القلب فهي تبدأ من طرف اللسان منطلقة للضفة المقابلة من طاولة الطعام فيستقبلها الطرف الآخر بأذنه محاواً منعها من النفاذ لقلبه ومشاعره حتى لا يكون من المغلوبين دائماً في كل الجولات، غير أنه لم يشعر أنه قد هيأ نفسه لمزيد من الهزائم بمجرد قبوله الدعوة ووضع البشت على ذراعه اليسرى والتوجه إلى حيث المأدبة والدرع التذكارية. وأضاف الرواة أن الحلقة الأقوى وهم مقدمو الدروع فطنوا للملل الذي ينتاب بعض متلقيها من كثرتها وتزاحمها في مكاتبهم فأخذوا بالتنويع والتجديد وصولاً لهدايا قد تفيد حين إعادة تدويرها إهداءً للأهل والأقارب، وفي المسألة شطارة واستدراج خفي كثيراً ما فطن له العقلاء وأصحاب الذمم. أسأل الله أن يكثرهم ويهدي غيرهم للحق.

 

وقدّم له درعاً تذكارية
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة