ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 08/01/2012/2012 Issue 14346

 14346 الأحد 14 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا أحد يحب الازدحام بكل تأكيد، الزحمة في الرياض وجدة والمدن الكبرى في العالم شيء لا يطاق، يبدو أن الازدحام أصبح ظاهرة عالمية الكل يشتكي منه. في العاصمة الرياض مثلاً من الصعوبة أن تصل إلى مقر عملك في وقت قياسي دون أن تخصص ساعة على الأقل قبل الموعد،

ومثلها في الخروج من الدوام، من الصعوبة أن تحضر أبناءك من المدارس في مدينة كبيرة كالرياض، كل ما عليك هو توفير سائق أو تأمين سيارة يقودها أحد أفراد العائلة، الأوضاع باتت مزعجة ولا أحد يستطيع الاحتمال، على الجاني الآخر من ذلك في المدن الصغير يمكنك توصيل أبنائك وبناتك وأم العيال إذا كانت موظفة، وتتطوع أيضاً بإيصال أحد المارة، ثم تذهب لعملك وتجد نفسك قد سبقتك جميع زملائك العزاب في الحضور باكراً إلى الدوام، عشر دقائق على الأكثر هي كل ما تحتاجه قبل الذهاب إلى موعدك الضروري، أهل العواصم يحسدونك على ذلك وأنت لا تشعر بقيمة هذه المقارنة.

الازدحام في المدن الكبرى أمر لا مفر منه، ويزداد الأمر سوءاً بوجود التحويلات والحفريات وأعمال الصيانة وما أكثرها، وهذا الوضع المزعج حوّل الناس إلى مبتكرين لحلول جذرية لمثل هذه المشاكل اليومية ولمثل هذا الازدحام اليومي.. وفي رأيي المتواضع أن الحلول التي يطرحها الناس في مجالسهم وهم يحتسون القهوة العربية على أنغام النارجيلة أجدى من تلك الحلول الرسمية التي تنتهجها الجهات ذات العلاقة، كل ما عليك في استراحتك أن تقترح تلك الحلول العملية الجنونية والعاجلة والتي خفيت على أعتى الوزراء ومصممي الطرق، يقول أحدهم وقد اعتدل في جلسته المفروض يجعلون الدائري الشرقي مساراً واحد للذهاب ذي اتجاه واحد، وحينما يسأله أحدهم عن الاتجاه الآخر يطالب بوضع كوبري فوق الاتجاه الأول وبذلك تحل الإشكالية التي يسببها الازدحام، أحدهم يرى أن وجود سيارات الليموزين (والتي لا تتوفر لدينا إحصائية بعددها) وجودها يزيد من مشكلة الازدحام ولكي نتخلص منها يجب أن تقسم الرياض -مثلاً- إلى مربعات داخل الأحياء الصغيرة، بحيث تخصص لكل مربع سيارته الخاصة به، ولا تمشي في الشوارع مطلقاً بحثاً عن زبون إنما لا تتحرك من مواقفها إلا في حال طلبها، ويكون هناك رقم موحد لكل حي، وهذا الاقتراح معمول به في كثير من الدول.. والبعض يتحدث عن الأنفاق والجسور والقطارات والمترو وغيرها والكل يدلي بدلوه، ولم يتبق إلا الطائرات الصغيرة التي تجوب سماء الرياض لفك الاختناق المروري!.

ورغم هذا الصداع المزمن الذي تعيشه المدن الكبرى فإن للزحمة فوائد جمة، ومن فوائدها التي لا يدركها سكان القرى أنها تساهم في تنظيم الوقت، فالموظف يخرج مبكراً تحسباً لأيّ تأخير، وهو بذلك يتقيد بخطة زمنية صارمة، أيضاً الزحمة تعلم النظام الذي إن لم تحترمه في الشارع مثلاً ستدفع ثمن عدم الاحترام بمزيد من التأخير والازدحام، ومن فوائدها كذلك أنها تعلم الصبر والحلم، فمن ينتظر لساعات أمام الإشارات الضوئية لا شك أنه شخص صبور، وهي تدرب أيضاً على الاستفادة من أوقات الانتظار هذه، فالبعض يملأ وقت الانتظار بالاستغفار، والبعض يفضل قضاء وقت الانتظار بسماع الراديو أو المسجل، والبعض يفضل القراءة والتأمل بالجيران، بل إن البعض ابتكر طرقاً متنوعة للتواصل مع من حوله فأرقام الجوالات تغطي أجزاء السيارة وكذلك سبل التواصل الإلكتروني، ومن فوائد الزحمة كذلك أنها تسبب الانتعاش الاقتصادي، فالزحام يسبب كدمات متوقعة في السيارة وهذه بدورها تنعش سوق قطع الغيار والورش وشركات التأمين التي ستكون على المحك دائماً، أيضاً الجانب الاقتصادي يظهر في تنوع الخدمات السريعة التي تواكب الزحام كالمطاعم وأجهزة الصرف ومغاسل السيارات السريعة وغيرها، أيضاً الزحام يصنع أناقة الأشخاص فالملابس تحتاج إلى كي وتبديل بعد كل مشوار لأنها تنكمش نتيجة لكثرة الجلوس والذي يتسبب في ظهور أمراض متوقعة كالبواسير وغيرها وهذا يندرج تحت البند الاقتصادي والطبي أيضاً، وثمة أمر آخر فأهل المدن أكثر تركيزاً وإعمالاًً للعقل وبحثاً عن الحلول والبدائل نتيجة هذا الازدحام اليومي، فهو أنشط عقلاً وتفكيراً من غيرهم.. ألم أقل لكم أن للزحمة فوائد كثيرة ؟.. فماذا نبحث عن الحلول إذن؟.. إنها قدرنا الذي لا مفر منه.

Mk4004@hotmail.com
 

فوائد الزحمة
منيف خضير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة