ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 14/01/2012/2012 Issue 14352

 14352 السبت 20 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

اهتمت كثير من الدول بالتراث الشعبي، باعتباره إرثاً حضارياً ثميناً تفخر به، وانعكاساً طبيعياً للمسيرة الإنسانية، ومرآة للحضارات على مرّ العصور. فهو يعكس الإنجاز الاجتماعي المنسوب إلى الماضي في صوره المختلفة، كونه جزءاً أصيلاً من نسيج المجتمعات،

ومن أهم الموروثات الضاربة، التي تعبر عن قدرة الإنسان؛ لبناء الحضارة، وإثراء التراث إبداعاً، وعملاً، وفكراً. والعمل على إمكانية استغلال تلك المكاسب في سبيل حاضر أكثر إيجابية، وأشد وفاءً. قبل أيام استشهد الدكتور محمد الشويعر، في مقالة كتبها، بعنوان: «الأسواق القديمة.. عنوان الأصالة»، بما رآه في سوق «واقف» بمدينة الدوحة، وكيف أن هذا السوق أصبح يمثل تراثاً شعبياً، ومعلماً بارزاً من معالم قطر. ومثل هذا الاستشهاد بالتجربة القطرية، لا سيما في هذا المجال، دليل على مدى إسهامهم الفاعل في رسم صورتهم الحضارية، وبيان مساهمتهم العلمية، والفكرية حول التراث. واهتمام كهذا لا شك أنه ينبع من القيمة الكبيرة، التي تبوأتها العناصر التاريخية التراثية في التنمية الشاملة. ثم أشار الكاتب إلى ما تمّ في محافظة «شقراء»، ومركز «أوشيقر» في المملكة، وقيام الجهات المعنية بترميم الأسواق، والمباني القديمة. ومثل هذا الاهتمام في ظني يعدّ تجربة محدودة، لكنها جيدة عندما ننظر إليها كأنموذج، يوجد في ثقافتنا، وتراثنا، وداخل بلادنا. مع أني أصدقكم القول: إن العديد من المواقع الأثرية لدينا، لها من الأهمية الكبيرة، ليس على الصعيد المحلي فقط، ولكن على الصعيد العالمي أيضاً. حيث تفيض، وتزخر بتراث عظيم، حافل بالمجد، والسمو، تعدّ مورداً للعلم، ورافداً للسياحة الثقافية، خصوصاً أن السائح لا تكتمل زيارته لبلد، إذا لم يزر متاحفها العلمية، ومعالمها الأثرية التاريخية.

المسألة التراثية، أصبحت اليوم هاجساً للعلاقة الجدلية بين ثقافتنا، وتراثنا، وحضارتنا، تحتاج إلى ضرورة إعادة استغلال تلك الأماكن، بما يتناسب مع معطيات المرحلة التي نعيشها، وذلك عن طريق تفعيل المؤسسات، والمراكز البحثية التي تعنى بالتراث الشعبي، من خلال ترميم، وصيانة المباني التاريخية، وإعادة عرضها على الجمهور بصورة تليق بأهميتها، وخصوصيتها، ومكانتها. وكذلك، إنشاء الأسواق التراثية، وإعادة ترميمها، ومثلها المتاحف التاريخية. لا سيما وأن أجداداً سقوا هذه الأرض الطيبة بدمائهم، وعرقهم، وأصبحت شاهدة على أصالتهم. إضافة إلى ضرورة توثيق، وتصنيف تلك المواقع التاريخية، والمباني الأثرية على المستوى الوطني، ولن يكون ذلك إلا عن طريق استنطاق الوثائق، واستجلاء الآثار، والبحث عن المرتكزات الأساسية للذاتية التراثية.

واستكمالا لمنظومة التراث، فإنها ستحقق فوائد اقتصادية، وتنموية، من خلال إيجاد فرص عمل جديدة للمجتمع المحلي. إضافة إلى إيجاد فرص اكتساب المعارف، والمهارات الإدارية، تتجاوز الحدود، بما تشفّ عن حقيقة ذواتنا، وآماد طاقاتنا، وتواصلنا الحضاري مع الآخرين، وذلك عن طريق تعليم النشء على ممارسته واقعاً، وتفاعلاً مع تاريخهم الماضي، واستخلاص الكم الهائل من التراكم المعرفي في التراث الإنساني، بحضارته المتعاقبة المختلفة، وبقائه بكل جوانبه المعبرة الصادقة عن أصالة هذا الشعب، وعمقه، وامتداده.

للتراث رائحته العبقة، التي يشتمّها الكبار، فيحسون بالحنين له، ويشتمّها الصغار، فيحسّون بالفخر، فمن ليس له ماضٍ، ليس له حاضر، ولا مستقبل. فالتراث يحكي قصة صامتة عن حضارة مرّت من هنا، وكتاباً تراثياً مفتوحاً يمكن قراءته، وفهمه. كما أنه يُعتبر جزءاً من التراث الشامل للأمتين العربية والإسلامية، يُعبّر عن خصوصية المكان، والإنسان، بل يُعبر عن القيمة المرجعية الأساسية للأمة.

drsasq@gmail.com
 

الاهتمام بالتراث.. دعم للهوية الوطنية!
د.سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة