ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 08/01/2012/2012 Issue 14346

 14346 الأحد 14 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

تنظم مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية الكثير من الأنشطة الحيوية. أحدثها مؤتمران في الرياض الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر؛ ملتقى «المثقفين السعوديين الثاني», ومؤتمر «السلفية»؛ وكلاهما حدث دار محتوى فعالياته حول الحاضر والمأمول في واقعنا اليوم ثقافياً. وفي حين كان محور مؤتمر المثقفين استيضاح ماذا يريد المثقفون من الوزارة المعنية بشؤونهم, كان محور السلفية توضيح معنى «السلفية» والنأي بها عن التوجه الإقصائي واتهامات التطرف. وكان المأمول فعلاً أن تناولات الصحافة والإعلام حولهما تتناول المحتوى وتحاوره في إطار المعاش على أرض الواقع. مع الأسف في الحالتين انصبت التناولات على جوانب هامشية؛ ففي حال المؤتمر الأول تم الانحراف بمناقشة نتائج المنتدى من قبل المترصدين مسبقاً إلى إيحاءات بأن تجاوزات أخلاقية حدثت!!, معتمدين على تغريدة متوترة حول الحوارات مساء في بهو الفندق بعد الفعاليات اليومية في مركز الملك فهد. السيئ أن التهمة طالت كل «المثقفين» بممارسة العار! بل صعدت إلى أنها مؤامرة تنويرية! وتناسوا في خضّم الهمز واللمز ذلك القول الكريم الشديد الوضوح: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وما أظن أحدا منهم حاول, لأن تبين حقيقة الأمر لا يوافق حقيقة أهوائهم وكل يرى ما يرى بطبع نفسه.

وفي حالة المؤتمر الثاني ناقشه المؤمنون بمبدأ الرأي «الأصح» من منطلق انتمائهم الفئوية, وفاتهم أنه في فحواه يدعو إلى عدم الإقصائية فهمشوا وضوح ما دعا له المؤتمر من العودة إلى منهج السلف وهو منهج نبينا صلى الله عليه وسلم الذي لم يُقصِ أحداً من المساواة في الدين عبر أي نعرة كانت عنصرية أو طائفية أو قبلية. وبقي ألا نُقصي اليوم غيرنا من المسلمين من صدق انتمائهم للإسلام فكلهم مسلمون.. وبالتالي تأتي تفريقات «الأصح» كلها بما في ذلك «السلفية» توجهاً إقصائياً.

ويبدو أن حوارات ساحاتنا الراهنة في قضايانا المصيرية أصابتها بلبلة التوهان في تضليل مقصود أو غير مقصود من البعض ضد الآخر. ويذكرني علو نبرة صوت البعض إلى حد القذف -رغم تمسكهم بموقع «المثقف المصيري في ريادة وجهة المجتمع»- بتجاوزات البعض المحسوبين والمحسوبات على «الثقافة» في خطابيات حوارنا الوطني. ولعلنا نخرج منها سالمين.

شاركت الثلاثاء 2 ديسمبر في جلسة بمنتدى المثقفين محورها «دور المرأة الثقافي» بتقديم ورقة عمل عن الثقافة والمرأة. وأرى أن الثقافة السائدة دائماً تشكل إطاراً لدور المرأة. ويتغير الدور بتغير الإطار العام. والسؤال ببساطة: كيف هو وضع المرأة اليوم في الساحة الثقافية؟ وماذا نتوقع أن يكون؟. بدءاً, وحوارنا عن دور المرأة أستنير بمنهجين:

الأول تأسيسي: هو منهج نبينا الكريم في تأكيد حقوق المرأة، ومنها عدم التمييز بينها وبين الرجل في حق التعبير عن الرأي, ومسؤولية المساهمة في بناء المجتمع؛ وفي ذلك التأكيد خروج واضح عن السائد عندئذ, وتأكيد لمبدأ التطور, وفرض المطالبة بتعديل نظرة المجتمع الجاهلي إلى المرأة, والارتقاء بها عن موقع الانحصار في التصنيف الدوني المتوارث الذي اختصها بموقع تنفيذ رغبة الرجل في الباءة وربما التكاثر أو حتى التكسب من ورائها.

ويؤسفني أن هذا الموقف النبوي المتنور الشمولية ضيَّعه اللاحقون, متشبثين بمختارات منتقاة فسرها كل بما يخدم ميولهم وتفضيلاتهم الشخصية وأهملوا لب القصد النبيل. ولذلك سرعان ما عادت الأعراف سيدة الحاضر، رغم ادعاء التمسك بالأصول. وفي حالة المرأة تفاقمت الحال إلى إصرار بعضهم على تغييبها تماماً.

والمنهج الثاني تطبيقي يتعلق بالمستقبل المرغوب، ويركز إستراتيجياً وعملياً على هدف البناء الشامل والمستدام عبر منهج الاعتدال والعدالة وعدم التمييز الفئوي. المنهج الذي رسمه واعتمده خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- داعياً لتطبيق الوسطية وحقوق المواطنة حيث لا إفراط ولا تفريط في أي ناحية من نواحي التفاعل في مجتمعنا المتطلع إليه؛ بل توقع الإلتزام بالقيم, وتحكيم الوعي والعقل, وحمل المسؤولية, بدلاً من التعذر بانفلات محتوم للغرائز البشرية يبرر تجاوزات الفرد. ثم يبقى بالضرورة تنظيم ردع التجاوزات ومحاسبة ومعاقبة مرتكبيها.

أدعو للوطن والقيادة بنجاح تجذير المنهج الباني.. وأدعو لوزير الثقافة بمغادرة السرير الأبيض معافى؛ متَّعه الله بالصحة والتوفيق.

 

حوار حضاري
مؤتمراتنا.. والبلبلة 1-2
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة