Monday 26/12/2011/2011 Issue 14333

 14333 الأثنين 01 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

 

رد على مجلة «ساينس» حول الجامعات السعودية
أ.د. مهدي العش

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أثارت المقالة المنشورة في مجلة «ساينس» الأمريكية حول الجامعات السعودية في التاسع من (ديسمبر) زوبعة غير معهودة، فقد أيّد بعض الأساتذة السعوديين ما ورد فيها، بينما تصدى لها آخرون مدافعين عن برامج الاستقطاب والتوأمة والعقود الخاصة. إن مقالتي هذه لا تميل إلى أي من الموقفين، وتحاول تناول القضية من منظور أستاذ مستقطب قضى أكثر من اثنين وعشرين عاما في جامعتين مرموقتين هما جامعة ولاية أوهايو الحكومية والأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت (وهنا أتحدث عن نفسي). فقد انتقلت من الأولى إلى الثانية بسبب عرض سخي من الناحيتين المادية والأكاديمية. وهذا الأمر ليس غريباً وتمارسه الجامعات الأمريكية بحرية لترفع من مكانة أقسامها وبرامجها، ولتحسن تصنيفها، ولتخلق منافسة قوية في المجالات العلمية والأكاديمية عموما، وهو لا يختلف كثيرا عما يطلق عليه «الاستقطاب» في جامعات المملكة. لهذا السبب استغربت نبرة المقالة السلبية تجاه برامج الجامعات السعودية الهادفة إلى اجتذاب الكفاءات المتميزة في المجالات المختلفة، مما جعل المسألة تبدو وكأنها عملية شراء للخبرات. أليس هذا ما يحدث في جامعات الولايات المتحدة نفسها؟

إن ما حداني على قبول المنصب الذي عرض علي في معهد اللغة العربية بجامعة الملك سعود ليس قيمة العقد المالية، فالراتب لا يتجاوز ما كنت أتقاضاه في آخر منصب شغلته (ولو أنه ربما كان مرتفعا نسبيا في معايير الجامعة)، بل كان قبولي به قائمة الأهداف الطموحة التي أقنعني عميد المعهد بجدواها ووجدتها متقاطعة مع المشروعات التي أعمل عليها مع المجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية. ولا أدعي أن هذا هو وضع معظم المستقطبين، فهناك تفاوت كبير بينهم يعود لاعتبارات عديدة.

يبرر كاتب مجلة ساينس تقريره بحادثة غير اعتيادية، وهي تلقي الأستاذ روبرت كيرشنر رسالة بالبريد الإلكتروني من شخص يجهله، تعرض عليه العمل في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ونقل للقراء تعليق الأستاذ كيرشنر السلبي التهكمي، والذي قد يبرره أن هذا الأسلوب في العرض يتنافى والأعراف الأكاديمية في الولايات المتحدة، وربما وقع بسبب جهل من وجه تلك الدعوة بهذه الأعراف. إن معظم الأكاديميين الأمريكيين ينظرون بعين الشك لعروض غير مألوفة تأتيهم بالبريد الإلكتروني، وبخاصة من أشخاص غرباء. فالمسألة إذاً هي الأسلوب الذي تم به طلب «الاستقطاب» في تلك الواقعة بالذات، وليس برنامج الاستقطاب بحد ذاته. ثم مادخل جامعة الملك سعود بهذه الرسالة غير الموفقة؟!!

وكأني بكاتب ذلك التقرير ينعى على الجامعات السعودية استغلال الوفرة المادية لتحقيق أهداف تربوية سامية، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ لو أنه توخى الموضوعية والصدق لتناول ما صدر عن أحد منسوبي جامعة الملك عبد العزيز، دون إصرار وقصد، على أنه خلل في عملية الاستقطاب، ولم يعمم «الخطأ» على سائر جامعات المملكة، ويرسم للقارئ تلك الصورة القاتمة عنها. كان حري به أن يضع الحادثة في سياقها، ويثني على فكرة هذه البرامج الهادفة نحو الأحسن، موجها في نفس الوقت الانتباه (أو الانتقاد) إلى الممارسات غير المناسبة.

إني لا أرى ضيراً في اجتذاب الكفاءات لملء بعض الثغرات بل أشجعها. إن الجامعات السعودية فتية نسبيا وتحتاج إلى رفد خبرات هيئاتها التعليمية والبحثية لتلحق بركب مؤسسات التعليم العالي الأخرى في العالم التي سبقتها في التأسيس بعقود بل قرون. وهناك فائدة أخرى لم يتطرق إليها لا المناوئون لبرامج الاستقطاب ولا المؤيدون لها ألا وهي ما ينتج عن الاستقطاب من تلاقح للأفكار واطلاع على أساليب أخرى في أخلاقيات العمل والبحث، مما يؤدي إلى دور أكثر فاعلية على الصعيد المحلي، كون الجامعات في الغرب مؤسسات اجتماعية كما هي تربوية، وظهور دولي جراء هذا التفاعل بين المؤسسات المحلية والعالمية.

أستاذ كرسي تعليم العربية للناطقين بغيرها - معهد اللغة العربية- جامعة الملك سعود

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة