Saturday 31/12/2011/2011 Issue 14338

 14338 السبت 06 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

من أخلاقيات مهنة القضاء
د. فهد بن عبدالرحمن السويدان

رجوع

 

الإيمان بشرف المهنة:

العاملون في مجال السلك القضائي يعملون بأشرف المهن وأسماها، بيد أن ذلك رهين بشرطين:

أولهما: أن تمارس بكل إخلاص، «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».

ثانيهما: أن يراعي في سلوكه وتصرفاته الخلق الاسلامي الكريم والسمت الرفيع.

لقد اتفقت شرائح المجتمع - وعلى رأسهم أهل العلم - على شرف مهنة القضاء ونبلها، فالقاضي مؤتمن على حقوق البشر وهي من أثمن ما لدى الإنسان، ومؤتمن على أسرار وأعراض الناس،. فإن عَرف القاضي قدر مهنته وعظيم شرفها لم يسعه إلاّ أن يتصرف بِما يليق بقدرها ومكانتها السامية النبيلة، فعلى القاضي أن يتصف بكل صفة حسنة تَليق بالشرف الرفيع الذي حباه الله عز وجل لمن يقضون في حقوق الناس، كما عليه بالمقابل أن يسمو بنفسه عن ارتكاب كل ما لا يليق به وبمهنته. وإذا كان الإسلام يحمل أهله على مكارم الأخلاق وإتقان العمل، فإنها في حق المنتمين إلى مهنة القضاء أوجب وآكد، ولذا سنتحدث هنا عن بعض الأخلاق التي ينبغي القاضي المسلم أن يتحلى بها على المستويين الشخصي والمهني، ولعلنا قبل أن نشرع بذلك نُذَّكِر بجماع ذلك، وهو الإخلاص لله تعالى واستشعار العبودية له سبحانه، فهو من أهم ما يجب أن يتصف به القاضي المسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّما الأعمالُ بالنيَّاتِ وإنّما لكُلِّ امرِئٍ ما نَوَى» [متفق عليه]، فعلى القاضي المسلم أن يخلص أعماله كلها لله تعالى، وعليه أن يستشعر مُراقبة الله عز وجل له في كلِّ أحواله، وأنه محاسب على كلِّ صغيرة وكبيرة.

تهذيب النفس:

لعل من أهم جوانب تهذيب النفس، هو أن يدرب الإنسان نفسه على الاكتفاء، ومن كلمات الأديب عباس العقاد في ذلك:»قيمتك في عملك، وغناك في نفسك، ودوافعك أولى بالتحري من غاياتك».

التعليم الذاتي:

على القاضي وغيره ألا يتوقف عن التعلم مدى الحياة وطلب العلم والبحث الجاد في الوقائع والمستجدات والحوادث والنوازل فهي في حق القاضي أوجب.

فن التعايش:

هي مزيج من التواد والتسامح والعطاء، وكل منا مطالب بأن يدرب نفسه على فن التعايش، لكي ينجح في حياته الشخصية والمهنية والثقافية، ومن أساسيات هذا الفن أن تقبل الناس على علاتهم، وأن تدرك أن هناك فوارق طبيعية بينهم لأسباب كثيرة. وبما أننا نتعامل مع جنسيات متعددة وثقافات متباينة، وبصرف النظر عما تواضع عليه البشر من تصنيف بعضهم لبعض تبعاً للفوارق الطبقية والجنسية والعرقية، فعلينا أن نتعامل مع الجميع من منطلق المساواة والعدل. من أولى وأبرز الأخلاقيات اللازمة للقاضي في عمله و ممارسته المهنية، الصدق والأمانة والإخلاص ونتذكر دائماً ونحن ننصح ونقدم الاستشارة لشخص، حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- «المستشار مؤتمن». وهو ليس صدق الكلمة فحسب، بل وصدق النيّة وصدق العمل والأداء، ولذا فهو يشمل العلاقات الإنسانية كلها، فالقاضي صادق في طلبه للعلم، صادق في أداء حقوق وظيفته، صادق في أحواله كلها.

التواضع:

صفة التواضع يجب أن يتصف بها كل إنسان، وهي ألزم للقاضي كمتصد لنصرة المظلوم والاحتكاك المباشر بجمهور الناس. فعلى القاضي أن يكون متواضعاً، متجنبا التعالي، والنظرة الدونية للناس مهما كان مستواهم العلمي أو الاجتماعي او المالي، فهذا هو ما يجعله موضع احترام وتقدير للآخرين.

حفظ السر:

إن طبيعة عمل القضاة تطلعهم على كثير من خصوصيات الناس وأسرارهم، ومن أوجب أخلاقيات الممارسة هي الحفاظ على أسرارهم وكتمانها.

والحلم:

القضاء مهنة شريفة شاقة مضنية، والتعامل مع نوعيات مختلفة من فئات المجتمع يتطلب قدراً كبيراً من الصبر وسعة الصدر، فهذا عجول، والثاني سريع الغضب، والثالث لا يتحمل الانتظار والآخر جاهل، فلا بد للقاضي أن يتحلى بقدر كبير من الصبر والحلم والأناة، فيتحمل تصرفات الناس، ولا يقابل الأذى بمثله كأن يمتنع عن مقابلة من أغلظ القول مثلاً، أو يقصر في إعطائه حقه الكامل ممن ظلمه.

أخلاق المهن القضائية في الإسلام:

تشكل الأخلاق القرآنية معياراً مناسباً لجميع الأجناس البشرية، ولكلّ المهن، وفي كل زمان ومكان، حيث إنها توجه سلوك البشر ومواقفهم في حياتهم الخاصة والمهنية.

ويجب أن توجه هذه المعايير الأخلاقية والقيم السامية أصحاب المهن القضائية من المسلمين في حياتهم الخاصة والعامة وكذلك أثناء أدائهم لأعمالهم. يجب على القضاة المسلمين الإيمان بالله والعمل بتعاليم الإسلام وعاداته وتقاليده، سواء في حياتهم الخاصة والمهنية. وهذا الإيمان يوجب عليهم توقير الناس على حد سواء، كما يوجب عليهم التواضع والبساطة واللطف والرحمة والصبر وتحمل الآخر، كما يجب أن يكونوا على الصراط المستقيم وأن يسعوا إلى رضى الله دائماً.

إن القضاة الذين يتمتعون بهذا القدر من الفضائل لهم قادرون على إتمام متطلبات مهنتهم باذن الله والتي تتلخص بما يلي:

1- المعرفة:

من واجب القضاة المسلمين مواصلة اكتساب العلم والمحافظة على المعرفة ومتابعة تطور العلوم القضائية، كما يجب أن يحسِّنوا من مستوى أدائهم المهني. وهذا ما أمر به الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يعلمون) سورة الزمر جزء من الآية 9. كما أمر الله المؤمنين أن يطلبوا منه أن يزيدهم علما: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) سورة طه جزء من الآية 114.

2- احترام حقوق الناس.

3- التعهد المهني بالمحافظة على مصالح الناس.

4- تقديم النصائح القضائية.

5- المحافظة على سرية المعلومات المتعلقة بالناس.

فشرف المهنة شرف لأصحابها سائلا أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة