Saturday 24/12/2011/2011 Issue 14331

 14331 السبت 29 محرم 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

دول مجلس التعاون الخليجي أمام تحول نوعي في علاقاتها المشتركة، فلأول مرة يطرح المجلس فكرة اتحاد بشكل رسمي كما أعلنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة الثانية والثلاثين وتبنته توصيات هذه القمة. ولهذا تعد هذه القمة تاريخية لكونها من المفترض ان تنقل المجلس إلى مرحلة جديدة من مراحل الاتحاد بين دول الأعضاء،

وكما انتقلت منظمة المؤتمر الإسلامي من صيغة مؤتمر إلى صيغة تعاون لتصبح منظمة التعاون الإسلامي، كان لزاما على مجلس التعاون الخليجي ان ينتقل إلى صيغة أكثر تقاربا واتحادا ليصبح مجلسا اتحاديا، بعد أن وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز رؤيته لهذا المجلس لتحويله من صيغة تعاون إلى صيغة اتحادية.

ولربما النقاش القادم والمفتوح في جميع الدول الأعضاء يجب أن ينصب في كيفية هذا الاتحاد، وما هو السقف الأعلى الذي يمكن ان تسمح به كل دولة في تنازلات سيادية لصالح حكومة او هيئة مركزية تدير هذا الكيان الجديد. فحاليا توجد هياكل مشتركة في مختلف مجالات العمل والشأن العام، ولكنها تظل تنسيقية فيما بينها، ومن المفترض ان ينقل الاتحاد هذه الحالة التنسيقية إلى حالة تنفيذية.

الاتحادات في العالم كثيرة سواء ما كان منها فيدراليا كما هي الحالة في الولايات المتحدة او كونفدراليا كما هي الحالة مع الاتحاد الأوروبي.. وهناك نماذج اخرى من كندا وسويسرا والهند. وبينما يكون الاتحاد الفيدرالي هو وحدة بين اقاليم الدولة، فإن الاتحاد الكونفدرالي هو اتحاد بين دول مستقلة، كما هي الحالة الأوروبية. ومن داخل المجلس فحالة الإمارات العربية المتحدة هي حالة فيدرالية. ولهذا فالنقاش القادم والجدل يجب ان يكون مفتوحا في وسائل الإعلام وفي المنتديات الجامعية ومؤسسات التعليم العالي وغيرها من قنوات التواصل الاجتماعي.

كما أن من اشتراطات الاتحادات الكونفدرالية او الفيدرالية هو التماثل في المؤسسات السياسية، ولهذا فإن المملكة العربية السعودية لا يزال يعوزها من بين جميع دول المجلس برلمان شوروي منتخب حتى يكتمل العقد التشريعي للدول الأعضاء.. وقد بدأ الملك عبدالله بن عبدالعزيز مشروعه التطويري السياسي بضم المرأة ضمن عضوية مجلس الشورى، ومشاركتها في الانتخابات البلدية القادمة وهي خطوات أساسية في مثل هذا المشروع. ولربما ينتظر المواطن قرارات سياسية قادمة تِؤسس لهيكل سياسي متكامل، بدأ من مشروع الانتخابات الشوروية او ربما تكوين مجلس بشريحتين، إحداهما أعضاء منتخبون، والأخرى اعضاء معينون لتغطية النقص الذي يكون بسبب الانتخابات، فمثلا هناك شرائح متعلمة أو شرائح نسوية لن يكتب لها الفوز في أي انتخابات تشريعية. فوجود أعضاء معينين يغطي مثل هذا النقص الحاصل. أو ربما يصبح لدينا مجلسين أحدهما مجلس المناطق يكون بالانتخاب من كل منطقة من مناطق المملكة الإدارية الثلاثة عشرة، والآخر مجلس شورى يختاره الملك وفق معرفة أوجه النقص التي تكون الانتخابات قد أفرزتها.

هذا التماثل من المهم ان يكون موجودا بين الدول الأعضاء، حيث من المتوقع ان يكون لأي شكل اتحادي قادم برلمان منتخب في كل دولة، ولهذا فالآليات يجب ان تكون جاهزة قبل الشروع في انتخاب برلمان اتحادي على مستوى دول المجلس. ولربما تهيئة الظروف الاتحادية يجب ان تبدأ سريعا من كل دولة ترى ذاتها دون مستوى باقي الاعضاء..

ومن المتوقع ان يكون الشكل الاتحادي مبنيا على قناعات راسخة ليس فقط على المستوى القيادي بل ايضا على المستوى الشعبي، ولهذا فدول المجلس بحاجة إلى حملات توعوية اعلامية تمتد إلى كافة الشرائح المجتمعية لتوضيح أهمية مثل هذا المشروع الاتحادي بين دول المجلس. كما أن الصيغة المتوقعة في هذا الاتحاد يجب ان تناقش بعمق، ويتم تدارسها من كافة المؤسسات والشرائح، فهناك خيارات عديدة في الشكل الاتحادي الذي يمكن أن ترسو عليه دول المجلس. كما هناك انماط عديدة ونماذج يبنغي مناقشتها من قبل الهيئة المختصة بهذا الشأن والتي سيتم تشكيلها من قبل جميع دول المجلس. كما من الأهمية بمكان معرفة إلى أي درجة يمكن أن تتنازل الحكومات الحالية في كل دولة لصالح حكومة مركزية تدير الاتحاد. وجرت العادة كما هي الحالة في اقرب شكل حالي لكونفدرالية متمثلة في الاتحاد الأوروبي هو بقاء الدول الأعضاء باستقلال تام، لكن هناك سياسات مشتركة تمثل الاتحاد الأوروبي تتمثل في السياسة الخارجية، والسياسة الاقتصادية وإلى حد ما السياسة الدفاعية. وهذه التفاهمات هي موجودة حاليا بين دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها لم تتجسد في اشكال مؤسسات تنفيذية تقود سياسات المجلس برسمية تمثيلية للمجلس.

وأخيرا، فنحن مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي نبارك لهذا المجلس مثل هذه الخطوة النوعية التي أسسها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتبناها المجلس بقوة، وبدأ في تنفيذ خطواتها الإجرائية. وهي خطوة تضع المجلس أمام مرحلة جديدة ونوعية تتناسب مع المستجدات الإقليمية وتواكب تطلعات شعوب دول المجلس. وهذا ما نتمنى أن نراه على أرض الواقع قريباً..

(*) رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود

alkarni@ksu.edu.sa
 

اتحاد الخليج العربي.. كيف ومتى وبأي صيغة؟
د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة