Saturday 31/12/2011/2011 Issue 14338

 14338 السبت 06 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

- كانا أهمّ مؤتمرين علميين يُقيّض له حضورُهما وهما مؤتمرا «الطاولة المستديرة» اللذان نظمهما المعهد الدولي للعلوم الإدارية، وعقدا في «تونس» العاصمة و»بريزبن» الأسترالية، ولم يعتنِ بدلالة الاسم إلا من حيث اختلافُ موعد عقده كل ثلاثة أعوام، والتئامُه مع مؤتمر الاتحاد الدولي لمدارس ومعاهد الإدارة السنوي، ولم يجد علةً للتسمية سوى الاصطلاح ؛ فلم ير دائرةً ولا دائريين.

- سمع بمؤتمرات الطاولات المستديرة التي هدفُها التمويهُ حينًا والمجاملةُ حينًا وتجاوزُ إشكالاتِ البروتوكول السياسيّ أحيانًا، أما الجلساتُ العلمية فمُحاضرٌ ومناقشون، وقضاياهم ليست مفصليةً لتحتاجَ لتحكيمٍ أو تعويم، وأيقن أن للدائرةِ أسرارًا لم يستجلِ مداخلَها ومخارجها، وفكّر في كيفيةِ حلّ مغلقاتها فلم يستطع.

- لعله الشكل الهندسي المتعدد الذي لا يقتصر درسه على مساحته ومحيطه وقطره ونسبته التقريبية ؛ فالدائرةُ دوارٌ لا نعي من أين تبتدئ ولا كيف تنتهي، وحين يُعوزنا شكل تنظيميّ نلجأ للدوائر المغلقة، وفي الاجتماعات «الهلامية» نصنع الطاولة المستديرة، وحين نفتقد المعلومة نصطنع الدوران حول الحقيقة كي نثبت فرضيةًً غيرَ قابلةٍ للمقايسةِ والتثبت.

- القياديّ والحركيّ والكاتب والصحفيّ والواعظ يدورون حول قضاياهم حين لا يسعفهم الخط المستقيم لرسم مربع أو مثلثٍ ذي أضلاعٍ وأبعاد تبتدئ في مكانٍ ثابتٍ وتعود إليه، والدائريون - في عالمهم - قادرون على التخييلِ بما وهبوا من ملكةِ القيادة في التيه؛ فيُطوِّف أتباعُهم وراءَهم ولا يدرون أنهم لم يقطعوا مسافةً وإن قصموا ظهرا، وينفضّون عنهم فيفقدون الاتجاه..

- مشكلة الدائريين انفصالهم المعرفي والسلوكي ؛ فقد يؤمنون بمعلومةٍ يحجبونها ويكرهون سلوكًا يجترحونه، وقد وعينا في مشايخنا وأساتذتنا من يُبدون اقتناعاتهم للخاصة ويضِنُّون بها على العامة، وربما أخفوا خبرًا أو نصّا أو حكايةً تجنبًا لتأويلٍ أو حرج أو فتحِ نافذةٍ تهب منها رياحٌ تؤذي مهابتهم فتكشف عوارَ الثقافة التي تؤويهم.

- نطيل في المقدمات، ونلتف على النتائج، وفي حضرة المتدين نحاول أن نكون ملتزمين ،ومع المسؤول مواطنين صالحين، وفي جمع الليبراليين متحررين، وفي القرية نشامى، وفي المدينة متحضرين، وندور على قاماتنا فتختلط الوجوه بالأقفية، وتبدأ رحلة الشك: أنحن ظواهرُنا أم نوايانا، وهل نَعرف أنفسَنا أم تكفينا بطاقاتُنا؟ وهل نقول الحقائق أم نورِّى ونتوارى؟

- تجمعنا المساءات فتبدو لغةٌ مختلفة عن لغة الصباحات، ونفتش في أوراقنا فإذا هي بلغتين ومنطقين، وإذا من نتفق معه في كل شيء نختلف معه في كل شيء، وإذا نحن مزدوجون بأشكالنا ومضاميننا؛ فالدائرةُ ليست ذلك الرسم الأنيق الذي حملنا لأجله علبة الهندسة في الصِّبا وزهونا بمكوناتها بل هي التيه في الذات ومع الآخرين.

- الدوائر أقفال.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

فصلٌ في الدائرة
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة