ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 16/01/2012/2012 Issue 14354

 14354 الأثنين 22 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في المنعطفات التاريخية يحتاج المجتمع إلى رؤية متجددة للمتغيرات، كان آخرها وأحدثها التغيير الأخير في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي حسب وجهة نظري كان تغييراً لابد منه، فالتشديد والضغط على الناس قد يولد نتائج عكسية، مع العلم أن ذلك لا يعني أن الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت تحكمه سوء النية، لكنه اجتهاد قد يُخطئ وقد يُصيب، لذلك نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى رؤية معاصرة، وإلى مراجعة الأساليب القديمة، والتي ربما لم تعد تتوافق مع العصر الحديث..

ومن دون مقدمات، لم يعد الخطاب المتشدد والمتسلط يتناسب مع هذا العصر، وأصبح الناس يبحثون عن خطاب جديد أساسه التسامح وقاعدته احترام مختلف فئات المجتمع، على أن لا يفرق بين الناس في المعاملة حسب الشكل الخارجي، فالملتحي في الخطاب القديم كان يعني الطيبة والثقة، بينما لا يخرج من الحليق إلا الفسق حتى يثبت العكس، أو أن يُصنف المجتمع كطيبين وخبثاء، والطيب هو الرجل المتدين والخبيث هو الليبرالي والعلماني، أو أولئك الذين يخاطبون المجتمع من خلال الثقافة والفن والأدب، ولكننا مع ذلك سننتظر الخطاب الذي طال انتظاره، والذي سيقدم الهيئة في ثوب جديد وأدوار جديدة من أهمها نشر الوعي الحضاري في المعاملة والبيئة وحقوق الإنسان، وأرى أن هذا الخطاب قادم، ولن يطول انتظاره لأن الناس لم تعد تحتمل أساليب الشك والمطاردة.

أيضاً قريباً من المنعطف الحضاري، جاء تأسيس هيئة لمكافحة الفساد ليفرض أهمية خروج رؤية جديدة لمعالجة الفساد، والذي لا يمكن أن يستقيم حال أمة والفساد مستشر في جسدها، ولا زلنا ننتظر أن يخرج رئيس هيئة مكافحة الفساد ليتحدث عن إستراتيجيته الجديدة وعن كيفية تطبيقها، كأساس لمتغيرات حضارية متوقعة، تعزز الشفافية وتحاصر الفساد الإداري والمالي، وأعترف أنني من أشد المتابعين لكل ما يخرج من هيئة مكافحة الفساد، لكن لم يظهر على خطابها ما يعني أننا في منعطف جديد، وربما يحتاج الأمر إلى تفعيل أكثر لصلاحياتها وتطوير لآلياتها..

كذلك ظهر مثل هذا الحراك الإيجابي في وزارة العمل التي تعمل من أجل فرض التوطين في ظل تصاعد معدلات البطالة، لكن عندما تفتش في الأوراق لا يظهر أن هناك تغييراً جذرياً قادماً، إذ لم يتجاوز الأمر الأسلوب القديم وهو التعامل مع العدد وليس النوعية أو نسبة المواطنين في الشركة أو المؤسسة الخاصة، في حين المفترض أن يتم حصر الوظائف الفنية في كل المؤسسات والشركات، ثم العمل على وضع فهرس لمختلف الوظائف له مسمياته، ثم تقوم الوزارة بدور مكتب التوظيف في تلك الشركات حسب مؤهلات السعوديين وتصنيفهم المهني.

كذلك في ظل التغيير الأخير، أتوقع كمواطن من وزير التخطيط والاقتصاد أن يقلب المعادلة القديمة التي لا تخرج من دخل نفطي ومخرجات استهلاكية، وأن يعمل من أجل تغيير وتنويع مصادر الاقتصاد أو أن لا يكون مستقبلنا مرهون بحقول النفط وعمرها الزمني، في ظل الحقيقة الثابتة أن النفط مصدر ناضب مهما طالت المدة، وعليه سأنتظر قرارات وتوجهات إستراتيجية تغير من النهج القديم، وبالتالي نزرع الأمان لتجني ثماره الأجيال القادمة.

ما أود الوصول إليه أن المنعطفات المؤثرة في حياة الأوطان تحتاج إلى رؤية وإستراتيجية قابلة للتطبيق، وأن تحمل في تفاصيلها التغيير الحقيقي وليس الشكلي، وهذا ما يتوقعه المواطن من التغييرات الإيجابية الأخيرة، ولعل المتغير الأهم في هذا العصر أن المواطن أصبح قادراً أكثر مما مضى على التعبير عن رأيه، فثورة الاتصالات جعلت لكل إنسان موقعاً وجريدة يتواصل من خلالها مع العالم، ولهذا السبب نحتاج إلى تجاوز هذا المنعطف بأمان وبهدوء إلى المستقبل.

 

بين الكلمات
خواطر عند المنعطف
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة