ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 02/01/2012/2012 Issue 14340

 14340 الأثنين 08 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يؤْنسنــي الحديثُ عن الإدارة بوجه عام، والإدارة فـي المملكة بوجه خاص، وأتمنَّى أن يتطوعَ أكاديميّ مؤهّل في هذا الفن من المعرفة بتأليف كتاب يطرح من خلاله (بانوراما) بحثية محكمة تتناول الجوانبَ التاريخيةَ والتنظيميةَ والنقديةَ للإدارة فـي بلادنا الغالية، ويُؤرّخ لما شهدتْه وتشهدُه من تغيّراتٍ حقَّقت لها خيراً كثيراً، والعقبات التي ما برحت تبحثُ عن حلول.

- والإدارةُ فـي المملكة وفـي سواها من أمصَار العالم، (كائنٌ حي) لا يبقى على حالٍ واحد، يبدأُ ضعيفاً.. ثم ينمُو نموّاً متبايناً، حركةً وتغيّراً وإنجازاً، متأثَّراً بما حوله من ظروف الناس وأحوالهم ومستويات وْعيِهم وُرقيهّم، تعليماً وثقافةً واقتصاداً وأنماطَ حياة، وكلَّما كانت ظروفُ (الحضَانة) المحيطة بـ(الكائن الإداري) مثبّطةً لنموه، تعثَّر وسَاء، وكلما حسُنت أحوالُها، سما نموه ونضَجَ، وتسَارع عطاؤُه!

- ولقد شهدت الإدارةُ في المملكة قفزاتٍ ونقلاتٍ كثيرةً منذ عهد المؤسس العظيم، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، فاتّسعت رقعتُها جغرافيةً وإنجازاً، وتصاعدت أرقامُ العاملين بها وعليها كمّاً وكيْفاً، وتطورت أساليبُ أدائها، واستفادت من إبداعاتِ العصر الآليّ وابتكاراتِه حتى غَدا بعضُها جُزْءاً لا يتجزأ منها.

- لكنَّ سقفَ التوقُّعات لدى (المستهلكين) للإدارة ينمُو بوتيرة تبزُّ أحياناً قدرتَها على الوفَاء بظنَّهم وما يتَمنَّون، ولذا، نسمعُ ونقْرأُ أحاديثَ تُنبئ عن شيءٍ من عدم الرضا عن أداء الإدارة، وهذا أمرٌ لا غُبارَ عليه، لأنَّ الإدارة (صناعةٌ) إنسانيةٌ تتأثَّر بأحوال الإنسانِ، الفاعلِ لها والمتأثرَّ بها، نشاطاً وسكوناً وإخفاقاً وإبداعاً، ورضاً وعتاباً، وتبقى المواجهةُ الحقيقيةُ بين الإدارة، ممثلةً في القائمين عليها، وبين المتلقَّين لمخْرجَاتِها من البشر، بين متفائلٍ بأدائِها أوْ راضٍ عنه أو (متشائل) به.

- وهناك في كثير من الأحوال عنصرٌ (الغلو) في التعبير إعلامياً عن عدم الرضا عن الإدارة، والرغبة في التغْيِير السريع إلى حالٍ أفضل، ونلاحظ هذه النَّزعةَ من الغُلوّ ليس في بعض وسائل الإعلام، مقْرُوئِه ومسْموعِه فحسب، بل لدى بعض مَنْ تتعثَّرُ مصلحةُ له أو غاية، فينعت الجهاز المعني لها بالتخلف في أدنى الأحوال، وبالفسَاد في أقصاها!

- إن الحديثَ عن التغيّر الإداري نحو الأفضل لا يمكن إشْباعُه فـي عُجَالةٍ كهذه، لأن أبوابَ التأمُّل والاجتهاد والاستنباط بشأنه متعددةٌ ومتباينة. غير أنني أكتفي هنا بتبنّي منهج (الوسطية) في وصف حال إدارتنا العامة، فأقولُ إنّها ليستْ الأسوأَ وليست الأمْثَلَ بين وصيفاتها في العالم، لكنها بلغت من النمو قدراً مكَّنها من بلوُغ الكثيرِ من غايات الناس وإشباعها، حتى ولو لمْ يرضَ جلُّهم عنها، أو لم تَدْرأْ هي ملامتَهم لها! وهي ماضيةٌ في تطوير نفْسِها، وتَحْديثِ أدواتِ التَّقْنين لأدائها أملاً في بلوغ مستوياتٍ أفضل في خدمة الناس.

- آتي أخيراً إلى الحديث عن المعوقات في أداء الإدارة، فأقول بإيجاز شديد إن من أبرزها ما يلي:

1) ضعفُ التوازن بين تأهيل العنصر البشري، قدراتٍ وأداءً وسلوكاً، وبين طموحات الوظيفة العامة.

2) وجودُ شيء من التذبذب المتبادل فـي معيار الثقة بين الإدارة و(المستهلكين) لخدمتها، فهناك من يربط علاقتَه وتعامله معها بشيءٍ من (سوء الظن) فـي قدرتها على تلبية احتياجه، وهناك فـي الضفة الأخرى، مَنْ يرى أن الناس يحمَّلون الإدارة ما لا تقوى على بلوغه، توقعاتٍ وإنجازاً، فـي ضوء سياق زمني معين وإمكاناتٍ وتجهيزاتٍ مادية ومالية متاحة.

وبعد..,

- فأينما يـولَّ المرءُ منا وجهَه شطْرَ مشرق الأرض أو مغـربها، سيجد مادحاً للإدارة العامة وقادحاً لها، مشيراً إلى أنَّ جزءاً من المواقف الظنية سلباً عنها مبنيّ فـي بعضه على انطباعات شخصية أو تجارب لم يكتب لها النجاح، لكنها إذا وُضِعتْ تحت مجهر «الحكم الذاتي»، بدتْ أحياناً فـي عين الرائي أعظم من حجمها!

 

الرئة الثالثة
(الإدارة في بلادنا.. بين المتفائلين بها و(المتشائلين)!)
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة