ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 19/01/2012/2012 Issue 14357

 14357 الخميس 25 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

أصدر مجمع اللغة العربية قرارًا بتأنيث الوظائف هذا نصّه: «لا يجوز في ألقاب المناصب والأعمال -اسمًا كان أو صفة- أن يوصف المؤنث بالمذكر، فلا يقال: فلانة أستاذ، أو عضو، أو رئيس، أو مدير» (في أصول اللغة، 3: 59). ولكن المجمع أجاز الأمرين في معجمه الوسيط، وهذا نصه: «(العضو) جزء من مجموع الجسد كاليد والرجل والأذن والمشترك في حزب أو شركة أو جماعة أو نحو ذلك وهي عضو وعضوة».

ولعلي أتوقف في مذهب مجمع اللغة العربية إلى إباحة عدّه صفة محضة تتحلى بالتاء تحلي الصفات المشتقات من الأفعال، وهو توقف سبقني إليه باحثون منهم ابننا الدكتور خالد العصيمي في كتابه الضخم (القرارات النحوية والتصريفية).

كانت الوظائف والأعمال في حياة العرب القديمة من شؤون الرجل يتحمل وحده أعباءها؛ ولذلك يوصف بها الذكر وحده، وإن صادف أن تولت امرأة شيئًا منها لم يغير الوصف؛ لأنه لم يبلغ من الكثرة ما يقتضي تمييزه، قال المفضل بن سلمة «قالوا: أميرنا امرأة، ووصيُّ بني فلان امرأة، ووكيل فلان ورسوله امرأة، وكذلك شاهد ومؤذن، فلم يدخلوا في شيء من هذا الهاء، وليس بمصروف عن جهته؛ وإنما حملهم على ذلك أن هذا الوصف إنما يكون في الرجال دون النساء؛ فلما احتاجوا إليه في النساء أجروه على الأكثر من موضعيه» (1).

جاء التخير الاستعمالي وفاق الوضع الاجتماعي المرهون بظروفه التاريخية، وليس لأمر لغويّ تصريفي؛ فالتصريف لا يمنع التمييز بين الجنسين؛ إذ الصفات المشتقة من أفعالها يميز بين المذكر والمؤنث منها بتحلية المؤنث بتاء التأنيث، فيقال تصريفًا: أمير وأميرة، وصيّ ووصيَّة، وكيل ووكيلة، رسول ورسولة،شاهد وشاهدة، ومؤذن ومؤذنة؛ ولكنهم استعملوا صيغة المذكر لاحتياجهم إليها وأهملوا الأخرى استغناءًا.

ونحن اليوم في وضع تغيرت أحواله، إذ شاركت المرأة الرجل أعماله فحقّ لها من الوصف ما له؛ ولذلك صارت العرب تؤنث الوظائف إن كانت وصفًا للمرأة، فيقال مديرة ووزيرة ومعلمة وأستاذة.

أما ما نقل من المصادر والأسماء إلى الوصفية فإن التصريف لا يقبل أن يميز بين مذكره ومؤنثه بالتاء؛ لأنه ليس بصفة مشتقة من فعل، وكذلك ما جاء مؤنث اللفظ لا تنزع منه تاء التأنيث إن جعل لمذكر، مثال ذلك من المصادر (عدل) فيقال: رجل عدل وامرأة عدل؛ فلا مدخل لتأنيث (عدل) لأنه مصدر، وليس بوصف مشتق مثل (عادل) الذي يجوز لك فيه (عادلة)، ومن المصادر المؤنثة اللفظ (رحمة)، فتقول: رجل رحمة وامرأة رحمة، فلم تغيّر (رحمة) كما لم تغيّر (عدل)، وكذلك شأن الأسماء المستعملة في الوصف لا تغير عن جنسها، مثال ذلك (عضو) فالعضو ليس بوصف مشتق من الفعل فيصح في التصريف أن يتحلى بالتاء، ولذلك يقال: زيد عضو من اللجنة، وفاطمة عضو من اللجنة، فالمنع فيه لأمر تصريفي لا اجتماعي، ولعل المجمع ذهب إلى ما ذهب إليه لما حدث من انتقال اللفظ مجازًا من الدلالة الحسية إلى الدلالة المجازية؛ إذ صار يدل على معنى المشترِك في الأمر، أي إن لفظ (عضو) صارت بمعنى (مشترك) فأجاز تأنيثه (عضوة) كما يجوز (مشتركة)، ولكن اللغة بغير حاجة إلى تنكب هذا، فكما نقول: امرأة عدل نقول امرأة عضو من اللجنة.

- (1) المفضل بن سلمة، مختصر المذكر والمؤنث، 50.

 

مداخلات لغوية
تأنيث الوظائف
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة