ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 14/01/2012/2012 Issue 14352

 14352 السبت 20 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

* قرأ الرواية كأي شادٍ في بداياته؛ فليس أيسر من قراءتها قاعدًا أومتكئًا أو على جنبه، ولم تكن تحتاجُ منه لغير وقت تصفحها وتأمل انعكاسـاتهــا على انفعالاته الداخليةِ قلقًا وسعادةً وخوفًا ويأسًا ومتعةً سواءٌ أجاءت تراكميةً أم مبعثرةً، وسواءٌ أعبَّرت عن مضامين تسكنه أم تهاويم عابرةٍ تنفصل عنه فور إغلاقها.

* انقطع عنها بصورة حازمة، فلم يجدها - حين كبر قليلا- ضمن اهتماماته، ولعله قسا عليها حين زهد فيها مقتنعًا ألا إضافةَ معرفيةً سيجدها ولا وقتَ فائضًا يعبث به، لكنه عاد - حين صارت الروايةُ حديثَ الناس، كيلا يبدوَ جاهلا بما يتناوله الكتاب والخطباء والوعاظ والعامة، فلاحق جديدها واستعاد قديمها وحرص على شراءِ ما فاته منها وأمضى معها زمنًا لم يره خصبًا ولا عذبا.

* لم يعد اليوم معنيًّا بها؛ فليعلُ مبدعوها، وليعدْ لما اعتاده، وليبقَ أمام استفهامٍ حول ثقافة جيلٍ لم يعرف من الكتب سواها؛ فهل تستطيعُ ملءَ فراغاتهم المعرفية ومَنْطقةَ أحكامهم الثقافية والمجتمعية؟ وهل كانت محايدةً حين شغلت أحاديث السهر في مجتمعٍ محافظ شابت رؤيتَه خيالات الروائيين الجدد، وربما أوجس بعضٌ خِيفةً أن يكون من أبطال الروايات من يلتقيهم في صباحاته ومساءاته، هذا إذا لم يبلغ الوهم به حدَّ الإيماء إلى عشيرته الأدنين.

* تظل الروايةُ غير مؤهلةٍ للمقايسة والاقتباس، فأخيلتها كافيةٌ لجرحِ صدقيتها، وهي عالم افتراضيٌّ «ورقيٌّ» يتوارى أمام العوالم الافتراضية «الرقمية» التي وصلت الناس بالناس لكنها أهدرت وقتهم، وربما جارت على ذممهم، فاستحلوا ما استحقوا عليه اللوم في الحياة وربما الحساب بعد الممات، وأين يفر المعتدون على شخوص الناس وأعراضهم وسيرهم من مواجهة ذواتهم وخصومهم وهل تغفر لثلة متوضئةٍ منهم مسابقةُ المصلين على الصف الأول؟

* في مجتمعنا من هم سريعو التصديقِ للشائعة، جاهزو التصفيق لها، فلا يحاكمون المعلومة بل يطيرون بترويجها، وفرق بين رأي مجرد يمس النص ورأي متحيز يتوجهُ للشخص، وكثيرًا ما يضطر واحدنا للدفاعِ عن أناسٍ بأعينهم لأن الناس يظنون فيهم سوءًا لا من واقع معرفة وتعامل بل لأن مندفعين يوثق بهم - كما يوصفون - تقولوا عليهم.

* من اليسير تأليف روايةٍ فاضحةٍ، وأيسر منه بث معلومة مشوهة، ولا ضابطَ يحمي الأصابع من الكتابة سوى الخوف من الله والاحتكام للضمير، ودون ذلك ستبقى متعتُنا التسلي بالانتقاص من البشر والإساءة لبيئة هادئة مهادنة جنت عليها الرواية المتجاوزة ووسائطُ التواصل المنفلتة؛ فقد اتسع الملعب وقل الحكام وتزايد اللاعبون وندر الحكماء.

* تبدو الثقافة في تناسب عكسي مع الخلق الفاضل، فقد غاضت قيمٌ جميلة وفاضت ملامح معتمةٌ ؛فهل نبحثُ عن مساقطِ ضوءٍ خارجَ هذه العوالم؟

* الكلمةُ هُوةٌ لا هواية.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

الافتراضيون
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة