ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 19/01/2012/2012 Issue 14357

 14357 الخميس 25 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مما ندمت عليه عدم الاحتفاظ ببعض أشياء تحمل ذكريات من سنين الطفولة، ومن ذلكم كتبي المدرسية أو شيء منها، وأني لأجاهد أحيانا لاسترجاع صور أغلفة بعض منها من ذاكرتي التي لا تدري ما تستذكر وما تعيد، فالذكريات الجميلة أحيانا مثلها مثل ضدها ترهق الذهن إذا ما حاول استجماعها للنفس والقلب والمشاعر للتلذذ بها أو للاتعاظ بما فات ولو لبرهة من الزمن، ليس من فقد وإجداب، غير أن متعة القديم من المسرات قد تفوق أو تعادل ما بعدها من المستحدثات، ومما هيج الذاكرة عن كتبي المدرسية ما سمعته من فتيان مررت بهم في الشارع بعد انصرافنا من المسجد، يقول أحدهم للآخر: بقي يومان من الاختبارات وأركل بقية كتبي! هذه الجملة جلبت لي هواجسي القديمة بالندم على عدم الإبقاء على شيء من المقررات المدرسية التي لو كانت بحوزتي الآن ستكون من أثمن التحف لديّ، غير أن الصغير لا يثمّن هذه المعاني والقيم، ولو كنت أدرك ما سينتابني من مشاعر نحو كتبي وأوراقي المدرسية لصورت معها حال تقبيلي لها واحتوائها بين العينين والفؤاد، فهي التي بعون الله رفعتنا - أنا وغيري - وأوصلتنا إلى قيم العلم والمعرفة بما يسّره الله، وإلى سبل العيش الكريم، هي التي أنارت العقول والبصائر وفتقت الأذهان للتبصر في مسالك ودروب شتى العلوم ليبدأ الفتيان في صغرهم النهل منها كل حسب رغباته وميوله وفطرته، لذلك فاني أشجع الأبناء على الاحتفاظ بشيء من ذكريات مقاعد الدراسة وصورهم المدرسية ورحلاتهم فقد يجدونها أثمن ما تكون يوماً ما، أو يجدها من يحبهم كذكرى جميلة نادرة، كما أنني استحث كل من رزق بمولود أن يقص ورقة التقويم في ذاك اليوم ويحفظها في لوحة منفردة ويدون بجانب الورقة ما يفيد أن المولود ولد في هذا التاريخ ثم يؤطرها بزخرف ويعلقها في غرفة الطفل وتنتقل معه حتى يكبر، وستكون من أنفس وأغلى المقتنيات عنده ويشكر لذويه هذا الصنيع، وكثير من متعلقات الأبناء يمكن أن تكون تحفاً نادرة عندهم في الكبر لو حفظت لهم، وكل منا له رؤيته وتوجهه في هذا الشأن باعتبار اختلاف الأذواق والميول والثقافات، وبمناسبة الكتب المدرسية فإني أنقل ما قرأته ذات يوم وهو أن الكتاب ثروة كبيرة لما فيه من معلومات وكنوز عظيمة هي عصارة العديد من الكتب، ويضيف القائل: من المؤسف أن نرى من يرمي كتبه المدرسية في حاويات النفايات وأحيانا خارجها للمبالغة في إهمالها والتنكر لها، وهي التي تحمل كلام الله سبحانه والحاديث النبوية الشريفة، وجزيل المعاني من لغة العرب وشتى العلوم والفنون والآداب، ومما قرأت قول أحدهم : انسخ حروف العلم في ألواح قلبك، واكتب سطور الإفادة على صحيفة روحك، واكتحل بكلمات المعرفة لترى ملكوت السموات والأرض، وقيل في الأمثال: من أعدم كتاباً فقد أعدم رجلاً، وقولهم: عندما نجمع الكتب فإننا نجمع السعادة، ويرى أحد المفكرين أنها أكبر من كونها مجرد كتب ويصفها بأنها حياة الأزمان الماضية ولبّها وجوهرها، وأنها تبرر لماذا عاش البشر وعملوا وماتوا، وهي معنى حيواتهم وخلاصتها، وأعار شاعر كتاباً لصديق أضاعه فأنشد:

إني حلفت برب البيت والحرم

وهل فوقها حلفة ترجى لذي قسم؟

أن لا أعير كتاباً فيه لي أرب

إلا أخا ثقة عندي وذا كرم!

 

لا تركلوا الكتب المدرسية
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة