Friday 23/12/2011/2011 Issue 14330

 14330 الجمعة 28 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كثيرة هي الكتب، ولكن المفيد، الذي يخرج منه القارئ بمتعة وفائدة، قليل. والكتاب الذي بين أيدينا من ذلك القليل؛ إنه الجزء الثالث والعشرين من موسوعة الذكريات باسم: (وسم على أديم الزمن.. لمحات من الذكريات). هذه السلسلة ممتعة وشيقة؛ لأن القارئ يتنقل مع المؤلف ......

... الدكتور عبدالعزيز الخويطر في مراحل شتى من التجربة، رصداً وتوثيقاً، وفيها تجارب ورحلات ومفاجآت.

ونحن في بلادنا مقصرون في هذا اللون من الأدب، ورصد التجارب. وقد توسَّع المؤلف في هذا المجال، وتحصَّل على الريادة، لا نقول هو الأول، لكنه الأول في التوسع والاستقصاء، وعدم التكلف بما يثبته، ولعل له عذراً بعدم الإطالة لعامل الوقت، ومجال الكتابة في مفكرات صغيرة.. وينطبق عليه قول الجاحظ: للأول فضل السبق، ولمن يأتي بعده فضل الإجادة بعد الاستفادة.

هذا الكتاب جاء في طبعته الأولى عام 1432هـ، ويقع في 718 صفحة، من القطع المتوسط. قال عنه المؤلف في المقدمة: هذا هو الجزء الـ23 من كتابي رسم على أديم الزمن، وفي هذا يتركز الحديث عن عملي في وزارة المعارف «التربية والتعليم فيما بعد»، ويبدأ من منتصف عام 1400هـ، ويستمر إلى آخره، ثم يستمر عام 1401هـ إلى عام 1403هـ، أي ما يقارب سنتين ونصف السنة.

وهذه المذكرة وصف للعمل في الوزارة، وما يتصل بها من أجهزة الدولة، والنمو الذي ساد تلك الفترة، والازدهار الذي شهدته، وأثر ذلك على الاقتصاد، داخل المملكة وخارجها.

ثم قال في هذه المقدمة التي بلغت 6 صفحات: وفي هذا الجزء وصف لعلاقتنا مع الدول المختلفة، التي اخترنا أن يكون لنا بها علاقة، مع متابعة ما كان خُطط له منذ أيام الملك فيصل - رحمه الله - وما تطوَّرت إليه الأمور بعد ذلك من زيارات متبادلة.. إلى آخر ما جاء في هذه المقدمة (ص5-10). والملاحظ في هذا الجزء كثرة الزيارات الوافدة من الخارج على مختلف المستويات، إلى المهمات المهمة التي يكلَّف بها في أجواء ملتهبة؛ فكان خير سفير صامت ينبئ عن الخبر ولا يذكره.

مع كثرة الزيارات الوافدة، التي يقابلها زيارات ومشاركات فيها تتبادل الخبرات، وتتلاقح الأفكار.

أما الرحلات الأسرية والمناسبات العائلية والإخوانية فهي كثيرة، حسب الأحداث، ويعتبر ما ذكره عن الكليات المتوسطة التي سدت فراغاً بإشراف الدكتور عبدالرحمن الدايل تربوياً جيداً (ص12)، وهذا فيه توثيق لمن يتابع حركة التعليم عندنا، وما حققته فترة التجربة، ومثل ذلك تجربة التغذية المدرسية (ص20-21).

وللزيارات الطبية نصيب وافر من هذه الذكريات، له ولأفراد أسرته؛ وأخذت حيزاً من تلك الذكريات.

- وفي ص 31 - 32 أوضح أن الملك سافر إلى مكة، ورافقه لحضور حفل الأهالي هناك عن إنشاء جامعة أم القرى، وأن الإعلان جاء مفاجأة لكل الحاضرين، مع أنه مرتب بين كبار الأهالي، وكبار المسؤولين.

أما عن الرحلات البرية المحببة للجميع فقد اهتم بها، ومن ذلك ما ذكره في ص 35؛ إذ في يوم الخميس من آخر أسبوع من شهر شعبان خرج مع الأهل خارج الطائف، واختار أحد الأودية في طريق السيل الموصل لعشيرة؛ لما فيه من الأشجار.

وقد ذكر حادثاً مؤلماً مفزعاً في المملكة، وهو احتراق طائرة من طائرات الخطوط السعودية الكبيرة، كان طيارها السعودي محمد العلي الخويطر قد بدأ إجازته في ذلك اليوم، فقال له المسؤولون في الخطوط: ما دامت أسرتك في جدة وستذهب إليها فقم بقيادتها، فقام بقيادتها، فلما وصل إلى ما يقرب من ضرمى أحسوا برائحة لا يدرون مصدرها، فأخبر البرج بأنه عائد، فوجهه البرج بأن يتجه إلى آخر المدرج، وستكون الاستعدادات أمامه هناك، وعندما لمست عجلاتُ الطائرة أرض المطار بدأ اللهب يتبين، ولم يصل لآخر المدرج إلا والطائرة شعلة واحدة، واحترق كل من فيها، وهم أكثر من 150 مائة وخمسين راكباً، بمن فيهم الطيار والطاقم، رحمهم الله جميعاً، وذكر أسماء من عرف منهم وترحم عليهم (ص45 - 49).

وفي ص40 أعطى لمحة عن اللجنة العليا لسياسة التعليم، تأسيسها وعملها؛ إذ وصل في يوم الثلاثاء السابع عشر من رمضان للطائف الدكتور سعود الجماز، وكيل وزارة المعارف للشؤون الفنية، لعرض الأوراق الخاصة باللجنة العليا لسياسة التعليم على اللجنة التي اجتمعت في الساعة العاشرة والنصف مساء يوم الثلاثاء (ص40).

وكل إنسان تمر به مواقف في أسفاره بين مزعجة وطيبة تكون له ذكريات. ومن المواقف التي مرت به في هذه اللمحات أنه في إحدى الرحلات عندما أقلعوا أيام الحرب من قاعدة الوليد في العراق، وفي الجو، فتح الطيار جهاز الاستقبال، وكان الطيران ممنوعاً؛ فعادوا للمطار، وقعد المؤلف في غرفة قائد الطائرة، وقد لاحظ فرحة الطيارين والجند؛ لأن لهم أياماً عدة لم يقوموا بمجهود حربي، فكانت هذه الغارة بمنزلة المطر على الأرض المجدبة (ص64-65).

وقد يمر بالإنسان شيء أعجبه؛ فقد أعجبه بيتان كتبهما في إحدى المفكرات لسهولة حفظ البروج الفلكية، هما:

حمل النور جوزة السرطان

ورعى الليث سُنبل الميزان

ورمى عقربٌ لجديٍ بقوس

نَزَحَ الدلو بركة الحيتان

موضحاً أن الناظم أجاد، واستطاع أن يأتي بالبروج، وجاءت المعاني متناسقة (ص73-74).

وتحدَّث عن زيارة الملك خالد - رحمه الله- للقصيم، وما حصل له من الحفاوة وكثرة الدعوات من مدن القصيم، وقد زار الشيخ محمد العثيمين في بيته، كما تبرع بإعادة بناء جامع عنيزة، وبعد ذلك اشترى عمارة بجانب الجامع، وجعلها مكتبة وسكناً للوافدين لطلبة العلم، وذلك في عام 1401هـ (ص 86-87).

وفي شهر ربيع الأول عام 1401هـ انعقد في الطائف مؤتمر رؤساء الدول الإسلامية، بعدما اتخذت الاستعدادات بفتح الطرق والفنادق ودور الضيافة وتجميل المدينة بأعمال ليس لها نظير (ص103-112).

وأوضح أنه في ربيع الأول من هذا العام جاء التفكير من المملكة بإيجاد رابطة في الأقاليم العربية المطلة على الخليج، وبعد الدراسة والمداولة في لقاءات استقر الأمر على تسميتها مجلس التعاون الخليجي؛ لاتفاق هذه التسمية مع ما في ذهن المملكة (ص 113-115).

ومن مرافقته لولي العهد الياباني الذي زار المملكة من يوم السبت 24 ربيع الآخر أخذ انطباعاً حسناً عن الشعب الياباني، في التخطيط والاستفادة من الوقت، واهتمامهم بالتصوير والتشاور في الأمور (ص 139-146).

كما تحدث عن قصر الضيافة في جبل أبي قبيس، الذي افتتحه وسكنه الملك خالد 19 رمضان من هذه السنة، في توثيق لبناء واستعمال هذا القصر الكبير بطوابقه المتعددة ومنافعه (ص 204-205).

وعن المشكلة في نقص ماء زمزم عندما بني النفق في جبل أبي قبيس فقل ماء زمزم فبدأت دراسة للمشكلة (ص 353).

وبانتهاء العمل الصيفي ذلك العام أحب أن يسافر للرياض بالسيارات، وقد أثنى على جهود الوزارة فيه؛ حيث كان الإعجاب على ألسنة الناس، وقاسه فإذا هو 800 كم من الطائف إلى الرياض (ص 227-231).

وحدد مقتل الرئيس المصري أنور السادات بيوم الثلاثاء 1402هـ - 6 أكتوبر 1981م، وبيَّن طريقة قتله (ص 234).

وفي السنة الثانية لعمر مؤتمر مجلس الدول الخليجية كان انعقاده في يوم 13 محرم 1402هـ - 9 نوفمبر 1981م في الرياض، برئاسة الملك خالد (ص 240).

- وعن مؤتمر اتحاد المؤرخين العرب زاره في مكتبه الأمين العام للاتحاد في يوم 9-4-1402هـ الدكتور حسين مؤنس، وعلق على ذلك بأن الاتحادات كثرت، وكذا الجمعيات والهيئات، وإنما نسمع جعجعة ولا نرى طحناً: اجتماعات وقرارات وندوات، وليس هناك منها حصيلة (ص 265-267).

وتحدث عن البروفيسور ديفيدكون الاسكتلندي الأصل، الذي كان موظفاً بالسفارة الإنجليزية بالقاهرة أيام الحرب العالمية الثانية، وأجاد اللغة العربية ثم باللهجة العامية المصرية كأحد أبنائها، وقد أسلم وصدق في إسلامه، وكان يدافع عن الإسلام، وتزوج امرأة مسلمة، وبعد تقاعده زار جامعة الملك سعود بالرياض، وألقى فيها محاضرات، وله حسنات (298-302)، ولا شك أن الحديث عن مثله - وهم بحمد الله يتكاثرون من النصارى خاصة - فيه مدخل جيد لمن يتركون دينهم إلى الإسلام عن قناعة، تحقيقاً لقول الله سبحانه: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (المائدة 82 - 83).

وتحدث عن مرض الملك خالد ثم وفاته، وعن مدى إعزازه للدكتور غازي القصيبي يرحمهما الله (336-346).

وعن طب الأسنان وندرة الأطباء؛ لأنه اكتوى بنارها، أبان أن الطبيب الوحيد منذ أيام الملك عبدالعزيز هو عباس كرارة، وأنه مصري، عيادته في مكة (باب السلام)، وهو مركب أسنان، فاعتنت الدولة بهذا الطب من يومها، وأرسلت الطلاب للبعثات (403-406).

الكتاب جيد في موضوعه؛ لأنه يرضي جميع الأذواق، وقد ختمه بالوثائق التي أخذت سبع صفحات بدءاً من (582)، وتلتها الصور التي يهتم بها كثير، وقد استغرقت 59 صفحة. وقد شاركت مع معاليه ضمن وفد المملكة في تونس (ص 611)، والكويت (ص 639).

- أما الفهارس الثلاثة فهي:

1 - الموضوعات.

2 - الأعلام.

3 - الأماكن فأخذت حيزاً كبيراً نحو 66 صفحة.

وخُتم الكتاب بنبذة عن المؤلف في صفحة، وما صدر من كتب المؤلف، وهي اثنان وعشرون كتاباً، سردها في صفحتين.

وسبق ذلك الختام ص 581 الذي أبان فيه عن نهاية السنة الهجرية، وسوف يبدأ الجزء القادم مع بداية عام جديد، ويأمل أن يكون خيراً من هذا، واستغرق خمسة أسطر فقط.

 

تأملات في كتاب
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة