ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 19/01/2012/2012 Issue 14357

 14357 الخميس 25 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

المستشرق برنارد لويس في حوار استشراقي خطير: 2-2
عودة الأنظمة الملكية قد تكون هي الحل لمشاكل أفغانستان والعراق
حمد العيسى

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وحول إيران، لويس يشعر الآن «بتفاؤل مشوب بالحذر». ويشير لويس إلى أن «هناك معارضة من خارج النظام وهناك معارضة داخل النظام وهذا يجعل من الممكن جدا استبدال النظام بتغيير من الداخل. إن محاولة التعامل بلطف مع طهران تبدو لي فكرة سخيفة للغاية». (وخلال حوارنا الذي استمر 90 دقيقة، كانت هذه هي العبارة الوحيدة التي نطقها باللهجة الأمريكية بدلاً من اللهجة البريطانية التي تعودها طوال سنوات شبابه رغم أنه انتقل من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS في جامعة لندن إلى جامعة برنستون الأمريكية في عام 1974). ولكنه، مع هذا، ضد التدخل العسكري في إيران حيث يقول: «يجب علينا أن لا نعطيهم هدية لا يستحقونها ولا يتمتعون بها، أي الوطنية وحب الشعب». ولكن إذا ذهب أحمدي نجاد، فهل ستبقى إيران دولة ثيوقراطية؟ أو هل يمكن أن تصبح ديمقراطية على النمط الغربي الليبرالي؟ يقول لويس: «أعتقد أن هذا ممكن».

وماذا عن أفغانستان والعراق: هل يجب أن نبقى؟ يجيب لويس: «بعد دخولنا، أعتقد أن من واجبنا إنهاء المهمة، عملية الغزو ثم الهرب ليست سياسة جيدة. في كل من البلدين لا ينبغي أن نبقى لفترة أطول مما هو ضروري للغاية، ويجب علينا أن نعمل لتطوير أساليب لتسليم البلدين لحكومتيها».

ويضيف بطريقته المثيرة في الحكي: «أفغانستان التي زرتها قبل 40 عاما كانت تعرف بـ «سويسرا آسيا». لقد سمعت هذا اللقب عدة مرات، وحتى عندما غادرت كابول آخر مرة زرتها على متن طائرة ذكرني به رجل أفغاني يجلس بجانبي. أشرت إلى ساعة يدي السويسرية وقلت له: عندما تستطيعون صنع ساعة مثل هذه، سوف أصدقكم. ثم ضحك جاري بصوت مرتفع موافقا معي».

إنه يعتقد أن نوع الحكومة التي تمتعت بها أفغانستان في ظل النظام الملكي هي أقرب شكل من الديمقراطية متوافقة مع الإسلام. يقول لويس: «كان هناك مستوى معين من التشاور والاحترام المتبادل. أي الأفكار الديموقراطية، بمعنى أن السلطة المقيدة للحاكم، تعود إلى الإسلام الكلاسيكي. فعندما كان يتم تنصيب سلطان جديد، فإن الحشود المبايعة كانت تخاطبه قائلة: أيها السلطان، لا تكن فخورا، فالله أكبر منك». في الواقع رعايا السلطان كانت لهم حقوق. الشريعة تنص بوضوح أنه إذا فعل الحاكم شيئا ضد القانون فلا يجب أن يطاع ويكون العصيان مبررا. لم يكن هناك نظام انتخابي، ولكن كانت هناك نظم مفصلة للتشاور مع زعماء القبائل وقادة الجيوش، والتجار، ومشايخ الصناعات الحرفية».

لويس يقارن ذلك مع سلطة الممالك الأوروبية في ذلك الوقت. يحكي لويس قصة السفير الفرنسي في إسطنبول في عام 1786، الذي كان عليه أن يشرح لحكومته تأخره في إقناع العثمانيين على سن بعض الإصلاحات العسكرية حيث كتب السفير إلى ملك فرنسا: «الأمور هنا في إسطنبول ليست كما هي الحال في باريس، حيث الملك هو السيد الوحيد» وأضاف: «يجب على السلطان العثماني هنا العمل بالشورى».

ولكن دعونا نعود إلى العراق، لأقول إنه من الصعب التوفيق بين ما قاله لي المؤرخ الحذر الذي يحذر من مخاطر التحول الديمقراطي السابق لأوانه من ناحية وبين كونه يحسب على تيار المحافظين الجدد العدوانيين من ناحية أخرى والذي يقال إنه صاحب فكرة غزو العراق والذي حث البيت الأبيض لدخول المعركة. ولذلك قلت للبروفيسور لويس: أنا متشوش وفي حيرة من مواقفك. وأجابني: «وأنا أيضا في حيرة». ويضيف: «لقد حرفوا كلامي وأساؤوا فهمي». وأضاف: «بعض الناس تحدثوا معي عن مستقبل العراق، تشيني على وجه الخصوص، وأحيانا استمعوا، وأحيانا لم يستمعوا». في الواقع، يؤكد لويس أن غزو العراق لم يكن الفكرة مطلقا. ما أراده مع صديقه أحمد الجلبي كان مجرد إعلان دعم من أمريكا للمنطقة الشمالية في العراق، التي كانت تدار بعيداً عن سيطرة صدام حسين منذ حرب الخليج الأولى. «لقد كانت مستقلة عمليا، وكانت حقا فعالة جدا، وبها ديمقراطية تعمل. وفي مناسبتين على الأقل قالوا إنهم يودون أن يعلنوا حكومة مستقلة للعراق الحر. لم يكونوا بحاجة إلى دعم عسكري أو مالي. بل مجرد إعلان مساندة من الولايات المتحدة. لقد طلبوا تلك المساندة من إدارة الرئيس بيل كلينتون وإدارة بوش الأب، ولكنهم لم يحصلوا عليها. وهذا ما طلبته أنا والجلبي».

هل كان يعتقد أن هذا كان سيؤدي إلى انهيار نظام صدام حسين؟ يجيب لويس: «أنا متأكد أنه كان سيؤدي إلى ذلك. لقد كانوا يقومون بعمل ممتاز وكانوا يحظون بدعم واسع في بقية العراق. وكان سيعمل كمثال للبلدان الأخرى». وهناك فكرة أخرى دعى لها لويس بخصوص الأمير الأردني حسن بن طلال (شقيق الملك الراحل حسين) ليصبح ملكا للعراق يقول لويس: «نعم، إنه من نفس الأسرة الهاشمية التي ينتمي إليها الملوك السابقين للعراق، وهناك العديد من الناس كانوا يعتقدون أن أفضل أمل لتحقيق الديمقراطية في العراق هو العمل بالنظام الملكي على الطريقة البريطانية. ومعظم الديمقراطيات التي استمرت لفترة طويلة وستستمر كذلك، هي أنظمة ملكية».

برنارد لويس كما أعتقد، هو بالتأكيد من المحافظين الجدد وأعماله تتضمن الكثير من الإشارات التي تجعل تسمية «المحافظين الجدد» تلصق به، ولكنه يملك عاطفة كبيرة وحب للشعوب والدين في الشرق الأوسط وتعلق رومانسي لماضيهم. كما أنه ينسب الكثير من المتاعب في المنطقة للتأثير الضار للأفكار الغربية. بل إنه يقول عن فكرة معاداة السامية رغم كونه يهوديا: «إنها استيراد حديث نسبيا من أوروبا إلى العالم الإسلامي».

يقول لويس «كراهية ومعاقبة الناس المختلفين أمر طبيعي. ولكن معاداة السامية هي شيء مختلف، إنها تكريم مذموم لليهود، أي نوع من الشر الشيطاني». اليهود لم يواجهوا مشاكل في الأراضي الإسلامية، كما يقول، ولكن المسيحيون هم الذين كانوا الخطر الحقيقي. اليهود اعتبروا جبناء من العرب. يروي لويس نكتة عثمانية قديمة تتهكم باليهود: «قبل استيراد معاداة السامية الأوروبية، وفي وقت الحرب في البلقان، رغب اليهود في إسطنبول بعمل مساهمة عسكرية، فسألوا: هل يمكن تشكيل لواء يهودي؟ قال العثمانيون: نعم، وسلحوهم وزودوهم بالمتاع. ثم عندما حان وقت انطلاق اللواء اليهودي، قال اليهود: هل يمكن أن نحصل على حراسة الشرطة حتى الوصول إلى ساحة القتال لأن هناك عصابات على الطريق»!!! يتوقف لويس ويضيف ضاحكا: «لا يمكن أن نسمي ذلك معاداة للسامية، أليس كذلك؟ إنها نكتة مهينة، وليس فكرة كونية شريرة».

وعلى الرغم من أنه ليس متفائلا، خوفا -كما يقول- على مستقبل «الإسلام السمح» الذي يحترمه، إلا أن نبرته مع تقدمه في السن ودنو أجله تبدو منطقية وغير عاطفية حيث يقول بحزن: «عمري 94 سنة، وجميع الناس الذين أعرفهم ماتوا». ولكن لماذا ينسب طول عمره وعنفوانه؟ يجيب: «الجينات، وأشرب سكوتش قبل العشاء كل مساء».

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة