ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 11/01/2012/2012 Issue 14349

 14349 الاربعاء 17 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

آفات الإنسان كثيرة ومتنوعة، وأشد تلك الآفات خطورة هي ما يتجاوز آثارها الإنسان إلى غيره من البشر، والفهم السقيم من الإنسان للحياة الذي امتعض منه (المتنبي) أشد الامتعاض، وأنكره بشدة في قوله:

وكم من عائبٍ قولا صحيحا

وآفته من الفهم السقيمِ

ولكن تأخذ الأفهام منه

على قدر القرائح والعلوم



الفهم السقيم هو إحدى المشكلات التي أحدثت التباعد والفجوة والهوة بين البشر، وهم يديرون شؤون حياتهم، مع أسرتهم، مع زملائهم في العمل، مع نظرائهم في الفكروالثقافة.

لا أشك أن أول الأسقام التي غزت الإنسان هو جهله المطبق من الغاية الحقيقية لخلقه ووجوده، هذا الجهل هو الذي سلبه نعما كثيرة منها التأمل، والتدبر، والتفكر بعقلانية قبل إطلاق الأحكام والتصورات، والخوض في كل صغيرة وكبيرة على غير هدى، بل استنادا على مقدمات خاطئة تؤدي بطبيعة الحال إلى نتائج خاطئة.

قد لا يكون سوء الفهم هو العلة الحقيقية، بل إن المكابرة، والعناد، والبغي، والظلم، والانتصار للذات، والانتقام أحيانا، والاستمتاع بالإساءة، وإثارة الفتن والقطيعة، وغيرها من الصفات الذميمة هي التي تخرج الإنسان من البحث عن حقائق الأشياء، والتثبت منها، والتماس الصائب منها، وحسن الظن بالمطروح وتقبله مبدئيا أيّا كان مصدره.

اليوم، وفي عصر تقدم التقنية، والتواصل الاجتماعي السريع، أصبح من الميسور على الباحث عن الحقيقة بصدق ونزاهة وإخلاص أن يقف عليها، متى كان هاجسه الأول في الحياة هو البناء، وليس الهدم والتشفي، وسوء النية والظن بالآخرين، أي تصويب المعلومة، وليس تأويلها، أو تحريفها عما نبعت من أجله.

النتوء في القيم والأخلاق، الناجم من سوء الفهم قد يكون مقبولا عند بعض من الفئات البسيطة، محدودي التعلم والاطلاع، لكن أن تنسحب أعراضها وآفاتها على من أوتي نصيبا من العلم والفكر والثقافة فتلك هي المصيبة العظمى، والرزية الكبرى.مصيبتها الحقيقية حينما تكون بين أوساط علماء الدين، ومن يعول المجتمع عليهم قيادة سفينته إلى بر النجاة. في أحايين كثيرة يبدو سلامة الفهم للموضوع والقضية من جميع أطرافه، ويكون الخطأ في أسلوب الحوار بصورة تسيء لكلا الأطراف، وتبني على المدى البعيد جيلا هشا، قابلا للزعزعة والتذبذب.

من الطبيعي أن الكبارهم الذين ينأون بأنفسهم عن هذه المزالق، إذ إنهم يعمدون إلى تقييم ذواتهم قبل تقييم غيرهم، ومتى كان الإنسان بصيرا بنفسه، حصيف الرأي، ارتفعت ذائقته، وسما بفكره في كل شيء، حيث يتخلص الإنسان بهذا الشعور من أوضار كثيرة، قد ينغمس فيها غيره.

فيما يبدو أنه - ومنذ فجر التاريخ - والإنسان هو الإنسان، ربما هذبت الأديان شيئا من خلقه، لكن الطباع التي ركبت بالبشر، وجبلوا عليها تأصلت فيهم فتوارثوها صاغرا عن كابر، وجيلا بعد جيل.

dr_alawees@hotmail.com
 

أوتار
من آفات المجتمع
د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة