ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 14/01/2012/2012 Issue 14352

 14352 السبت 20 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

المرونة الإدارية (بين التطبيق والفوضى والإهمال!)
سليمان بن صالح المطرودي

رجوع

 

المرونة هي القدرة على أداء المهام الوظيفية بقدر كبير من مساحة الحرية داخل إطار الأنظمة والمسؤوليات والواجبات الوظيفية دون أي إخلال، بالتوسط في الأمور، واللجوء للحل الأيسر والأسهل دون تجاوزات أو تقصير أو إهمال بواجبات الوظيفة، أو إحداث أي فوضى داخل الإدارة، تنعكس سلباً على أداء المنشأة بشكل كامل.

والمرونة مطلب مهم؛ لأنها تساهم في القدرة على رفع مستوى الأداء، وتحقيق الواجبات الوظيفية، وتقليل المجهود، واختصار الوقت، مع إمكانية التغيير للأحسن والأفضل. كما أن المرونة تقلل من النفقات وارتفاع التكلفة التشغيلية للمنشأة، وتساهم في إكساب الموظف الثقة بالنفس، وتنمية وتطوير القدرات الإدارية والنفسية لديه، وتساهم في إكساب الإدارة والمنشأة القدرة على التطوير والإنتاجية الفعَّالة والصحيحة دون أي عيوب أو ملحوظات ومعوقات تشل حركة الأداء العام، وتجعلها تتقوقع على نفسها، وتتراجع في قدراتها الإنتاجية.

فعدم مرونة الإدارة يؤدي إلى إمكانية تعرضها للأخطاء والتقصير في الأداء، والبطء في الإنتاجية، وصعوبة التنمية والتطوير في الكوادر البشرية التي تساهم في سرعة الأداء والإنجاز.

والمرونة بشكل عام هي التي تساهم في تحقيق أعلى درجة في الإنتاجية، وتحقيق أرقام قياسية في خطط العمل والإنجاز التي تتطلع إليها المنشأة بشكل عام والإدارة بشكل خاص. وبالطبع فإن حدود هذه المرونة تحكمها طبيعة العمل والمهام وبيئة العمل وحجم الانضباط فيها، وفق ما يتوافر لها من إمكانات مادية وبشرية وإدارية وفنية.

ويمكن تشبيه المرونة بمن يسير بسيارته في طريق عام، وهذا الطريق مكوَّن من مسارين ذهاباً وإياباً، وفي كل مسار عدد من المسارب أو الخانات محاطة بمساحة أمان جانبي كل مسار، ويليها سياج لمنع خروج المركبة من المسار إلى خارجه إلا من خلال المنافذ والمخارج المحدودة. فقائد السيارة هو الموظف، والسيارة هي الوظيفة، والطريق هو المنشأة والإدارات وبيئة العمل، والمسارب هي اللوائح التنظيمية الداخلية، ومساحات الأمان جانبي الطريق هي التعليمات الداخلية، والسياج هي الأنظمة، فمتى تعامل الموظف مع تلك القنوات بكل مرونة وحرية داخل تلك المسارات دون أن يخالف قواعد السير، أو يتعدى على الآخرين الذين يسيرون معه في الاتجاه نفسه، كان مرناً ومحققاً لتطلعات الإدارة الناجحة، وكانت تلك المرونة مرونة إيجابية.

ومتى تم تطبيق المرونة الإدارية بشكل مثالي فإنه سوف يتم الاحتفاظ بالموظفين ذوي الكفاءة، وهؤلاء قد لا يمكن احتواؤهم في أوقات العمل التقليدية بأن يكون لديهم ظروف خاصة تمنعهم في بعض الأوقات من الوجود، فمن المرونة أن تحدد لهم ساعات عمل خاصة تمكنهم من الوجود دون أي مشقة عليهم؛ لما لهم من قدرة وكفاءة تميزهم عن غيرهم، وكذا توزيع مهام العمل وفق المهارات والقدرات الشخصية لدى الموظف، وليس على أساس التخصص والمؤهل؛ فكم من صاحب قدرة ومهارة أتقن المهام متفوقاً على صاحب التخصص، وإن كان التخصص مهم ومطلوب.

ومن المهم أيضاً أن يتم تقديم الحوافز المادية والعينية والمعنوية لمن يستحقها، وفي حينها، وكذا القدرة على إدارة الوقت؛ من حيث تحديد الإجازات والدورات التدريبية وأوقات الراحة، مع القدرة على التواصل مع الموظفين والاتصال بهم، وغير ذلك من العوامل التي يمكن للمدير أن يتحرك خلالها بكل مرونة؛ لما لها من قدرة في الزيادة في الإنتاجية والتطوير والرفع من القدرات للإدارة.

مع عدم إغفال (كاميرات ساهر) المثبتة على امتداد الطريق لرصد كل التحركات، خاصة ما ينتج من المرونة وتفاعل منسوبي الإدارة معها. علماً بأن من هذه (الكاميرات) ما هو إيجابي، وهذه التي تكون من المسؤول بقصد الدعم والمساندة وتقويم الأداء للوصول إلى أفضل نتيجة تسمو إليها المنشأة من هذه الإدارة، ولكن المشكلة العظمى هي في (كاميرات ساهر) السلبية، التي ترصد بقصد الإساءة والتقليل من الدور الذي تقوم به، وتعمل على تصيُّد الأخطاء والزلات وتفخيمها وتكبيرها وتشويه كل صورة حسنة أمام المسؤول (وغالباً تكون من فاقدي الحس الإداري والقدرة على القيادة الفعالة بشكل إيجابي) حتى تكون المرونة في نظرهم تجاوزاً للسلطة والصلاحيات، وتوزيع المهام فوضى، وتنظيم العمل تعسفاً، ووضع خطة عمل محددة بفترة زمنية لإنجاز الرؤية الإدارية تعقيداً وإهمالاً، وتفويض السلطة تسريباً لأسرار العمل، وتعاونك مع الآخرين دليلاً على عدم انتمائك وولائك لإدارتك، والمطالبة بعوامل دعم ومساندة لإنجاز مهام الإدارة عبثاً وتضخيماً دون فائدة.. وما ذلك إلا لأن هذه النقطة حساسة للغاية بالنسبة للقياديين الذين فشلوا في إدارة الإدارة سابقاً؛ فهم من يقوم بدور ساهر السلبي للأسف؛ فعندما يلحظون من قدم للإدارة بعدهم، خاصة إذا كان أصغر منهم، واستطاع أن يخلق بيئة عمل جيدة، وأخذ بتحويل الإدارة من الفشل إلى النجاح، فإنهم سوف يتحسسون من ذلك بل يعملون على خنق تلك الحركة والحرية ووأد النجاح بتشويه الصورة أمام المسؤول صاحب الصلاحية، وغاب عنهم أن مثل تلك الادعاءات والأقاويل لا تنجلي على صاحب الصلاحية الذي يدرك ويعي حجم التطور الذي حقته الإدارة في هذه الفترة الزمنية القصيرة، وهذا بالطبع ليس بدافع المصداقية وإنما من دافع الحفاظ على صورتهم أمام المسؤول ومصالحهم الشخصية، وعدم بروز غيرهم ونجاحه في انتشال إدارة هم فشلوا في إدارتها، بل إنهم كانوا السبب في فشلها وخلق روح الفوضى فيها بسبب الإهمال وعدم العدل بين الموظفين في التدريب والتطوير والتقويم والتكليف بالمهام والمتابعة بالحضور والانصراف وتلمس الأعذار لمن كان لديه عذر منهم؛ فهذا مقبول الأعذار، وذلك لا عذر له، وكأنهم من يكيل بمكيالين!!!

وما عدا ذلك من شعارات المرونة فهي مرونة سلبية، سواء كانت تحجم القدرة على الحركة، أو التحرك بالاتجاه المعاكس؛ فهي بذلك فوضى وإهمال، وليست مرونة إدارية في التعامل مع الأنظمة وتطبيق التعليمات بكل يُسْر وسهولة دون تعنت أو تشدد أو ظلم لأحد من منسوبي الإدارة، واختيار السهل ومراعاة المصلحة العليا على المصلحة الدنيا والخاصة؛ فهذه هي المرونة الحقة.

فالإدارة وحدة أساسية للتطوير؛ فالاهتمام بها وبمن لهم علاقة بها مطلب مهم، وحسن اختيار العاملين بها يجب أن يكون بناءً على مواصفات معينة ودقيقة، يراعَى فيها مصلحة الوظيفة، وبخاصة اختيار القياديين ومديري الإدارات؛ كونهم أساس العملية الإدارية، وبنجاحهم تنجح الإدارة والمنشأة.

فمدير الإدارة والمسؤول فيها هو القائد والربان الذي يسعى إلى تحقيق أهداف إدارته بشكل خاص ومنشأته بشكل عام؛ ليشد على أيدي المميزين المخلصين في إدارته، ويأخذ بأيدي المقصرين ليصل بهم جميعاً إلى شاطئ الأمان الإداري، ويتحقق الهدف الذي تصبو إليه الإدارة بكل مرونة، وتطبيق قواعد ومبادئ الإدارة الحديثة بروح النظام بعيداً عن التطبيق الحُرّ في التعليمات والتنظيمات؛ ليصل إلى مخرجات إدارية متميزة، يُشار إليها بالبنان.

فالإدارة هي خليط بين العِلْم والفن الموصل للنجاح المعتمد على الموهبة والقدرة والإبداع الشخصي الذي يميز الإداري الناجح عن الإداري الفاشل أو التقليد.

وليس كل حامل مؤهل إدارياً، وليس كل إداري قيادياً، ما لم يكن عالماً بالإدارة ملماً بفنونها محباً لممارستها مدركاً لأبعادها؛ لأنه من دون ذلك سوف يقود الإدارة إلى الفوضى والإهمال المنظَّم باسم الإدارة والقيادة؛ فالفوضى لا تعترف بمبدأ المسؤولية والمحاسبة والتطلع لتحقيق الأهداف وقيم النجاح، وإنما تعترف بتحقيق المصالح الشخصية دون غيرها من المصالح العامة لإدارة المنشأة.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة